شوارع القاهرة أصبحت خالية من الباعة الجائلين.. هكذا يبدو الحال في شارع 26 يوليو والإسعاف ومنطقة وسط البلد التى كانت تعاني من العشوائية والمظهر غير الحضاري نتيجة تواجد الباعة الجائلين في كل شوارع وسط البلد، ولكن لاشك أن مشكلة الباعة الجائلين هى جانب من مشكلات مصر المزمنة ليس فقط بسبب انتشارها، إنما أيضا بسبب الطريقة التى يتم التعامل بها مع هذه المشكلة خاصة أن بعض الباعة مازالوا رافضين الانتقال من أماكنهم بحجة أنها مصادر رزقهم . موقع أخبارمصر ناقش عددا من المسئولين والمتخصصين فى كيفية مواجهة الظاهرة بحسم دون المساس بأرزاق الباعة الجائلين مع إقناعهم بالمكان الجديد بجراج الترجمان ، فقال اللواء محمد أيمن عبد التواب نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية إن الهدف من هذه الإزالات هو عودة القاهرة الجميلة كما كنا نراها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، فكل المصريين ينادون دوماً بعودة القاهرة الجميلة النظيفة الخالية من الإشغالات والزحمة في شوارع تعد من أجمل شوارع مصرخاصة أن الباعة الجائلين جعلوا الشوارع في حالة يرسى لها من سوء استخدام الأرصفة والطرقات أو وقوف في أماكن مخالفة مما جعل المنطقة عشوائية من أول الطرق إلى آخره. إظهار مصر الجديدة وعن الهدف الأساسي من نقل الباعة الجائلين ،قال اللواء عبد التواب: "هذه خطوة في إظهار القاهرة بشكلها الجمالي المعماري حتى يستطيع أي مصري أن يستمتع بها الآن بعد إخلائها من الباعة الجائلين الذين تم تحديد لهم جراج الترجمان وأرض وابور التليج التى ستكون جاهزة لنشاطهم في أقرب وقت ممكن بعد سنوات من المشاكل والمطاردة لهؤلاء الباعة ". وأكد نائب المحافظ أن ماتم تسكينه حتى الآن وصل عددهم إلى 2000 بائع ،فالكل مرحب وبدأوا في ترتيب بضاعتهم لكي يمارسوا عملية الشراء والبيع في مكان تتوفر فيه كل وسائل البيع براحة نفسية بعيداً عن المشاكل اليومية في الشارع المصري والخناقات مع أصحاب المحال والمطاعم. حيث يتم تجهيز الآن شركات للأمن والنظافة لمتابعة جراج الترجمان. رفع كفاءة الشوارع وبالنسبة لشوارع وسط القاهرة ، ذكر نائب المحافظ أنه سيتم البدء في رفع كفاءة الشوارع التى كانت مرتعا للباعة الجائلين من خلال هيئة الطرق وتجميلها مع العلم بأنه تم التنبيه على الباعة الجائلين بعدم التفكير في الرجوع إلى الشارع لأن ذلك سيقابل بكل حسم وحزم لأنه كما يقول المثل (السد يبدأ بسرسوب). واشار عبد التواب الى أن غرفة العمليات المركزية لم تسجل حتى الآن أي أعمال عنف أو شغب مع قيادات المحافظة وأن الجميع يقدر المسئولية وحرص الدولة على التعامل معهم بمنتهى التقدير والإحترام. المكان لا يصلح على جانب آخر قال أحمد حسين نقيب الباعة الجائلين إننا لا نقبل الانتقال إلى هذا المكان الذي لم يوفق المحافظ في إختياره وأنا أتحدى المحافظ إذا جاء المشترون إلى هذا المكان لأني أول المعترضين على هذا المكان وسنثبت للرأي العام أنه لا يصلح للبيع والشراء وهذا ما أحاول أن أقنع به زملائي بأن نصبر 10 أيام حتى نوضح للرأي العام حقيقية عدم ذهاب المواطنين ‘لى جراج الترجمان وبالتالي على الدولة توفير مكان يكون بديلاً عن هذا المكان. تسكين 2000 بائع وبالنسبة لعدد الباعة الذين تسلموا الكارنيهات الخاصة بهم قال نقيب الباعة الجائلين إنه تم تسكين 2000 بائع لكنهم معترضين على نقلهم لهذا المكان بالرغم من أنهم متأكدون من أنهم لن يستطيعوا أن يقفوا ضد القانون وضد الدولة المصرية لكن يجب على الدولة مراعاة ظروف اسر هؤلاء المواطنين الذين يريدون أن يعيشوا حياة كريمة بعيداً عن البهدلة والجري في الشوارع. عودة هيبة الدولة وإمن الناحية الاقتصادية ، قال دكتور مصطفي النشرتي وكيل كلية الإدارة والإقتصاد باحدى الجامعات الخاصة إن هذا نوعا من الإقتصاد السري الذي يقوم به هؤلاء الباعة في الشوارع خاصة أنهم يتاجرون في منتجات مجهولة المصدر تؤثر بلا شك على قيمة السلع في السوق وبالتالي تؤثر بشكل كبير على المنتجات المصرية التى تباع في المحال التجارية . وحول نقلهم من وسط القاهرة ،يرى النشرتى أن وجودهم في الإساس بالشوارع يعتبر اشغال طريق ومظهر غير حضاري وأغلبهم يتبع أسلوب البلطجة في التعامل مع المواطنين الذين يسيرون في الشارع أو رواد المحال ، فهم لا يدفعون الضرائب ولا مرخص لهم البيع في أي مكان ومعظم السلع التى يتاجرون فيها هي سلع مهربة من المنافذ الجمركية تضيع على الدولة أموالاً طائلة وبالتالي وجودهم بهذا الأسلوب يضيع هيبة الدولة وأسلوب بلا شك غير حضاري. وتمثل قضية الباعة الجائلين في مصر ثلث الإقتصاد الرسمي وتؤثر على قيمة المبيعات في السوق الرسمي وتضيع أموال التراخيص والضرئب التى تحصلها الدولة من الإقتصاد الرسمي وبالتالي ترحلهم من المناطق الحيوية إلى أماكن أخرى يعيد هيبة الدولة وسيطرتها على الإقتصاد. وحول الإدعاء بأن هذا يحد من البطالة في مصر!، قال النشرتي: هذا أسلوب غير شرعي للحصول على أموال بطريقة غير شرعية ،فلدينا الصندوق الإجتماعي للتنمية الذي يقدم قروضا بلا فوائد للمشروعات متناهية الصغر والدولة تقدم لها الدعم في شكل معارض لبيع المنتجات وبالتالي هذا هو الإسلوب الأفضل لعلاج مشكلة البطالة في مصر. وأخيراً .. قضية الباعة الجائلين هى مشكلة تتمثل في توفير مكان آمن لهم يحقق لهم عيشة كريمة وتبعدهم عن طرق الإنحراف التى تؤثر بكل تأكيد على الوضع الأمني في مصر. أما الثاني هو المحافظة على شوارع القاهرة حتى تكون متنفساً للمصريين ومظهرا حضاريا لأي أجنبي يأتي إلى مصر.