صباحي: إن إصرار السلطة الحاكمة في مصر على مشروع الدستور الذي اعتبره «شق الصف الوطني»، لن يكون في صالح الاستقرار الذي يؤدي إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية. وحذر القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة التي تشكلت بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي الشهر الماضي، من الانفجار الاجتماعي في مصر، مشيرا إلى أن بسطاء المصريين الذين انحازوا إلى خيار«نعم » في الدستور الجديد من أجل الاستقرار هم من سيخرجوا للثورة على النظام الحاكم الذي يسعى لإنتاج ديكتاتور جديد، بحسب قوله، في حوارة له مع وكالة الاناضول للانباء.
واعتبر المعارض السياسي أن حصول الدستور الجديد على موافقة 64 % في نتيجة الاستفتاء، بانخفاض 13 % عن استفتاء الإعلان الدستوري في مارس2011 إبان المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد، هو خير دليل على تآكل شعبية الإخوان المسلمين، التي كانت تقف خلف خيار نعم في المرتين. وفيما يلي نص الحوار: *بداية كيف ترى المشهد السياسي في مصر مع إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور الجديد، واتجاه الأغلبية للموافقة عليه؟ مصر ستدخل فترة ليست بالقصيرة من الاستقطاب السياسي، الذي ستكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار، بسبب فرض دستور ليس عليه توافق وطني. *ولكن هناك محاولات بذلت من جانب مؤسسة الرئاسة لعلاج هذا الاستقطاب؟ -كلها محاولات فاشلة وغير منصفه هدفها إخضاع المعارضين وليس التفاوض معهم. *نائب الرئيس محمود مكي طرح مبادرة قال فيها إنه على استعداد لأن يأتي إليكم في المكان الذي تحددونه؟ - محمود مكي لم تعد له مصداقية، وإن جاء إلينا فلن يستقبله أحد كما ينبغي، لأنه فقد قدرته على الاحتواء بعد وقوفه إلى جانب الإعلان الدستوري المستبد الذي أصدره الرئيس مرسي.
*وماذا عن موقفكم من الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ - هناك اتجاه للمشاركة، لكن القرار النهائي لم يتخذ بعد، لأننا في انتظار قواعد إجراء الانتخابات التي سيحددها قانون الانتخابات الذي سيصدره مجلس الشورى، وقد يتغير هذا التوجه في ضوء ما سيأتي به القانون.. لكن في كل الأحوال انا أميل شخصيا للمشاركة، وأتوقع الحصول على الأغلبية على حساب الإخوان.
*على أي أساس بنيت توقعك، والشعب كما تشير مؤشرات نتائج الاستفتاء، انحاز لخيار " نعم " الذي دعمه الإخوان المسلمين؟ **لا شك أن الاستفتاء شهد عمليات تزوير واسعة النطاق تم توثيقها، ولو أجريت الانتخابات بنزاهة وشفافية تامة، لفاز خيار " لا " بدون شك. *وكيف ستحصلون على الأغلبية مع وجود التزوير الذي تشتكون منه؟ - في الانتخابات البرلمانية هناك ضمانة لعدم حدوث التزوير، وهي وجود مندوب عن كل مرشح في اللجان الانتخابية، وهي ضمانة لا توجد في الاستفتاء. *هناك تصريحات صحفية نشرت لكم قلتم فيها إنكم ستقبلون بنتيجة الاستفتاء، ومع ذلك أنت تقر الآن بحدوث تزوير؟ **نتيجة الاستفتاء التي ستعلنها اللجنة العليا للانتخابات ليست معبرة عن الحقيقة وعن اتجاهات التصويت، وتوجد طعون كثيرة على النتيجة سيتم إرسالها للنائب العام واللجنة العليا للانتخابات، ولكننا سنقبل بالدستور كأمر واقع وسنتعامل معه ونسعى لإسقاطه بكل الطرق الشرعية والسلمية. *إذن أنت تعترف بنجاح أنصار " نعم " في فرض أمر واقع هو الدستور الجديد؟ -هناك رسائل أرسلها الاستفتاء على الدستور الجديد، منها أن نسبة الموافقة حوالي 64 % رغم التزوير، وأن المشاركة لم تتعدى 30 %، وهذه رسائل كافية للسلطة الحاكمة مفادها أن الدستور فشل في تحقيق التوافق الوطني، فالنسبة التي يبدأ من عندها التوافق هي موافقة الثلثين، والمؤشرات تقول أننا لن نصل لذلك. ورغم أن هذه النتيجة كان الجميع يتوقعها إلا أن الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين تمادوا في غيهم حتى وصلنا إلى دستور يشق الصف الوطني ولا يوحده. *ولكن بعض القطاعات البسيطة من المواطنين لا تستوعب معركتكم الدستورية، بل أنها تعيب عليكم عدم قبول دعوة الحوار التي أطلقها نائب الرئيس لتحقيق التوافق؟ ** مبدئيا هذه لم تكن دعوة للحوار، لكنها كانت حفل علاقات عامة، ومن حق شعبنا أن ينتقدنا، فشعبنا باحث عن استقرار. لكن في المقابل الاستقرار يحتاج لتوافق، ومشكلة الدستور أنه ضد التوافق، ومن يتحمل مسئولية هذا الوضع هو جماعة الإخوان وفي مقدمتهم الرئيس باعتباره المسئول، وبنسبة أقل من المسئولية تأتي المعارضة، ولكن الإخوان اغتروا بقوتهم، معتقدين أنهم أغلبية، وأنا أقول لهم : كلنا أقلية متفاوتة في العدد، والأغلبية هي لجموع الشعب. *ولكن هذه الأغلبية التي تتحدث عنها من الواضح أنها لا تزال تفضل الإخوان، بدليل أنها منحت صوتها لخيار نعم ؟ - القراءة المنصفة لنتائج الدستور تقول أن شعبية الإخوان في تناقص، وحصول الدستور الجديد على موافقة 64 % في نتيجة الاستفتاء، بانخفاض 13 % عن استفتاء التعديلات الدستورية في مارس 2011 ، هو خير دليل على تآكل شعبية الإخوان المسلمين، التي كانت تقف خلف خيار " نعم " في المرتين، ومعنى ذلك أننا لو سرنا بنفس المعدل سنحقق الأغلبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة. *أنت هنا تفترض أن المنافس يغفل هذه الحقيقة ولن يسعى لعلاجها؟ -إذا نظرنا لخريطة " نعم " و " لا " ستجدها ترتبط بدرجة الوعي وتوفر الحد الأدنى من لقمة العيش، ومن هذا المنطلق تستطيع القول أن خيار ( لا ) جاء من المدن، بينما جاء خيار ( نعم ) من الريف المصري المظلوم والمهمش الذي يسعى للاستقرار، فربما لم تصل وجهة نظرنا لهم، لكني على ثقة أنهم سيتغيرون بالتدريج، عندما يجدوا خطابا اجتماعيا جادا، لأن قلوبهم واعية جدا.. ونتيجة الاستفتاء كما قلت سابقا تحمل مؤشرات لذلك. وفي المقابل، فإن الإخوان على ما يبدوا لم تصلهم تلك الرسالة، وكما قلت سابقا هم مغترون بقوة مزيفة، وكل همهم إعادة إنتاج صورة الرئيس الديكتاتور، والبسطاء الذين يعولون عليهم لن يقبلوا بذلك، ناهيك عن ان الديكتاتور لم يوفر لهم لقمة العيش بسب انشغاله عن قضايا العدالة الاجتماعية، لذلك فأنا أحذر من انفجار اجتماعي سيطيح بالجميع، وسيكون أكثر المضارين منه الإخوان لأنهم من يملك السلطة الآن. *هل تتفق مع الرؤية التي تقول أن الإخوان مدعومة بأطراف إقليمية ودولية؟ ** الإخوان تنظيم عالمي بطبعه، ومن المؤكد أن وفق الشواهد الحالية فإن الرئيس مرسي محل رضا أمريكي وإسرائيلي وتركي، ولكن لا يعني ذلك التشكيك في وطنيتهم، فما بيننا وبينهم خلاف سياسي لا أكثر، بحكم وصولهم للحكم وانتهاج ممارسات استبدادية. *اسمح لي أن أنقل لك بعض ما يدور في عالم الفيس بوك، ومنه انتقاد البعض لتعاونك مع عمرو موسى، رغم أنك قلت في فترة الانتخابات الرئاسية إنك لا يمكن أن تتعاون معه، ووصفته بأنه من رجال الرئيس السابق حسني مبارك؟ - مبدئيا تعاوني مع عمرو موسى لا ينفي الخلاف معه، وانتقاداتي السابقة له لا تزال قائمة، ولكن الموقف الراهن استدعى التعاون معه، كما أنه استدعى التعاون مع السيد البدوي رئيس حزب الوفد رغم عدم رضا البعض عن ذلك. وأقول لمن يردد هذه الانتقادات إرجع للظرف الذي استدعى التعاون، فنحن وجدنا أنفسنا أمام رئيس مستبد يريد أن يسيطر على كل شىء، وهذا ظرف لم يكن لدينا فيه ترف الانتقاء من يقف معنا أو ضدنا. وبالمناسبة، هناك من طلب التعاون معنا غير عمرو موسى، ولكن كان من الصعوبة الموافقة على ذلك، فعمرو موسى على الأقل لم تتلوث يده بدماء الشهداء، ولم يكن في السلطة وقت الثورة، ولم يتخذ موقفا عدائيا من الثورة. *من الانتقادات التي توجه لك - أيضا – هي مصادر تمويلك، التي يقول البعض ان عليها علامات استفهام؟ - هذه اتهامات تحركها أحقاد سياسية من أشخاص منحطين أخلاقيا، فأنا المرشح الرئاسي الوحيد الذي نشر مصادر تمويله إعلاميا، وأقول لمن لديه أي دليل ضدي في هذا الاتجاه يقدمه للنيابة، وبالمناسبة أنا أدعو كل القيادات السياسية، بما فيها مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين بكامل تشكيله إلى محاكمة علنية، يكشف فيها الجميع عن مصادر دخله، وما يملكه من سيارات ومنازل ورصيد بالبنوك. *من الشأن المصري إلى الشأن السوري، هناك من يتهمك بأنك تأخرت كثيرا في الإعلان عن موقفك من جرائم نظام بشار الأسد؟ -هؤلاء يريدون أن يقولون أن هناك ثمة علاقة مع نظام بشار الأسد، وأقولها صريحة أنا لا تربطني أي علاقة بنظام بشار أو أي نظام عربي، وما صدر مني من تأييد لأنظمة حاكمة، كان تأييدا لمواقفها في مواجهة عدوان خارجي، وبخلاف ذلك لا توجد أي علاقة.. يعني باختصار لم أتلق تمويلا من أحد، فأنا رجل بسيط يستغني بالله عن الأنظمة والحكام ، ويكفيني حب الناس فهذا أكبر كنز. *وما هو تقييمك للمشهد الحالي في سوريا؟ - معقد للغاية ، وأرى أن أي حل لابد أن يبنى على أساس إنهاء نظام بشار الأسد، وكذلك وضع حد للتدخل الأجنبي من خلال الميليشات المسلحة التي ترتدي ثوب الثورة ومقاومة النظام وتحصل على تمويل من أطراف إقليمية ودولية، وهذا لن يتحقق إلا ببلورة حل شعبي سياسي يحظى بتأييد ودعم الشعب السوري بجميع أطيافه، لأنه لا أحد يستطيع أن يغامر حاليا ويقول أطيحوا بنظام الأسد لصالح ميليشات مسلحة. وفي ظل احتكام الطرفين للسلاح، فإن الوضع في سوريا يبدو معقدا للغاية، ولا يوجد أفق قريب للحل، ومع أني لا أحب النظرة للماضي، لكن استطيع القول أن الثورة السورية لو كانت سارت على نهج الثورة المصرية والتونسية بتحمل إراقة الدم لفترة، من أجل استلهام قوة أخلاقية تطيح بالنظام، كان أفضل من الاحتكام لتبادل القتل، فهذا يجعل المشهد معقدا. *وما رأيك بالائتلاف الوطني السوري، ألا يعتبر حلا شعبيا، كالذي تدعو إليه؟ - ليست لدي معلومات كافية عن تكوينه حتى أستطيع أن أحكم.