أنا مع الحرية وضد أى نوع من الديكتاتورية...ولهذا من البديهي أن أرفض الإعلان الدستوري الذى أطلقه مرسى علينا فى مساء الخميس 22 نوفمبر 2012 ولكنى وللآسف وجدت نفسي أؤيده وبشدة. وكان موقفي السريع غريب على نفسي وعلى عقلي وعلى كل مكتسباتى الظاهرة والباطنة..وعلى مدار عدة أيام أخذت أفكر لماذا أخذت هذا الموقف المؤيد للرئيس ولماذا هذا الاطمئنان لهذا ومازال عقلي يعمل وحوارات دائرة مع الجميع فى الشارع والقهوة والفيس بوك والتويتر ومع مؤتمر القضاء فى مصر وتصريحات النائب العام السابق فيه وجدت نفسي أسأل أليس القضاء الذى يقف فى وجه مرسى اليوم هو نفسه الذى أعطى البراءة فى كل قضايا قتل الثوار للنظام السابق فكيف يتحدث عن الثورة والشهداء اليوم وهل من الطبيعي أن أقف مع الزند وتابعيه ضد رجل انتخبته من أجل أن يُسقط هؤلاء ويُسقط دولة مبارك ويستكمل للثورة أهدافها.
فكل ما أراده الرجل أن يكون محصن ضدهم بعد أن حصنته الديمقراطية باختيار الشعب له ,ولم يرغب فى أن يكون كما يتصور ويتخيل الكثيرين الحاكم بأمر الله فما فعله هو القليل من سلطته ولديه الكثير يمكن فعله ومن يريد أن يكون حاكما بأمر الله او ديكتاتوريا لديه الكثير من الطرق التى هي فى يد الرئيس اليوم مثله مثل الكثيرين من قادة الثورات او حكام مابعد الثورة مثل عبد الناصر مثلا و الخومينى مثلا.
وكلاهم قتل واعتقل المختلفين معه سياسيا وأيضا ثوريا أما هذا الرجل فقط جعل من نفسه رئيسا مُحصنا بشرعية الإنتخابات والناس حتى فترة مؤقتة وهى وضع الدستور وانتخابات مجلس الشعب وهذا بالفعل ماقاله معتز بالله عبد الفتاح فى إحدى مقالاته عن الشأن وهو يعبر بشكل رائع عن الأمر عندما قال "هناك رسالة قوية لا بد من إرسالها للرئيس مرسى وهى أن تحصين قراراته ضد أحكام القانون هو خروج على تقاليد الدول الديمقراطية، ولا مبرر له، ومع ذلك قد يُقبل فقط باعتبار قراراته قرارات استثنائية غير قابلة للتكرار، وبهدف إنهاء المرحلة الانتقالية ولها مدى زمني محدد وهو الشهور الخمسة القادمة (شهران للتأسيسية، وثلاثة أشهر لانتخاب مجلسي البرلمان الجديد).
ويكون من الأفضل أن نعمل معا فى التأسيسية من أجل دستور مقبول من الجميع بدون سلق وبدون حرق الدستور حتى لا تظل البلد بلا مؤسسات، وكلما عملنا مؤسسة نرفع قضية لحلها. مع الأسف، لا أرى بديلا أفضل فى ضوء هذا الجنون الجماعي، وحتى لا تتحول المسألة لحرب أهلية فعلية"
لذا لابد أن نفكر بشكل واقعي وعقلاني ونضع أنفسنا محل هذا الرئيس ..هذا الرجل ماذا كان يمكن لمثله أن يفعل ...لقد استخدم الحد الأدنى من صلاحياته...أليس هو من أراد عودة مجلس الشعب ووقف القضاء أمامه ودخل معه معركة سياسية وجعله يرجع عن قراره...مع أن بعض التفكير يقول أن هذا الرجل عندما حاول إرجاع مجلس الشعب كان يريد أن يتنازل عن السلطة التشريعية لصالح المؤسسة المنتخبة ..أى انه كان لايريد لنفسه أن يكون ديكتاتورا او حاكما بأمر الله..
ولكن هى السياسة والقضاء والمصالح جعلتهم يعملون ضده ويجعلونه يرجع فى قراره ليظهروه الرجل الرئيس الضعيف وعلى الرغم من الانتصار الظاهري إلا أن الرجل فى واقع الأمر هو المستفيد ومع هذا لم يستخدم السلطة التشريعية ...أى انه أراد مؤسسة تشريعه ووقفوا ضده...هذا الرجل الذى أراد أن يكون بإعلانه الدستورى أن يكون رئيسا كامل الصلاحيات مثله مثل أى رئيس ولكن الكثيرين من الساسة والفلول والقضاة ورجال المال ورجال الدولة العميقة الفاسدة لايريدون له أن يكون رئيسا فعليا ولا يريدون حتى الاعتراف بوجوده كرئيس منتخب وشرعي.
وإذا تمعنا فى الأمر سيولد سؤال ..هل هناك قرار واحد تم إلغاءه لأى رئيس دولة سابق لمصر سواء كان عبد الناصر او السادات او مبارك...سوف نجد أنه لم يحدث أبدا على مدار تاريخ الجمهورية المصرية منذ إنشاءها من 60 عاما ولكن مع مرسى حدث مرتين فى ألعاب سياسية قضائية,وأيضا إذا طرحنا نفس السؤال هل حدث هذا فى أى دولة فى العالم صغيرة او كبيرة ,متخلفة او متقدمة سوف تجد الإجابة أيضا لم يحدث سوى فى مصر فقط فى عهد رئيس مابعد الثورة قبل مجموعة من القضاه او السياسيين .
إن حصانة رئيس الجمهورية موجوده بالفعل بعد الإنتخابات فى كل دول العالم...فكر قليلا فى رئيس واحد فى أى دولة فى العالم تم جبره على الرجوع فى قراراته ؟؟ لن تجد وفكر أيضا هل يوجد أى رئيس غير محصن ,لن تجد سوى هذا الرجل يريد الجميع له أن يكون مجرد رئيس لايمكنه أخذ قرار وتنفيذ.. وهذه هي المعضلة النهائية التى وصلنا إليها..هل نريد رئيس كامل الصلاحيات...أم لانريد رئيسا ..أم نريد رئيسا ضعيف يرجع فى قراراته لان كل ذي سلطة يحكم معه مصر