مؤسسة الفساد ما زالت فى الحكم.. انعدام الشفافية ما زال مسيطرا على القرارات والمواقف فى السلطة الحاكمة.. كنا نتخيل أنه بعد ثورة قامت من أجل الحرية.. وانتخاب أول رئيس للجمهورية بعد الثورة.. أن قيم الحرية سيتم إعلاؤها تنفيذا لأهداف الثورة ومطالبها، وأن تكون الشفافية هى سيدة الموقف حتى لا تقع مرة أخرى فى سجن الاستبداد والفساد.. وإهدار أموال البلاد وسرقتها وتهريبها.. وتوزيع المغانم على المحاسيب.. وهو ما كان يجرى فى ظل نظام مبارك «المخلوع» وعصابته..
ويبدو أن الأمر لا يتغير كثيرا.. ودعكم من فترة حكم العسكر التى فشل فيها جنرالات معاشات المجلس العسكرى فى إدارة شؤون البلاد.. وأساؤوا إلى البلاد والشعب كما أساؤوا إلى الجيش.
لكن نتحدث عن مؤسسة الرئاسة التى يجلس على عرشها رجل يدَّعى الثورية.. واعتمد فى نجاحه فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية على أنه مرشح الثورة ودعا كل القوى الثورية إلى الوقوف بجانبه ضد عودة بقايا النظام السابق وقد حدث.. ولكن ماذا فعل الرئيس الثورى بعد ذلك؟
إنه يسير على خطى الرئيس المخلوع.. ويحافظ على رجاله وأدواته.. ومؤسساته..
ونفاجأ بقرارات تصدر دون شفافية ولصالح مجموعة خاصة كما جرى فى قرارات العفو التى صدرت واضحة وصريحة وسريعة لصالح مجموعة ينتمى إليها الرئىس أو متحالفة معه.. أما شباب الثورة والذين ألقى القبض عليهم خلال أيام الثورة وجرى محاكمتهم عسكريا.. فما زالوا يخضعون للبحث فى لجان قبل صدور قرار العفو!
ولعل الفضيحة الكبرى للرئيس هو منحه لنفسه أوسمة ونياشين الدولة.. وهو الذى قادم إلى الرئاسة منذ أيام فماذا فعل من أجل أن يحصل على تلك الأوسمة. وبالطبع قد حصل على ذلك بعد أن سلم نفسه لأجهزة النظام القديم التى وضعته فى قالب الرئيس المخلوع، ويبدو أنه استسلم لذلك.. وتنازل عن ادعائه الثورية.. وأنه الرئيس الثورى.
وبرروا له منحه لنفسه تلك الأوسمة بأن هناك قانونا سبق للرئيس أنور السادات أن اعتمده لكى يحصل على الأوسمة والنياشين وحتى القانون 12 لعام 1072 يستطيع منح مثلها أو الأدنى منها.
ولم يصبر السادة الفاسدون فى الرئاسة والذين كانوا رجال النظام «المخلوع» فى تبرير الفساد للرئيس الجديد.. ويشيرون عليه بذلك.. لكى يحصل عليها.. حتى يستطيع أن يمنحها لغيره وكأنه متسرع لمنح أوسمة البلاد لمن يحبهم (وهو يحب كثيرا).
وجرى ذلك ولم يكن أحد يعلم عنه شيئا، فرجال المؤسسة (الرئاسة) يعملون فى السر كما كانوا يفعلون مع مبارك.. والرئيس طبعا رجل جاء من تنظيم سرى.. فاتفق الاثنان على الشعب فى التكتم فى القرارات وعدم الشفافية.. وتنازل الرجل عن وعوده التى أطلقها للثوار فى أثناء جولة الإعادة لمساندته ضد النظام القديم.. ليفاجئ الثوار أنه يتحالف مع النظام القديم كما جرى فى حكومة قنديل أو احتفاظه برجال النظام القديم الذين يعلمون اللف والدوران.. كما احتفظ الكتاتنى برجال فتحى سرور فى مجلس الشعب قبل أن ينحل.. وكذلك أحمد فهمى برجال صفوت الشريف فى مجلس الشورى ولتنفيذ عملية رؤساء التحرير بنفس الطريقة التى كان ينفذها صفوت الشريف.. لكن مع استبدال بالرئيس ولجنة السياسات وأمن الدولة مكتب الإرشاد وخيرت الشاطر ومخبرين جدد يعملون سماسرة لعمال ترحيل (واسألوا فرج الدرى الذى علم أحمد فهمى كيف ينهى الجلسات.. وهو يمرر القرارات السابقة التجهيز كما كان يفعل صفوت الشريف).
ولعله فعلا قد أرسل الرئيس محمد مرسى ابنه إلى المطار ليلحق بزعيم حركة النهضة التونسى لكى يعطيه وساما من الدولة.. فقد أصبح الرجل محصنا بالأوسمة والنياشين لكى يمنحها لمن يشاء. إنه غياب الشفافية..
لم يتعلم الرئيس محمد مرسى الدرس مما كان يفعله الرئيس السابق.. وما زال يسير على النهج.. وبدلا من استخدام صلاحياته التى وضح الآن أمام الناس كلها أنه رجل كامل الصلاحيات وربما أكثر مما كان عليه الرئيس المخلوع لوقف تلك المهازل.. والتعامل بشفافية مع الناس إلا أنه ومن معه يستهترون وقد أعجبتهم كثرتهم! (يا أيها الرئىس.. الشعب يريد الشفافية).