النتيجة الرئيسية التى يمكن استخلاصها من معركة رئيس الجمهورية والنائب العام هى أن محمد مرسى ينبغى أن يعيد النظر فى دائرة مستشاريه للشئون القانونية بأسرع وقت ممكن. لا يعقل أن يتخذ رئيس الجمهورية قرارا بمثل هذه الخطورة من دون وجود دراسة كافية، ومن دون حسبان كافة ردود الأفعال والعمل فقط بنظرية التجريب.
لا يعقل أن يستمر المستشارون القانونيون فى ارتكاب أخطاء فادحة مثل قرار امس الاول الخميس ومثل قرار إعادة مجلس الشعب المنحل، ومثل قرار أداء قسم رئيس المخابرات العامة على المصحف والولاء لرئيس الجمهورية.
لا أعلم من يقدم النصائح والاستشارات القانونية لرئيس الجمهورية، لكن الرجل قال انه يستشير الكثيرين وهو شىء جيد، لكن أن نصل إلى اللحظة التى وصلنا فيها فالمؤكد أن هناك مشكلة. المعلومات التى أملكها تقول إن قرار إعفاء النائب العام لم يعلمه معظم مستشارى الرئيس، وأكاد أجزم أن بعضهم لم تعجبه هذه المعالجة للقضية.
لاحظوا أننا نتحدث هنا عن مشكلة فنية بحتة وهى اننا نسعى إلى قرارات وسياسات محصنة قانونية وبالمعنى البلدى فإن «الترزى» الذى فصل هذه القرارات والقوانين «مش صنايعى».
لا نتحدث عن الرأى السياسى فى هذه القرارات وهل هى صحيحة أم لا، نتفق معها أم نختلف عليها، بالطبع من حق أى شخص أن يرى ما فعله مرسى صوابا باعتباره يصب فى مصلحة الثورة بالنظر إلى الاتهامات الموجهة للنائب العام بأنه عقبة فى تحقيق العدالة الثورية. وفى المقابل من حق آخرين أن يتعاطفوا مع موقف المستشار عبدالمجيد محمود دفاعا عن سيادة القانون التى نتغنى بها.
رأيى الشخصى أننا لا يمكن أن نتحدث عن عدالة ثورية وعدالة قانونية فى وقت واحد. كنت أتمنى من البداية أن يتخذ المجلس العسكرى قرارات ثورية تنجح الثورة على الأرض، ولم يحدث ذلك وراهنا على محمد مرسى الرئيس المنتخب بإرادة شعبية، لكن الرجل يبدو أنه لا يزال مترددا ما بين الثورية والتقليدية.
ولكى يكون مرسى ثوريا فلا يكفى أن يتخذ قرارات عنترية، المهم أن يكون حاصلا على توافق بقية القوى السياسية، حتى لا تصب قراراته الثورية فى خدمة جماعة الإخوان المسلمين فقط وتزيد من فرص سيطرتهم على المجتمع.
أكثر ما يخشاه المرء أن يزداد انقسام القوى الثورية بفعل الصدام بين مرسى ومؤسسة القضاء. لو أن الرئاسة وجماعة الإخوان تصرفوا بمنطق انهم قوة من بين قوى كثيرة فى المجتمع لضمنوا تأييد كل قوى الثورة لأى خطوة يتخذها الرئيس حتى لو كانت تتصادم مع دولة القانون، لكن استمرار الانشقاق والخلافات بين الإخوان ومعارضيهم الذين كانوا أصدقاءهم حتى وقت قريب تنذر بعواقب وخيمة رأينا نذرها فى الاشتباكات التى تمت بعد ظهر أمس الجمعة فى ميدان التحرير.
مطلوب من الرئيس مرسى وكبار مستشاريه القانونيين إعادة النظر فى الطريقة التى يعملون بها وحسم أمرهم: هل يريدون عدالة ثورية أم سيادة قانون حتى لو كانت الأخيرة تعنى القبول بوجوه وسياسات لا يحبونها.
وحتى بعد حسم هذا الأمر مطلوب من المستشارين القانونيين التعلم ممن سبقوهم، بل عليهم تعلم كيف كان يعمل ترزية القانون فى عهد أنور السادات وحسنى مبارك.
وهل يعقل أن يخرج بعض المحسوبين على الرئاسة للقول إن عبدالمجيد قبل الاعفاء ثم نفاجأ بالرجل بعد دقائق يقول إن كل ذلك غير صحيح.. أين الكفاءة فى الاداء؟.
أخشى أن يجد محمد مرسى نفسه مضطرا فى وقت قريب لاستشارة الدكتور فتحى سرور فى كيفية القضاء على النظام الذى كان سرور واجهته القانونية!!.