أزمة كتابة الدستور وتشكيل الجمعية التأسيسية توضح مدى العجز الذى عليه جماعة الإخوان.. والاستقواء بذلك بالقرارات والقوانين خصوصا بعد أن أصبحوا فى السلطة ويقبضون عليها. فكان مجلس الشعب المنحل فى يدهم. ورئيس الدولة الآن بسلطات إمبراطور فى يدهم. فعملوا لصالح نظرة الجماعة الضيقة لا من أجل الشعب. لقد صار الأمر مفضوحا الآن بعد حكم المحكمة الإدارية بإحالة دعاوى حل الجمعية التأسيسية الثانية إلى المحكمة الدستورية بحيثيات تكشف تصرف الرئيس مرسى لصالح جماعة الإخوان وضد إرادة هذا الشعب، الذى خرج فى ثورة ضد الاستبداد والطغيان ومن أجل دستور يليق بهذا الشعب وتاريخه فى الكفاح والنضال من أجل الحرية والكرامة ودستور -وفقا لما جاء فى حيثيات حكم المحكمة- يجمع الأمة ولا يفرقها بصون الحقوق والحريات.. فلا يشعر مواطن أنه لا مكان له فيه أو أنه لا يرعى حقوقه أو لا يصون حرياته أو أنه مسلوب الكرامة فى وطنه.
. دستور يكون للشعب لا عليه.. يرسى الحكم الرشيد.. ويمنع الاستبداد أو الطغيان.. يضبط السلطة لمصلحة الحرية.. يمنع استئثار فرد أو أسرة أو جماعة بالحكم.. ويحقق حكم الشعب وسيادته.
دستور يليق بمصر وبالدماء الذكية التى سالت من أجلها.. يكتبه الشعب بعيدا عن سلطة حكامه.. دستور للمصريين فى أى مكان كانوا وفى أى زمان عاشوا.
لكن من قال إن الإخوان يريدون الشعب أن يكتب دستوره.. إنهم يريدون دستورهم، وأن يكون الشعب تحت السمع والطاعة.. خصوصا بعد أن نجحوا فى عقد الاتفاقات والصفقات فى السطو على الثورة والتسلل إلى السلطة.. واستطاعوا أن يسيطروا على جنرالات العسكر الذين أداروا الفترة الانتقالية أسوأ إدارة وأجهضت الثورة فيها وبمشاركة ورعاية الإخوان وحلفائهم، وحتى جرت انتخابات مجلس الشعب «المنحل» فإذا بهم يخاطبون الناس بأن شرعية الميدان قد انتهت.. وبدأت شرعية البرلمان، لن ينسى لهم التاريخ ذلك.. حتى وإن تخيلوا أن الناس قد نسيت ذلك. ولم تراع جماعة الإخوان حقوق الثورة وأهدافها، واستأثرت بتشكيل الجمعية التأسيسية الأولى التى تم حلها بعد ذلك بحكم المحكمة لعوارها.. إلا أنهم لم يتعلموا واستمروا فى طغيانهم على طريقة النظام القديم الذى لا يحترم شعبه..
بل كان يكرهه، فإذا بهم يشكلون التأسيسية الثانية على نفس طريقة الأولى وبالإصرار على الإبقاء على أعضاء مجلسى الشعب والشورى.. وبالطبع لأنهم يحتاجون إلى هؤلاء الأعضاء من ذوى السمع والطاعة.. وبغرور العاجز تحدوا الشعب واستمروا فى أدائهم.. فكان الطعن على التأسيسية مرة أخرى. وقد وعد الرئيس محمد مرسى فى أثناء جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية بتغيير تشكيل الجمعية التأسيسية وإعادة التوازن إليها للحصول على تأييد القوى الثورية.. وغسل يديه من المشاركة مع جماعته فى إجهاض الثورة والتحالف مع العسكر لقتل الثوار فى محمد محمود ومجلس الوزراء «بالمناسبة من أشرف على ما جرى فى مجلس الوزراء والتبول على الثوار وقتلهم هو رئيس حرس الدكتور محمد مرسى الآن». لكن الرئيس محمد مرسى لم يفِ بعهده..
نفذ تعليمات السمع والطاعة لجماعته بإصدار قرار بقانون رقم 79 لسنة 2012 -بعد ضربه عرض الحائط بحكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب وإصداره قرارا بعودة المجلس الذى لم يصمد 24 ساعة- بمعايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية الثانية وذلك بعد اختيار أعضاء الجمعية من قبل جماعة الإخوان ومباشرة أعمالها لمدة شهر تقريبا.. ولم يتضمن القانون أى ضوابط للاختيار.. أى قانون للمعايير دون معايير!! يا لفضيحة ترزية القوانين الجدد فى الرئاسة.. إنهم أسوأ فى الكفاءة من ترزية مبارك.
وهو ما جعل المحكمة تذكر فى حيثياتها «الأمر يشير إلى أن وضع المادة المشار إليها كان بهدف منع محكمة القضاء الإدارى من نظر الطعون التى أقيمت لوقف تنفيذ وإلغاء القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية»، بعد أن حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية الأولى.. وبعد أن تصاعدت الاحتجاجات الشعبية ضد القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية.. وأقيمت طعون عدة ضده أمام المحكمة فقصد من المادة الأولى المشار إليها تحصين القرارات الصادرة بتشكيل الجمعية التأسيسية من رقابة المشروعية التى تختص بها دستوريا محاكم مجلس الدولة، تفلتا من تلك الرقابة على وجه ينطوى على شبهة إساءة استعمال سلطة التشريع والانحراف فى استعمالها، وقد لجأ المشرع فى سبيل ذلك إلى إطلاق أوصاف على القرارات المشار إليها تخالف نوعها وكنهها وجوهرها، غافلا عن أن طبيعة الأعمال القانونية تظل مرتبطة بحقيقتها فى ذاتها وليس بما يضفيه المشرع عليها من أوصاف غير صحيحة تتنافى مع أبسط قواعد الفهم القانونى، ويعد استعمالها فى غير ما وضعت له جرحا للحقيقة القانونية.
إنها فضيحة للرئيس مرسى وترزية القوانين فى ما جرى فى تأسيسية مرسى التى أصبحت بتاعته بتحصينه إياها! ومع هذا تصرون على الاستمرار.