ترجمة: محمود حسام واشنطن يجب أن تضغط على مرسي لإخراجه من جذوره الإخوانية باتجاه الوسط وهو يبدو مستعدا للمساومة السلفيون المتشددون زوار دائمون للسفارة الأمريكية الآن التخلي عن مرسي أو محاولة إعادة الجيش للسلطة ستزيد التشدد وسيكون هناك سفك للدماء قطع المساعدات عن مصر يعني تحول اهتمام أمريكا بعيدا عنها وسيتدرب جنرالاتها الجدد في السعودية والنتيجة: باكستان! القاهرة - ربما حدث التغيير الجذري الأكبر في سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية في عهد الرئيس أوباما هنا في مصر، حيث الإخوان المسلمون، التي طالما تم تجنبها كأنها مجموعة من المتطرفين الإسلاميين الخطرين، هي موضع الدعم الأمريكي حاليا.
ليس هذا كل شيء؛ فالسياسيون السلفيون المتشددون، الذين يجعلون الإخوان يبدون كبراجماتيين معتدلين، هم الآن زوار منتظمون للسفارة الأمريكية و، حسب نظرية أنه من الأفضل أن تبقي عليهم داخل الخيمة وليس خارجها، هم قادرون على زيارة الولاياتالمتحدة ليتعلموا كيف تجري الأمور في أرض الديمقراطية الجيفرسونية (إشارة إلى توماس جيفرسون، الرئيس الأمريكي الثالث ومؤلف إعلان استقلال أمريكا..وهي واحدة من أهم الحركات السياسية في تاريخ الولاياتالمتحدة).
بالطبع، وفق ما يدفع به الفكر الأمريكي الجديد، لن يكون الاتفاق ممكنا أبدا مع هؤلاء السلفيين فيما يتعلق بحقوق النساء، على سبيل المثال، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يكون لهم علاقة منفعة متبادلة مع الغرب أو يتطوروا. إن كل سلفي في البرلمان هو جهادي محتمل ناقص.
هذا التغير في الرؤية دراماتيكي. الولاياتالمتحدة ساندت باستمرار، الرئيس السابق حسني مبارك، الذي كانت حملته ضد الإخوان لا هوادة فيها. كان السجن بالنسبة إلى قادة الإخوان هو الأمر الطبيعي. احتل الإخوان حينها الفضاء في الفكر الاستراتيجي الأمريكي الذي يشغله الآن السلفيون – وهم الإسلاميون المتشددون – مع فارق أن الإخوان كانوا مبعدين.
والرئيس محمد مرسي -الذي سجن بالطبع في عهد مبارك وانتخب أول رئيس مدني لمصر في يونيو- أطاح بكبار الجنرالات الذين كانت واشنطن وإسرائيل تشعر بأريحية معهم ووضع رجاله مكانهم.
رئيس الأركان الجديد، الجنرال صدقي صبحي، كتب عندما كان يدرس في الولاياتالمتحدة في 2005، أن صناع السياسات الأمريكيين أظهروا "نقصا أساسيا في الفهم والتواصل" مع العالم العربي. ومع هذا استمرت مساعدات عسكرية بالأساس بقيمة 1.5 مليار دولار في التدفق على مصر في خضم هذه التغييرات الكبيرة. إن أي تنبؤ في مصر اليوم ينطوي على خطورة، فالبلد الذي يقع في قلب المجتمع العربي يمر بتغيير مربك. وبحسب تعبير طارق شعيب، وهو أمريكي مصري، "هناك عدد من التيارات المختلفة، لكن ليس واضحا أي منها هو النهر."
ومع هذا، فإنني أدفع بأن الولاياتالمتحدة اتخذت الخيار الصائب؛ وهو أن هذه السياسية الجديدة من الانخراط حتى مع تيارات متطرفة من الإسلام السياسي في الشرق الأوسط مفيدة؛ وأن النموذج يجب أن يمتد لأجزاء أخرى؛ وأنه في واقع الأمر كان أمام إدارة أوباما خيارات محدودة. إن الاستمرار في عمل نفس الشيء عندما لا ينجح هو الجنون بعينه.
ما البديل لدعم مرسي والإخوان وحثهم على أن يحتووا الجميع في مصر الجديدة؟ حسنا، الولاياتالمتحدة يمكن أن تقطع علاقتها بهم وتتمنى أن يفشلوا – لكن أعتقد أنه لا يوجد سبيل أكثر يقينا لضمان نشر التشدد وذات التوجهات التي يريد الغرب تجنبها من مضي مصر التي يضربها الفقر نحو انهيار اقتصادي.
ونفس الشيء سيكون صحيحا بالنسبة إلى أي محاولة لوضع القوات المسلحة في السلطة مرة أخرى، مع الفارق أنه سيكون هناك سفك للدماء.
لقد جربت الولاياتالمتحدة القمع الشرق أوسطي باسم الاستقرار لعقود: كان ما حصلت عليه هو مجتمعات من العرب المحبطين في ظل حكم الطغاة، تربي الإرهاب. (محمد عطا جاء من القاهرة.) الإخوان فازوا بفارق ضئيل بانتخابات حرة ونزيهة. إذا فشلوا، أطيحوا بهم في المرة القادمة. هذه هي الديمقراطية.
حان الوقت للتغلب على هذا "النقص الأساسي في الفهم والتواصل" الذي كتب عنه الجنرال صبحي. يمكن أن يحدث هذا فقط عبر العمل مع القوى الحقيقية في المجتمعات العربية وليس خيالات "المنطقة الخضراء."
ميت رومني يعتقد أن أوباما كان "مغيبا" مع الإسلاميين، وأنه يمكن قطع المساعدات. لكن عندما يتم قطع المساعدات، ويتجه الاهتمام الأمريكي إلى مكان آخر، ويبدأ جنرالات المستقبل في تلقي تدريبهم في السعودية بدلا من كانزاس (ولاية بالوسط الغربي الأمريكي)، فإننا نعرف النتيجة: باكستان!
ليس هذا هو ما تريد الولاياتالمتحدة أن ينتهي به المطاف بمصر. تركيا أفضل بكثير، وإن كانت نموذجا غير مثالي، وتركيا وحزبها الحاكم، العدالة والتنمية، هو ما ينظر له الإخوان.
ومرسي الذي درس في كاليفورنيا ويتحدث بالانجليزية عندما ينفد صبره مع المترجمين، تواصل مع الولاياتالمتحدة منذ بداية نقل السلطة – بطلبات تجارة، وخطط استثمار، ويتعهد باستئصال الفساد، ويطلب العون في إعادة السياحة، وبالطبع يطلب أن يستمر هذا الدعم.
حتى مع وجود بديل استراتيجي محدود، فإن أمريكا تملك الثقل. يجب أن تسخدمه لدفع مرسي خارج جذور جماعته باتجاه الوسط، حيث يجب أن تتشكل مصر الجديدة. وهو يبدو مستعدا للمساومة. إن التغير الجزري في السياسة الأمريكية في القاهرة يضع سؤالا مهما: لماذ هذا الانخراط مع الإسلام السياسي، حتى في شكله السلفي، مقتصر على مصر؟ إذا اكتشفت واشنطن عبر سياسة الانخراط أن الإخوان الذين طالما كانوا موضع كراهية، أو على الأقل قطاعات كبيرة منهم، ربما يتطورون نحو براجماتيين وسطيين، فما الاكتشافات الأخرى التي يمكن أن تتحقق عبر الحوار بدل المواجهة؟
ومن الحماقة بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة أن تعارض المصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين، فتح وحماس، عندما يكون تنوع الآراء بالنسبة لتلك المسألة ربما ليس أكبر من الجبهة الإخوانية السلفية التي تتحدث الولاياتالمتحدة معها الآن. في مصر حيث يعيش ربع العرب تقريبا، بدأت الولاياتالمتحدة على الأقل التعامل مع العالم العربي كما هو في الواقع. إن مثل هذا النهج الذي يكسر التابوهات، يقدم السبيل الوحيد للأمام – لمصر ولإسرائيل والفلسطينيين.