أعادت محكمة القضاء الإدارى الروح مرة أخرى إلى تأسيسية «الإخوان- الغريانى».. بعد أن كانت على وشك أن تتهاوى بعد أعلن كثير من أعضاء «التأسيسية» أنفسهم تبرؤهم من المسودة الأولية لمشروع الدستور الذى ظهر على عدة صور.. لا أحد يعرف ما هى المعتمدة (وربما هى غير المسودة الأساسية لدى الذين فى يدهم القرار الآن). أعادت محكمة القضاء الإدارى الروح إلى تأسيسية الإخوان بإحالة الدعاوى القضائية بحلها إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 2012 والخاص بمعايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، الذى صدَّق عليه الرئيس محمد مرسى فى (15/7/2012)، وذلك بعد بدء أعمال الجمعية التأسيسية بما يزيد على شهر، والتى تنص على: «مع مراعاة حكم المادة 60 من الإعلان الدستورى ينتخب أعضاء مجلس الشعب والشورى غير المعينين جمعية تأسيسية من مئة عضو لإعداد مشروع دستور جديد للبلاد، كما ينتخبون خمسين عضوا احتياطيا، وقراراتهم فى هذا الشأن تخضع للرقابة على دستورية القوانين والقرارات البرلمانية».
بالطبع هذه الإحالة إلى المحكمة الدستورية يسعد «إخوان- الغريانى».. فأمامهم فرصة عظيمة لاعتماد مسودة دستورهم «الهزلية» الذى يريدونه والذى لا يليق أبدا ببلد يسعى إلى الديمقراطية وتداول السلطة.. ولا يليق بشعب خرج فى ثورة ضد نظام مستبد يطالب بالحرية.. وبدستور يليق بهذا الشعب الذى قدم تضحيات من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ودولة القانون.
ولكن الذين يتحكمون ويحكمون الآن لا يريدون للشعب ذلك.. وإنما يريدون تمكين جماعتهم من كل شىء فى البلد.. وفى الدستور، وعلى الذين قاموا بالثورة والداعين للحرية أن يخبطوا رأسهم فى الحيط.. أو يذهبوا إلى بلد أخرى.. وليس عندهم مانع من عودة قرارات النفى.
ولعل هذا -قرار النفى- ليس بعيدا.. فهو منصوص عليه فى دستورهم، راجع المادة 44 التى تنص: «حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة، فلا يجوز إبعاد أى مواطن عن إقليم الدولة أو منعه من مغادرتها أو العودة إليها، ولا أن تفرض عليه الإقامة الجبرية إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة».. يعنى يمكن إصدار أمر قضائى من أى هيئة قضائية بنفى أى مواطن معارض إلى الخارج لمدة محددة.. ورغم أن هذه المادة مستنسخة من المادة 51 من دستور 71 فإن نص المادة 51 كانت أفضل «لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها».. يعنى النص القديم فى الدستور القديم أفضل من مشروع دستور الإخوان، قس ذلك على مواد كثيرة خصوصا فى باب الحريات.
إنه دستور مهزلة.
وأبشر بدستور يعترض عليه الجميع.. ومع هذا الذين يتصدرون المشهد السياسى ويتحكمون فيه يريدونه كذلك.
يريدون إقصاء القوى السياسية الأخرى.. ويستأثرون بالدولة ومفاصلها والتمكين.. كأنهم ما زالوا فى تنظيم سرى.. رغم أن الفترة القليلة من حكمهم أظهرتهم أنهم فاشلون وعجزة وليس لديهم أى خيال فى علاج مشكلات المجتمع.. وكل همهم هو القبض على السلطة بشخصيات ساذجة لا تملك إلا السمع والطاعة لقياداتهم ورؤسائهم.
لقد عادت الروح إلى تأسيسية «إخوان- الغريانى» لتنتج لنا دستورا على مقاسهم.
لكن أين السادة أعضاء التأسيسية الذين قالوا إن هناك مواد فى مسودة الدستور لم يروها ولم يطلعوا عليها!
وأين من يدعون الحريات من باب الحريات فى الدستور الجديد.
وأين الذين هددوا بتقديم استقالاتهم لسيطرة الإخوان وحلفائهم على الجمعية.. هل تحولوا إلى حلفاء جدد بحثا عن موطئ (منصب) قدم مع النظام الجديد.