النزول المفاجئ لجماعة الإخوان المسلمين إلى ميدان التحرير، بالتزامن مع نزول القوى السياسية المناوئة لحكم رئيسهم الدكتور محمد مرسى، والاعتداء عليهم فى حرب شوارع، يؤكدان أن الإخوان يسيرون على خطى الحزب الوطنى «المنحل» فى استخدام ميليشياتهم لوأد أى معارضة. المحلل السياسى الدكتور عمار على حسن أكد أن «نزول الإخوان المسلمين إلى الميدان فى وقت تظاهر القوى الأخرى ضد الرئيس الإخوانى، طريقة ألفوها، فكما تظاهروا وقت الانتخابات وكما تظاهروا بعد إقالة قيادات المجلس العسكرى أرادوا أن يتظاهروا هذه المرة أيضا لتأييد قرار إقالة النائب العام، ويبدو أن مرسى يأخذ القرار من مكتب الإرشاد والمكتب بعدها يتولى حشد ميليشيات الجماعة لتأييد القرار، وعلى المصريين أن يرضخوا للقرار»، مؤكدا أن «هذه المرة لم تُجد هذه الطريقة، لأن الإخوان وجدوا من يتصدى لهم، ولو مرت كانت الدولة ستدار بهذه الطريقة فى ما بعد وكانت ستصدر قرارات أكبر وأخطر وتمر بهذا الشكل» لافتا إلى أن «نزولهم كبّدهم الكثير من الخسائر، خصوصا أنه أظهرهم بمبدأ من يضيقون بالمعارضة والرأى الآخر، ولا يقبلون بالديمقراطية، وعلى الإخوان أن يعوا أن مصر أكبر منهم وأنهم ليسوا كل المصريين، وعلى الرئيس أن يدرك أنه يقول ما لا يفعله، فكل مرة يؤكد احترامه القانون ونجده ينتهكه بعدها».
«ما ظهر مؤخرا يشير إلى أننا أمام رئيس يدير الدولة بعقلية التنظيم السرى، رئيس ينظر لذاته وجماعته وليس لمصلحة الشعب المصرى» ويضيف: «نعم عبد المجيد محمود ليس بالنائب العام الذى نريده ونعم اعترضنا عليه ونعم نريد إقالته، ولكن بطريقة قانونية وليس بهذه الطريقة، ثم إنه منذ متى والإخوان المسلمون قلبهم على الثوار ويستمعون لمطالبهم؟» مشيرا إلى أن «الرئيس مرسى أراد أن يكسر السلطة القضائية وينفرد بالسلطة، ويتمكن من مفاصل الدولة فهو يريد أن يبدأ بالنائب العام، مستغلا حكم براءة المتهمين فى موقعة الجمل كما يفعل دائما، يستغل كل ما يجرى لمصلحته ومصلحة جماعته»، لافتا إلى أن «النائب العام إذا رضخ للقرار سيلتفت مرسى بعدها إلى قضاة المحكمة الدستورية وباقى الهيئات القضائية، وبعدها ربما نجد قانونا جديدا للسلطة القضائية معدًّا فى الأدراج لمصلحة الرئيس وجماعته أيضا».
عمار أشار إلى أن «المسألة تتعدى شخص عبد المجيد محمود»، وقال «الرئيس مرسى لو حريص على الشهداء وحقوقهم كما يدعى فكان الأولى به أن يحترم القانون الذى أقسم على احترامه ويسير بالطريق القانونى ويطلب من النائب العام أن يطعن على حكم التبرئة، ويستغل سلطته التنفيذية فى تقديم أدلة جديدة للمحكمة، ولكن يبدو أن الرئيس بلا مستشارين حقيقيين أو أنه ينفرد بالقرار بنفسه أو أن مكتب الإرشاد الذى ليس به فقهاء وقامات قانونية هو الذى يشير عليه بالقرارات»، وتابع «هذا الخطأ القانونى الثالث الذى يقع فيه الرئيس فى أقل من أربعة أشهر، فكيف يحدث هذا؟». عمار قال «لو النائب العام أصر على موقفه وهو سليم قانونيا، فإن ذلك سيكسر إرادة الرئيس ويجبره بعد ذلك على احترام القانون، ولكن إذا رضخ فستكون علامة سوداء فى تاريخ القضاء، وتاريخ مرسى أيضا».
رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان أكد بدوره أن «الطريقة التى تعامل بها الإخوان المسلمون فى الميدان أول من أمس، ليس لها أى علاقة من قريب أو بعيد بالديمقراطية» مضيفا «لو الإخوان المسلمون لديهم رغبة فى التظاهر لأى سبب مختلف عن أسباب تظاهر القوى السياسية الأخرى فمن حقهم ذلك، ولكن السؤال: لماذا ذهبوا إلى نفس أماكن تظاهر القوى السياسية؟»، مجيبا عن نفسه «كان ذلك مناورة مقصودة لإفشال تظاهرات القوى السياسية المضادة للرئيس، ومحاولة لجذب المتظاهرين إلى التظاهر ضد النائب العام وتأييد قرار إقالته بدلا من التظاهر ضد الرئيس الإخوانى»، وأنهى قائلا «همّ كانوا عاملين مناورة لإجهاض تظاهرات القوى السياسية وتوجيههم للتظاهر ضد النائب العام وليس الرئيس، ولكن مناورتهم هذه فشلت للغاية».
أما القيادى السابق فى جماعة الإخوان المسلمين الدكتور كمال الهلباوى فأشار إلى أنه لم يكن يتوقع أن يأتى يوم بعد الثورة ويحدث فيه ما وقع فى ميدان التحرير بين شباب مصريين، لافتا إلى أن «هناك عدة جرائم ارتُكبت فى هذا اليوم، على رأسها هدم صورة الثورة الشعبية العظيمة واتحاد المصريين على هدف واحد، بالإضافة إلى ظهور درجة كبيرة جدا من الاستقطاب، فلا يكفى ما نعانيه من استقطاب بين المسلمين والمسيحيين، وما زلنا نسعى للتقريب بينهم فيأتى إلينا الاستقطاب الشعبى الذى تجلى فى التظاهرات، وكأننا انقسمنا فريقين، أو كأن مصر انقسمت قسمين وبينهما حدود، وكل قسم يريد أن ينتصر على القسم الآخر».
القيادى السابق بالجماعة أشار إلى أن «الإخوان فوجئوا بقرار تبرئة المتهمين فى موقعه الجمل، وأرادوا أن يتظاهروا ضد القرار»، وأضاف «الإخوان من حقهم التظاهر فى أى مكان ولكن كان عليهم أن يحترموا قرار القوى السياسية التى أعلنت منذ فترة طويلة تظاهرها فى ميدان التحرير، خلال هذا اليوم، حتى من قبل ظهور حكم التبرئة، ويتركوهم يتظاهرون فى مكانهم ويتظاهرون هم فى مكان آخر أو فى يوم آخر، خصوصا أن القوى السياسية كان لديها هدفان من تظاهراتها، الأول كشف حساب لمرسى عن ال100 يوم والثانى الوقوف ضد تبرئة المتهمين، وهذا لا يضر الإخوان فى شىء».