سيطرة الداخلية على ميدان التحرير واضح أنها لم تكن من أجل نظافة الميدان وجعْله مزارا لرمز الثورة باعتباره المكان الذى كان يتجه العالم إليه ليرى صورة نضال الشعب المصرى بكل فئاته فى الثورة ضد الاستبداد والفساد ضد القهر والظلم، وضد تعذيب الشرطة وعصابة مبارك فى «الداخلية» للمواطنين. السيطرة على الميدان لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 25 يناير.
لقد أزالت الداخلية ومعها الجهاز الإدارى لمحافظة القاهرة فى إطار زعمها تطوير الميدان والشوارع المحيطة به رسوم الجرافيتى من على المبانى ومن شارع محمد محمود الذى رسمها فنانون ثوار تجسّد الحرية التى تطلع إليها الشعب المصرى فى ثورته ضد الاستبداد والفساد، وكأنهم خائفون من تلك الرسوم، وكأنهم لا يتحملون تلك الرسوم، وكأنهم يريدون إزالة الثورة.
لم يتعلموا الدرس من الثورة وخروج الشعب ضد الظلم والاستبداد والقهر. لقد عادوا إلى نفس الممارسات القديمة التى كان يتبعها العادلى وعصابته فى الداخلية، ولِمَ لا وما زالت بقايا تلك العصابة تسيطر على الداخلية. لقد ولَّوا وجوههم نحو النظام الجديد الذى يمشى على نفس الخطى فى السيطرة والتمكين.. يريدون أن يزيحوا الثورة والثوار بعد أن أعلنوا وفاتها..
لم يروا أن العالم كله ما زال يحتفظ بذكرياته عن نضاله ضد الظلم والاستبداد.. لقد ذهب الكثير منهم إلى أوروبا ورأوا كيف تمت المحافظة على رسوم الجرافيتى التى تؤرِّخ لحياة الشعوب.. وزار الكثير منهم -سواء الذين فى الحكم الآن أو الذين فى الداخلية- ألمانيا ورأوا الرسوم التى تم الحفاظ عليها، بل أصبحت متحفا مفتوحا للزوار والمواطنين فى نضال الشعب الألمانى من أجل الوحدة، وتجد تلك الرسوم على المبانى والعمارات لا على بقايا السور الذى كان يفصل بين الشرق والغرب فقط، ولقد وصل بهم الأمر إلى الحفاظ على الرسوم والكلمات «بما فيها كلمات سبّ» داخل البرلمان الألمانى.
إنهم يريدون أن يمحوا الثورة من ذاكرة الشعب ونضاله ضد الاستبداد. لقد فعل العسكر ذلك وأزال الرسوم، ولكن عاد الفنانون مرة أخرى ليفضحوا العسكر وفشلهم فى إدارة البلاد التى سلمها لهم الشعب وكان يثق بهم بالعبور بالبلاد إلى الحرية والديمقراطية، فلم يكونوا عند حسن الظن، وأساؤوا إلى البلد وإلى الثورة ليسرقها الذين فى الحكم الآن ويسيرون على نفس النهج.
ولم يقتصر الأمر على إزالة جرافيتى الثورة من على جدران «محمد محمود» والشوارع المحيطة بميدان التحرير، وإنما عاد زوار الفجر إلى اعتقال ثوار الميدان من بيوتهم دون أوامر ضبط وإحضار.. وبالطبع إقامة حفلات الضرب والتعذيب فى أقسام الشرطة وأماكن الاعتقال والاحتجاز..
وكأن شيئا لم يحدث..
وكأن ثورة لم تقم.. ■ ■ ■ النائب العام:
قضايا المواطنين عادت بكثرة هذه الأيام.. من مركز قسم شرطة المنصورة إلى قسم شبرا والمحلة الكبرى.. والنيابة التى من المفترض أن تدافع عن الناس لا تتحرك!