في ظل حالة الاحتقان الشعبي الذي يشهده السودان بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، ربما تكون الخطوة الجديدة التي قام بها نظام الحكم المتمثل في حزب المؤتمر الوطني الديني، دافعا لازدياد هذا الاحتقان واشتعال الغضب الجماهيري أكثر فأكثر، وذلك بتأكيد الرئيس السوداني أن الدستور الجديد سيكون "إسلاميا مائة في المئة"، في الوقت الذي ضاق فيه المتظاهرين ذرعا بنظام حزبه الديني الذي يسيطر على البلاد منذ 23 عاما. البشير أعلن مساء أمس "السبت" أن الدستور سيكون مثالا للدول المجاورة التي شهد بعضها فوز أحزاب دينية بالسلطة بعد انتفاضات شعبية، وفي كلمة لزعماء الطرق الصوفية بالعاصمة "الخرطوم" أضاف أن دستور البلاد الجديد خلال فترة ما بعد الانفصال قد يساعد في توجيه التحول السياسي بالمنطقة، معبرا عن اعتقاده أنه لا شيء سيحفظ لغير المسلمين حقوقهم سوى الشريعة الاسلامية لأنها عادلة، مضيفا أنه "سيتم تشكيل لجنة تضم كل الاحزاب والطوائف الدينية والصوفية لإعداد الدستور".
وكان انفصال جنوب السودان، ذي الأغلبية غير المسلمة العام الماضي، قد عزز توقعات بأن السودان، الذي استضاف زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في التسعينات، سيبدأ في تطبيق الشريعة الاسلامية بشكل اكثر صرامة، هذا في ظل ما تواجهه حكومة البشير من ثورة شعبية تدعو لإسقاط نظامه والتي بدأت في ال16 من الشهر الماضي ولم تتوقف حتى الآن.
ويبدو أن النظام السوداني لا يبالي باتساع دائرة الغضب من النظام الإسلامي الحاكم، معتقدا أن سلاح القمع والاعتقالات هو الحل على المدى البعيد لإجهاض الثورة الشعبية؛ حيث أعلنت منظمة الدفاع عن الحقوق والحريات أمس أن ناشطين وسياسيين وطلابا هم بين اشخاص كثيرين تم اعتقالهم الجمعة على هامش تظاهرات مناهضة للنظام.
المنظمة أضافت أن اكثر من 2000 شخص تم اعتقالهم منذ بداية الثورة في ال 16 من يونيو احتجاجا على ارتفاع اسعار المواد الغذائية، لافتة إلى أن قوات الأمن السودانية تقوم بتفريق التظاهرات بالقوة، ما أسفر أيضا عن مئات الجرحى منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية.
وكان أخر حلقات الاعتقال هو القبض على كامل عمر رئيس المكتب السياسي لحزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، أعلن بشير رحمة -المسؤول بالحزب- أن عمر اعتقل السبت من منزله، مضيفا أنه "كان يستعد للسفر الى قطر الاثنين للمشاركة في برنامج على قناة الجزيرة".