جامعة جنوب الوادي تتقدم 200 مركزًا عالميًا بالتصنيف الأمريكي    قرارات مهمة من الأعلى للجامعات خلال اجتماعه الدوري برئاسة وزير التعليم العالي    5.1% مكاسب البورصة في أسبوع    برنامج التنمية المحلية يختتم تدريبًا لتكتل الفخار بمركز نقادة في قنا    السفير حسام زكي: ضرورة توافق اللبنانيون على حلول أولها رئيس الدولة    الولايات المتحدة الأمريكية تحذر مواطنيها من السفر إلى لبنان بسبب التوترات    بعد استفسار الزمالك.. الرابطة توضح موقف شحاتة من المشاركة أمام سيراميكا (مستند)    أسئلة لن يخرج عنها امتحان الفيزياء للثانوية العامة.. راجعوا معانا فى بث مباشر    المشدد ل3 متهمين خطفوا زميل أحدهم وشرعوا فى قتله ب«المعصرة»    ضمن حياة كريمة.. جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة شاملة إلى قرى دسوق    "تريلا" أطاحت به.. وفاة وإصابة 14 في انقلاب ميكروباص بالبحيرة (صور)    محافظ الغربية يتابع ملف التصالح على مخالفات البناء ويوجه بتبسيط الإجراءات على المواطنين    رئيس هيئة الرعاية الصحية يكرم المتميزين في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية    قرار جمهوري بإصدار اللائحة التنفيذية للهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء    توقيع الكشف على 1080 حالة خلال قافلة طبية بمركز مغاغة بالمنيا    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    «إعلام القليوبية» تنظم احتفالية بمناسبة 30 يونيو    بيراميدز يتخذ قرارًا جديدًا بشأن يورتشيتش (خاص)    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    مديرية الطب البيطري بالشرقية تنظم قافلة علاجية مجانية بقرية بني عباد    أستون مارتن تكشف عن أيقونتها Valiant الجديدة    من سينتصر أولًا الطاعة أم الخلع ؟ زوجان يختصمان بعضهما أمام محكمة الأسرة: القانون هو اللي هيفصل بينا    بالصور.. محافظ القليوبية يجرى جولة تفقدية في بنها    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنان أحمد بدير خلال دورته ال 17    30 يونيو| إرادة شعب ومسيرة وطن.. الحفاظ على الهوية وصون المقدرات الحضارية إنجازات الثقافة في 10 سنوات    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    داعية الباحثين للمشاركة.. دار الكتب تعلن موعد مؤتمرها السنوي لتحقيق التراث (تفاصيل)    الجمال ‬‬بأيدينا    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    برلماني: ثورة 30 يونيو تمثل علامة فارقة في تاريخ مصر    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    أسعار البنزين اليوم مع اقتراب موعد اجتماع لجنة التسعير    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    «هو الزمالك عايزني ببلاش».. رد ناري من إبراهيم سعيد على أحمد عفيفي    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    عجائب الكرة المصرية.. واقعة غريبة في مباراة حرس الحدود وسبورتنج    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.هشام عبد الصبور شاهين يكتب: مصر.. بتحليل سوات..!

من أساسيات علم التسويق تقييم المشروع أو المنتَج المراد تسويقه من أربعة أوجه؛ نقاط القوة، ونقاط الضعف، واحتمالات وفرص النمو، وتهديدات المستقبل، واختصر اسم هذا التقييم بالحروف الأربعة الأولى من كلماته الانجليزية على التوالي:
Strength
Weakness
Opportunities
Threats
فسمي التقييم تقييم (سوات)SWOT

وبناء على هذا التقييم للمنتَج أو للمشروع المزمع دراسة سوقه؛ تُحَدَّد الخطوات التالية، وتُرسَم طرق الدعاية المناسبة لحالته تبعا لنتيجة التقييم، وهذا التقييم يعتبر من أهم ما يضئ الطريق أمام أهل التسويق والإدارة، ليكون ما يتخذون من إجراءات في محلها، وتؤتي ثمارها في رواج المنتج أو نجاح المشروع.

وما سأفعله في هذا المقال؛ الذي قد يكون تناولا غريبا؛ هو أنني سأطبق معايير هذا التقييم على مصر ! أي سأقوم بتناول نقاط القوة، ونقاط الضعف، وفرص النمو والنجاح، وتهديدات المستقبل؛ بالذكر دون التحليل، لأن تحليل كل نقطة قد يأخذ وقتا طويلا ومجهودا كبيرا، ويحتاج بعضها إلى كتب وليس إلى مجرد الذكر في مقال، وبعدها ربما نستطيع أن نتحسس الطريق للمستقبل، وقد يرتاح بالي وبالك ونطمئن، وقد يزداد تعبنا وقلقنا على مستقبل أبنائنا.

نقاط القوة
– موقع مصر الجغرافي بين ثلاث قارات في الركن الشمالي الشرقي من أفريقيا، على حدود قارة آسيا (تعتبر سيناء بعد حفر قناة السويس جزءا من آسيا).
– قناة السويس، حفرها المصريون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ ومنذ ذلك الحين تعتبر شريان الملاحة الأهم في العالم.
– نهر النيل يجري (نجاشياً) من جنوبها إلى شمالها، يحد جانبيه الوادي الأخضر المزروع على مياهه منذ آلاف السنين، ثم يكوّن فرعاه دمياط ورشيد الدلتا؛ المثلث الأخضر الأكثر خصوبة في العالم.
– بُني السد العالي على مجرى النيل جنوب أسوان، فتكونت وراءه بحيرته التي تخزّن فيها المياه بكميات هائلة، فحمى البلاد من أضرار الفيضان، واستخدمت مياهه في الزراعة بتغيير طريقة الري، وولدت الكهرباء بوفرة من التوربينات المركّبة على منافذ المياه في جسمه، وهو يُعتبر أكبر مشروع هندسي في القرن العشرين.
– الساحل الشمالي أرضه رملية صالحة للزراعة على مياه الأمطار، وكذلك أرض الصحراء الغربية رملية صالحة للزراعة على مخزون هائل من المياه الجوفية تحت رمالها.
– بحران يحدّانها من الشمال والشرق، المتوسط والأحمر، بطول سواحل أكثر من ألفي كيلومتر.
– بها بحيرات ومساحات مائية من المياه المالحة والمياه العذبة؛ بحيرة السد العالي عذبة، وبحيرات المنزلة وإدكو ومريوط والبردويل والبرلس وقارون مالحة.
– تنوع التضاريس الجغرافية من الطين إلى الرمال إلى الجبال والوديان.
– مائة ألف كيلومتر من الطرق، معظمها مرصوف أو معبّد، وخمسة آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وثلاثة خطوط من مترو الأنفاق، قد تصبح أربعة قريبا.
– مصر منذ كانت تعتبر جوهرة التاج في الأمة أو الدولة التي تحتويها، منذ العهد الفرعوني، إلى الفارسي إلى الروماني إلى الإسلامي إلى الدول والامبراطوريات المتتابعة وصولا إلى السلطنة العثمانية، ثم هي الآن جوهرة التاج في العالم العربي.
– حضارة خمسة آلاف سنة ضربت جذورها في عمق التاريخ المدوّن، تبهر العالم حتى أيامنا هذه، ولا تزال معظم كنوزها أسرارا تحير العقول.
– ما يقارب ثلثي آثار العالم المكتشَفة فوق الأرض، والكثير منها لايزال تحت الأرض ينتظر التنقيب والاكتشاف.
– المتحف المصري (دار الآثار) هو أقدم وأكبر متحف في العالم بُني ليكون متحفا، أي إنه لم يكن في الأصل قصرا وتحول في مرحلة لاحقة إلى متحف، والآثار المعروضة في أروقته ليس لها مثيل في العالم، ومخازن الآثار تحتوي – نظريا – على أضعاف أعداد القطع المعروضة.
– الثروات الطبيعية من البترول والغاز الطبيعي والمعادن؛ الذهب والحديد والفوسفات والرخام؛ تتوافر تحت رمال صحرائها وتحت قيعان بحارها وفي جبالها ووديانها.
– البحر الأحمر به من الشعاب والجزر المرجانية الخلابة ما يشكل عامل جذب رئيس لسياحة الغطس وصيد الأسماك من كل أنحاء الدنيا.
– مصر بها من المعطيات والإمكانات ما يجعلها مركز جذب لجميع أنواع السياحة؛ الثقافية والدينية والعلاجية والترفيهية، وبها من الفنادق والقرى السياحية ما يتعدى المائتي ألف غرفة.
– الدين محرك أساسي للشعب المصري بجناحيه؛ الأكبر الإسلام والأصغر المسيحية، وليس من عامل محفز لشعب مصر كالدين.
– أتباع الديانات السماوية الثلاث؛ كلٌ له في مصر باع من تاريخ ديانته، فيوسف وموسى وهارون وأرميا ودانيال ويوشع بن نون عليهم السلام من أنبياء ورسل بني إسرائيل، وجميعهم عاشوا في مصر، والمسيح عيسى عليه السلام عاش مع أمه البتول مريم فترة لا بأس بها في مصر، ومن بعده الحواري الأشهر برنابا، ومحمد صلى الله عليه وسلم تزوج من السيدة مارية القبطية من مصر، ومن قبلهم جميعا تزوج أبو الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام من السيدة هاجر المصرية؛ أم إسماعيل عليه السلام؛ أبي العرب.
– ليس في مصر مشكلة طائفية، إذ إن عنصري الأمة مسلمين ومسيحيين يعيشان في تناغم كامل وتواد وتراحم، وذلك برغم محاولات المتآمرين التفريق بينهما.
– ديموغرافيّاً؛ يشكل الشباب بين الرابعة عشرة والخامسة والعشرين نسبة تقترب من ثلث عدد السكان.
– المتعلمون تتعدى نسبتهم 70٪ من الشعب، حسب الإحصاءات الرسمية المتداولة على الإنترنت.
– الشعب المصري شعب طيب مثابر، صابر ومحتسب، سريع التأقلم بشكل يندر وجوده في شعب آخر، متدين دون غلو أو تطرف، متسامح إلا مع من يريد أذاه، خفيف الظل وصاحب نكتة لاذعة معبرة، ذكي بدرجة لافتة.
– القوة البشرية العاملة في جميع مناحي وأنماط العمل لا يُستهان بها؛ لا محليا ولا عالميا، والمصري؛ مهما كانت ثقافته أو مستوى تعليمه؛ يتميز وينجح ويتفوق في أي مكان تتوفر له فيه الكرامة والظروف المناسبة للعمل، سواء في بلده أو خارجها.
– اللهجة المصرية العامية أكثر اللهجات يسراً وقبولاً لدى الشعوب العربية.
– الثقافة العربية؛ من حيث كونها الكتابة والشعر والأدب والمسرح والسينما والصحافة، أساسها ومركز إشعاعها على من حولها هي مصر.
– فضل مصر على الدول العربية كلها؛ وبخاصة الخليجية؛ لا يمكن إنكاره، فالمصريون شاركوا بالنصيب الأكبر في بناء تلك الدول وفي وضعها على طريق التنمية الصحيح، عبر خمسين الأعوام الماضية.
– المصريون العاملون في الخارج؛ وهم عدة ملايين؛ يشكلون مصدرا أساسيا للعملة الصعبة بتحويلات أموالهم من بلاد عملهم.
– ليس للمصريين المهاجرين إلى دول العالم المختلفة إحصاء دقيق، ولكنهم بلا شك يتعدون المليون مهاجر.
– جيش مصر هو الأقوى والأكبر في الجيوش العربية، ويعتبر سلاح الدفاع الجوي المصري - مثلاً - من أعقد وأقوى أنظمة الدفاع الجوي في العالم.
– المناخ في مصر معتدل طوال العام، فحرّ الصيف مُحتمَل، وبرد الشتاء محتمل.
– عدد كبير من القنوات التلفزيونية المحلية والفضائية، وقمرين صناعيين يحملان اسم النيل.
– اشتعال الثورة المحمودة في 25 يناير 2011، وتوجه مصر نحو الديمقراطية.
– انتخاب الدكتور محمد مرسي؛ أول رئيس منتخب في مصر الجمهورية، ما يبشر بالتغيير الجذري في أسلوب الحكم.

نقاط الضعف
– تولي أمور الحكم في البلاد عبر ثمانية وخمسين عاما أشخاص ليست لديهم رؤية واضحة للمستقبل، ومعظمهم يفتقدون للصفات الأساسية للحاكم الناجح، كالإخلاص وإنكار الذات والذكاء وحب البلاد والشفافية في الحكم والتجرد والالتحام مع الناس، ما أدى إلى انعزال الحكام المتتابعين في أبراج عاجية وقصور مُنيفة ومواكب مهولة، لا يعانون معاناة الناس، ولا يصارعون الحياة مثلهم، فاغتنت عائلاتهم بينما أُفقِر الناس، واختبأ منافقوهم وراء حصانتهم، واستثمروا علاقاتهم بالحكام ليفقِروا الشعب أكثر.
– اعتبر كل رئيس أتي إلى سدة الحكم في مصر؛ منذ ثورة يوليو 1952 ، حتى فبراير 2011 أن البلد بشعبها وما على ظهرها وما في باطن أرضها، ملك خاص له ولأسرته وبطانته، يتصرف فيها كما يشاء.
– اعتمد الحكام في تعيينهم لمن يعملون معهم على أهل الثقة لا أهل الخبرة، فترقّى القوادون ولحّاسو الأحذية، وهربت الخبرات إلى الخارج ولم تعد، وزادت الحكومات فأنشأت وزارة للهجرة لترعى شئون الهاربين في الخارج بدلا من أن تحاول إعادتهم إلى بلادهم.
– انعدام قيمة التخطيط عبر ثلاثين الأعوام الماضية، حتى أصبح ضربا من ضروب الخيال، أو مجرد كلمات على أوراق لا تغني ولا تسمن من جوع.
– مُنِي النيل؛ شريان حياة مصر الرئيسي بأكبر كمٍّ من التلوث في تاريخه، من الصرف الصحي ومخلفات البناء والقمامة والمصانع والكيماويات.
– حجز السد العالي وراءه؛ ولمسافة 500 كيلومتر هي امتداد بحيرته إلى الجنوب؛ طمي الفيضان؛ المخصِب الطبيعي لأرض مصر منذ آلاف السنين، والبطانة الطبيعية لمجراه، فحرمت الأرض من سمادها، واضطر المزارعون لاستخدام الأسمدة الصناعية، والمبيدات الحشرية التي أثرت بدورها على نقاء وصلاحية المحاصيل الزراعية، ومن ناحية أخرى؛ ونظرا لاختفاء الطمي المبطِّن لمجرى النيل؛ بدأت عوامل النحر تؤثر في قواعد المنشآت النهرية، وتهدد بإغراق الدلتا، ويصعب علينا تصور النتائج التي ستترتب على انهيار السد العالي، إذ ستتعرض المدن المطلة على جانبي الوادي لطوفان مدمر، فكمية المياه المخزونة خلفه رهيبة، ولأنه مبنى بشري؛ فلا بد أن له عمرا افتراضيا وبخاصة أن ضغط المياه على جسمه هائل، وهو يشكل نقطة ضعف استراتيجية لمصر، وصقور إسرائيل دأبوا على التهديد بقصفه لعلمهم بالآثار المدمرة لذلك على مصر.
– تدهور أحوال الزراعة على كل مستوياتها، فالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح يستورد جُلّها من الخارج، والقطن قصرت تيلته وفقد طويل التيلة منه مركزه التاريخي في العالم، والمحاصيل الأخرى من الحبوب والبقول والفواكه والخضروات؛ انحدرت نوعياتها دون مستوى مثيلاتها في الدول المجاورة، والدول المنافسة في أسواق التصدير.
– الانتشار السرطاني لنبات ورد النيل (ياسنت الماء)، الذي يستهلك كميات مرعبة من المياه، بينما لم تمكن الاستفادة منه حتى الآن كعلف للماشية أو ما شابه ذلك.
– التدهور التدريجي في العدالة الاجتماعية التي كانت من أهم أهداف (ثورة) 23 يوليو 1952؛ أدى إلى التضاؤل التدريجي في الطبقة الوسطى حتى قاربت على الانقراض، وانحدر مستوى هذه الطبقة لترزح تحت ضغط الفقر والحاجة.
– سوء مستوى التعليم الأساسي، والضعف الشديد في التعليم الجامعي، واضمحلال التعليم الفني والزراعي والصناعي، عبر أكثر من خمسين عاما؛ نتج عنها تخريج الملايين من أنصاف المتعلمين، وأصبح التعليم يعتمد على الحفظ والصَّم لا على الابتكار والإبداع.
– بعد أن كان الطالب الذي يتلقى دروسا خصوصية يعتبر خائبا وفاشلا، أصبحت الدروس الخصوصية ظاهرة مدمرة للتعليم الأساسي والجامعي، ومفَلِّسة لميزانية بيت أسرة الطبقة المتوسطة، برغم اعتبارها الآن أساس التعليم في مراحله المختلفة.
– جميع المدارس الحكومية تخلو من الملاعب الرياضية، والمدارس التي كان بها ملاعب بُنيت مبان إضافية علي أرضها لاستيعاب المزيد من التلاميذ، فتخرج الملايين لا يعرفون من الرياضة إلا تشجيع كرة القدم.
– انتشار ما عُرف بمدارس اللغات والمدارس الدولية، منع عن التلاميذ مَعين لغتهم في صغرهم، فينشأون متقنين للغات الأجنبية وجاهلين باللغة العربية، ويضعف ويتلاشى بالتالي انتماؤهم لبلادهم.
– ليس في مصر بحثٌ علمي بالمعنى الصحيح؛ لا في مراكز البحوث ولا الجامعات، ولا تُرعى اختراعات المخترعين على كثرتها، ولا تساهم الأبحاث في أي مجال في حل مشكلات المجتمع، وما ينفق على البحث العلمي من ميزانية الدولة رقم هزيل مثير للسخرية.
– أمراض السرطان وفيروس سي والفشل الكلوي تصيب أعدادا متزايدة من المصريين لأسباب عديدة، وحالة الطبقات الفقيرة الصحية يرثى لها، وشاعت في مصر مقولة: الفقير في مصر يموت أحسن.
– محاولات النظام السابق المتكررة زرع الفتنة الطائفية بين عنصري الأمة، مستثمرين انقسام الأمة للسيطرة الأمنية عيها.
– الازدياد المطّرد في عدد السكان، في ذات الوقت الذي لا تستثمر فيه الدولة في الموارد البشرية، ويتركز سكان مصر في أقل من 10 ٪ من مساحة البلاد، أي في الوادي والدلتا وبعض المدن والمحافظات البعيدة عن الوادي.
– تأميم قلاع الصناعة الوطنية بعد (ثورة) يوليو، والتنامي المستمر في القطاع العام، ثم الارتداد إلى القطاع الخاص والخصخصة، مع الهجوم الكاسح لمنتجات التنين الصيني، أدت جميعها إلى فشل الصناعات الوطنية؛ عامها وخاصِّها واستثمارها لحساب المستورَد من المنتجات بكل أنواعها.
– التآكل التدريجي في وسائل النقل العام؛ الأوتوبيسات والترام والتروللي باص والقطارات؛ لمصلحة مجموعة من حيتان استيراد وتجارة السيارات الخاصة، أدى إلى اعتماد المواطنين على السيارات الخاصة، وإهمال الحكومة لمرفق النقل العام، وبروز الميكروباص والتوك توك كحل للمشكلة المزمنة.
– النظام القضائي المصري الراسخ منذ عشرات السنين، تغوّلت فيه التعيينات بالواسطة والمحسوبية لدرجة أن أصبح نموذجا للتوريث المقيت، فتزعزعت ثقة الشعب في قضائه، هذا علاوة على تمتع أعضاء النيابة والقضاء بحصانة غير مبررة ولا منطقية.
– الحصانة المكتسبة لبعض فئات المجتمع؛ كضباط الشرطة وأمنائها، والقضاة ورجال النيابة، وكل من يعمل متمسحا بأعتاب أهل الحكم، وأقاربهم ومنافقيهم، تعتبر هي السبب الأساسي في شيوع ثقافة الفوضى والرِشوة والوصولية والتسلق.
– تزايد عدد القنوات الفضائية مع تباين انتماءاتها وتنوع المواد التي تقدمها، رسخ الحاجة إلى وجود وزارة للإعلام، وحدث انفصام حاد في فهم دور وزارة الثقافة في تثقيف العامة، فاختفى من المجتمع نموذج (الأمي المثقف)، وانتشرت ثقافة الفهلوة والفتيا بغير علم.
– استمرار العمل بقانون إيجارات المساكن القديمة جعل المستأجرين يبتلعون حقوق ملاك العقارات بسند من القانون، والملاك يتمنون موت المستأجرين والخلاص منهم، ورسخت هذه العلاقة الظالمة العداوة بين طرفي المجتمع، فأصبح الجميع أعداء بالقانون، وامتنع الملاك الجدد عن تأجير وحداتهم السكنية خوفا من تقلبات القوانين وعدم استقرارها، ونجم عن ذلك إهدار ثروة البلاد العقارية.
– عشرات آلاف القوانين تحكم الحياة المصرية، وهذه القوانين بها ما بها من الثغرات والمتضاربات والمتناقضات ما يشيع الفوضى، ويرسخ اليأس من تحقق العدل بين المتقاضين من المواطنين.
– منذ ستينيات القرن الماضي والدولة ترعى انقسام الشعب المصري على أساس كروي، يقوم على التعصب لأحد فريقين؛ الزمالك والأهلي، ووظف هذا التعصب الأعمى؛ الذي لا يمت لممارسة الرياضة بصلة؛ في إلهاء الناس عن واقعهم، وخرج إلى الوجود في بلد كمصر الألتراس، واندثرت من وجود المصريين صور البطولة الحقيقية لتحل محلها البطولة المزيفة في كرة القدم، وخرجت مصر من مضمار الرياضة العالمية، باستثناء لاعبي الاسكواش الذين اعتمدت إنجازاتهم على المجهود الفردي، بينما لا يعرف العامة شيئا عن الاسكواش.
– المصريون في عمومهم لا يمتلكون ثقافة التعامل مع السياح أو الغرباء، ووزارة السياحة تركت هذه القضية المهمة لتصرفات الأفراد؛ كلٌ حسب طاقته واجتهاده دون أي رقابة، فخرج من رحم صناعة السياحة النصابون والأفاقون والقوادون، والسائح الذي يأتي إلى مصر مرة غالبا لا يفكر في زيارتها مرة أخرى، وعندما وصل عدد السياح القادمين إلى مصر 12 مليون؛ وصل عدد زائري تركيا إلى ثلاثين مليونا، رغم أن تركيا لا تمتلك عُشر إمكانات مصر السياحية أو مقوماتها الثقافية والتاريخية، هذا علاوة على انخفاض أسعار الفنادق على وجه العموم.
– لم يبن متحف على غرار (دار الآثار) منذ بناها الخديو إسماعيل عام 1870، وطال الإهمال المتاحف ومخازن الآثار التي تحوي كنوزا لا تقدر بثمن، فنهبت لحساب الحكام السابقين، وبيعت أو هُرِّبت إلى الخارج وقبض الثمن تجار الآثار، وملأت الآثار المصرية متاحف العالم، ولقيت احتراما لم تجده في بلادها.
– ابتدعت وزارة الثقافة السابقة؛ التي استمرت لثلاث وعشرين سنة؛ بدعة تنظيم معارض الآثار المصرية في الخارج، فتخرج الآثار إلى حيث لا تعود أبدا، وقد تستبدل أو تتعرض للسرقة والنهب، بينما القطع المُهرَّبة في المعارض ليس لها مثيل؛ كآثار توت عنخ آمون التي خرجت منذ عدة سنوات ولم تعد.
– انتشار الوساطات والمحسوبيات عبر خمسين الأعوام الماضية ترتب عليه أن أصبح توريث الوظائف طبيعيا، وأخطر ما في التوريث أنه طال وظائف القضاء والنيابة، ومورس في الكليات والمعاهد الجامعية والإعلام والسينما والشرطة، واستشرى حتى أصبح قبل يناير 2011 توريث الرئاسة أمرا طبيعيا في بلد توريث الوظائف فيه أصبح من المسلّمات.
– لا تمارس الحكومات المتعاقبة أي رقابة على الشركات التي استحوذت على مناجم الذهب، فهُربت أطنانه إلى الخارج، ولم تحصل مصر منه على حقها، وكذلك عقود تصدير الغاز والبترول والفوسفات غالبا ما تكون ظالمة لمصر، وتعطي الشركات أكثر من حقها، على حساب العائد المرجوّ.
– مع تدهور مستوى التعليم الفني والصناعي؛ فقد العامل المصري مكانته التي كان يتمتع بها في العالم كله، ودنت مرتبته في سوق العمل إذا ما قورن بالأسواق المنافِسة...
– عبر أكثر من خمسين عاما تقلصت رقعة الأرض الزراعية لتحولها إلى أراض للبناء، وجرف الفلاح أرضه التي وهبها له الإصلاح الزراعي طمعا في المكسب السريع، فساد لون الطوب الأحمر بدلا من اللون الأخضر، وكان السبب الأساسي في هذه المصيبة هو فساد المحليات الذي أزكم الأنوف، فموظفو ومهندسو الأحياء والمحليات تغاضوا عن مخالفات البناء بالرِشى، ثم ابتدع نظام التصالح على أساس أن ما كان كان وخلاص ! ولا تستطيع أن تهدم عدة أدوار مخالفة، وبخاصة أنها سُكِنت ووصلت إليها المرافق وانتهى الأمر.
– الذوق الفني واكب اضمحلال الثقافة في نفوس العامة، ما أدى إلى انعدام الذوق في تشطيب المباني السكنية والحكومية، وقلما تجد مبنى مطليا من الخارج، أو في تصميمه لمحات فنية، أو صفات جمالية، وإنما الشكل كئيب بلا أي جمال.
– ارتفاع نسبة البطالة بين قوة البلد العاملة إلى نسب غير مسبوقة، والمتبطلون العاطلون عن العمل حصلت نسبة كبيرة منهم على قسط وافر من التعليم، وهو ما ضاعف من الشعور باليأس والإحبط لديهم، وضخّم شعورهم بالغضب وعدم الانتماء.
– العديد من القرى والمراكز وبعض المدن ليس بها صرف صحي أو مياه شرب نقية.
– التوزيع الظالم للثروة رسخ الأحقاد، وجدد وصف مصر بأنها مجتمع النصف في المائة.
– أصاب اليأس من إصلاح الأحوال معظم أفراد الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
– إعتمد الحكام في اختيار من يعملون معهم على أهل الثقة، وأهملوا أهل الخبرة والكفاءة والإخلاص.

الفرص المتاحة

انتهاز الفرص واستغلالها واستخدامها الاستخدام الأمثل يؤدي بالضرورة إلى تحسن الأحوال بشرط الإخلاص، وقد تتحول نقاط الضعف إلى نقاط قوة، ولا يصح أن يقال إن الوقت قد تأخر، فالزمن دوما في صالح الشعوب، وربما يكون في بعض الفرص التي أذكرها بعض من الخيال، وقد يكون في بعضها الآخر كثير من الأمل، ولكنها جميعها تنبع من إخلاص من يقترحها، ولا مانع من دراستها والتعديل في خططها لتناسب أوضاع البلاد الحالية، ومن هذه الاقتراحات ما يدخل تحت بند المشروعات الوطنية العملاقة التي قد تستغرق وقتا طويلا، ولكنها على المدى البعيد تقدم للبلاد خدمات هائلة، وعلى المدى القريب تستوعب ملايين الأيدي العاملة من الشباب العاطلين عن العمل، وتوظف طاقاتهم البنّاءة فيما ينفع البلاد، ويفيد العباد، ويضئ طريق المستقبل في غد أفضل بإذن الله.

أولا: قناة السويس ومنذ بدء حفرها على عهد الخديو سعيد باشا، وافتتاحها في عهد الخديو إسماعيل؛ لم تقم هيئة إدارتها بعمل تطويرات أو تحسينات إلا قليلا من التوسيعات على طول مجراها، فما المانع أن تقوم مصر بشق قناة أخرى موازية للقناة الأولى ؟ وهذا المشروع لن يكلف كثيرا في ظل تطور وسائل الحفر وتكنولوجيا النقل، ولن تستغرق وقتا طويلا، وسيكون العائد المادي أضعاف العائد الحالي، لأن السفن والناقلات العابرة للقناة لن تضطر للانتظار لفترات طويلة، حتى تمر السفن القادمة من الاتجاه الآخر لتعبر في اتجاه إبحارها، وحين تصبح القناة ذات اتجاهين للإبحار؛ تقام على جانبي العبور فيها مناطق تجارة حرة وتجارة الترانزيت، وتقام مشروعات تقديم الخدمات للسفن العابرة وأطقمها وركابها، وسيقضي ذلك على حلم إسرائيل بالقضاء على تفرد قناة السويس، أو استبدالها بقناة البحر الميت، وسيصبح من حق مصر ساعتها مطالبة الناقلات العابرة برسوم عبور أكبر مع تطور خدمات الملاحة في الشريان الملاحي الرئيسي في العالم.

ثانيا: منذ عدة سنوات؛ أوقف الرئيس السابق مشروع بناء جسر للعبور البري بين السعودية ومصر عبر جزيرة تيران، يكون طرفاه في شرم الشيخ المصرية وميناء ضبا السعودي، وإنشاء هذا الكوبري سيعود بالنفع على البلدين والمنطقة بأسرها، ويزيد في الميزات الاستراتيجية لسيناء ومصر والسعودية، ويكون طريقا للتنمية في كلا البلدين، وطريقا بريا مفتوحا بين الشرق الأقصى والشرق الأدنى.

ثالثا: مشروع مدّ ترعة؛ من فرع النيل قبل مصبه النهائي في دمياط؛ إلى بحيرة المنزلة، سيؤدي إلى تحلية مياهها خلال ثلاث سنوات، في ذات الوقت الذي لن يؤثر ذلك على حصة مصر من مياه النيل؛ فهذا المشروع قرب المصب النهائي للنيل، ويصبح عندنا في هذه المساحة الهائلة بحيرة من المياه العذبة تروي ما حولها من مئات آلاف الأفدنة، ويتم استغلال المنطقة لتحسين أحوال الزراعة بزيادة مساحة الأرض المزروعة على ماء النيل.

رابعا: مشروع الوادي الموازي للنيل يشق رمال وهضاب الصحراء الغربية بنيل آخر، وقد يوضع في الحسبان أن يكون مجرى النيل الجديد عبارة عن ترع متعددة هلالية الشكل، تشق الأولى منها من بحيرة السد العالي وتتجه شمالا على شكل نصف دائرة لتصب مرة أخرى في النيل، ثم تُشق الترعة التي بعدها على نفس الشاكلة؛ تنبع من النيل لتصب فيه مرة أخرى من جهة الشمال، حتى تصل هذه الترع إلى محافظة بني سويف، وهذه الترع لا شك ستخفف من ضغط المياه الرهيب وراء السد العالي، فإذا افترضنا أن طول الوادي من جنوب السد إلى بني سويف حوالي ألف كيلو متر؛ فإن عدد الترع التي سوف تشق من وإلى النيل خمس ترع هلالية تمتد داخل الصحراء، تقام حولها المجتمعات الزراعية الجديدة لسكان المحافظات الموازية من الشباب الذين سيحفرونها بأيديهم، لتكون لهم وادي المستقبل وأرض أبنائهم ومحطّ آمالهم، والقناة التي ستشق من جنوب السد إلى شماله تخصص الأرض حولها لأهالي النوبة حلا لمشكلاتهم المزمنة منذ بناء السد العالي.

خامسا: مدّ خط السكة الحديد بعد أسوان إلى الخرطوم في السودان، ثم إقناع السودانيين بامتداده حتى جنوب السودان، سيفتح الباب أمام استرجاع ما راح من مصر والسودان بانفصالهما، بعد أن كانا وحدة جغرافية سياسية واحدة لقرون ، فالسودان هو الامتداد الاستراتيجي لمصر في أفريقيا، وعلى أرضه تكمن حلول عديدة لبعض مشكلات مصر المزمنة.

سادسا: يجب أن تسعى حكومة مصر إلى إرساء قواعد التحالف الإقليمي الثلاثي؛ القاهرة - أنقرة - طهران، انطلاقا من عدة نقاط: أولها أن النظام السابق أرغمته القوى الدولية والإقليمية المعادية على قطع العلاقات مع طهران، متبعة لسياسة فرِّق تسد الاستعمارية القديمة. وثانيها أن حكام بلادنا يجب أن يضعوا في حسبانهم مصلحة بلادنا أولا، ولا يحذون حذو النظام السابق الذي كان يضع مصلحة إسرائيل في المرتبة الأولى. وثالثها أن (من جاور السعيد يسعد !) ولا شك أن تركيا وإيران دولتان حققت حكوماتهما المتعاقبة طفرات ملحوظة في كل مناحي الحياة؛ في الزراعة والصناعة والسياحة والطاقة والتسلح، بغض النظر عن الاتجاه الديني السائد في إيران، أو الدستور العلماني المتبع في تركيا، وعلى أي حال سيكون التحالف والاتباع الاستراتيجي أفضل من العلاقات المصرية الأمريكية التي لم تجر علينا إلا كل خراب وانسياق وتبعية.

سابعا: استغلال بعض نقاط الضعف لتصبح نقاط قوة، مثلا؛ القيام بعمل أبحاث لاستغلال الكميات المهولة من قش الأرز (بدلا من إحراقه) وورد النيل، كليهما لتصنيع الورق.

ثامنا: بناء المُتحف المصري الكبير الذي لم توضع طوبة واحدة في مبناه منذ أكثر من عشرين سنة، لاستيعاب الكميات الهائلة من الآثار المهانة في مخازنها، وإعادة النظر في اختيار المكان الأمثل لبنائه في الهضاب المحيطة بأهرام الجيزة، لتصبح المتحف المفتوح الأكبر والأغنى في العالم، وليكن بناؤه على نسق مبنى المحكمة الدستورية على نيل المعادي، ويُرفض التصميم اليهودي المعروض الآن، وبناء متاحف أخرى في مدن مصر الأثرية كالأقصر وأسوان والفيوم والمنيا وغيرها.

تاسعا: إلغاء كافة أنواع الحصانة للمصريين في بلدهم، وتفعيل قوانين محاسبة الوزراء والرئيس وأعضاء الحكومة والبرلمان، والسعي الجاد نحو تأسيس دولة القانون.

وقد نقضي من أوقاتنا ساعات وأياما طويلة في إحصاء ما يمكن انتهازه من الفرص، وما يمكن استثماره في الإنسان المصري، فمن تعديل مفهوم الثقافة المشوّه، إلى محو أمية التعليم، إلى تطوير التعليم الفني والصناعي والزراعي، إلى تبني الشباب الواعد وتوظيف طاقاتهم في الزراعة والبناء والسياحة والصناعة، والخروج بهم من (زنقة) الوادي الضيق إلى رحاب المستقبل الخضراء، وما ذكرت في النقاط التسعة لا يتعدى بضعة اقتراحات بنيت على التفكر في نقاط القوة والضعف من هذا التحليل الفردي المتواضع، فما بالنا إن تضافرت جهود العلماء والمثقفين من محبي هذا البلد ؟ لا شك أن دراستهم للواقع الذي نعيشه سوف يترتب عليها تغييرٌ كلنا نطمح إليه ونتمنى حدوثه.

المخاطر والتهديدات

أولاً: خطر الانقسام في بِنية الشعب المصري، وهذه – كما أرى – أخطر تهديد، وأكثر المخاطر تهديدا، إذ إنه ينذر بسقوط البلاد في بئر عميقة من الصراع الداخلي؛ تؤججه الجهات التي أوجدته منذ البداية حسب نوع هذا الصراع، قد يكون هذا الصراع طائفيا بين المسلمين والمسيحيين، وقد يكون مجتمعيا بين الطبقات المختلفة، وقد يكون صراع وجود بين الفقراء الجياع والأغنياء الموسرين، وقد يكون سياسيا بين الأحزاب والجماعات على اختلاف انتماءاتها وتنوع ثقافاتها، وقد يكون بين دعاة الدولة المدنية ودعاة الدولة الدينية، وقد يكون بين الجيش والشعب، وقد يكون بين فئة ذات عدد كبير؛ كالعمال مثلا؛ والمجتمع كله، وقد يكون صراعا بين مؤسسات الدولة ذاتها فيما بينها، كأن ينشب الصراع بين القوات المسلحة والمجالس النيابية المنتخبة مثلا، أو أن يشتعل صراع الجنوب المظلوم (الصعيد) مع الشمال الذي استحوذ على السلطة منذ مئات السنين، أو قد ينشأ الصراع بين دعاة السلام مع إسرائيل وآخرين يطالبون بنقض المعاهدة وعودة الحرب معها...

المهم أن الآثار المدمرة لخطر الانقسام الداخلي؛ مهما كانت أسبابه أو عناصره؛ تجعله أشد الأخطار المهددة لمصر في المستقبل القريب.

ثانيا: خطر اتفاق أهل سيناء على الانفصال عن مصر، بطلب حكم ذاتي أو إعلانها دولة مستقلة، وقد أصبح لديهم؛ بعد عشرات الأعوام من الإهمال والتهميش، المبرر الكافي ليقوموا بهذه الخطوة، وسيساندهم فيها أعداء مصر التقليلديين من اليهود والأمريكان، وبخاصة مع امتلاك سيناء لكافة إمكانيات الدولة المستقلة.

ثالثا: منذ عدة سنوات قدمت إسرائيل إلى العالم مشروعا بديلا لقناة السويس، هو مشروع قناة البحر الميت، وهو شق قناة من وادي الرشراش المصرية (إيلات الإسرائيلية حاليا) التي تقع في أقصى شمال خليج العقبة، تصل بين البحر الأحمر والبحر الميت بطول 180 كيلومتر، ثم تشق قناة أخرى بين البحر الميت والبحر المتوسط، فتصبح القناتان بديلا لقناة السويس، ورغم اعتراض الدول (المعنية) على هذا المشروع، من حيث كونه مهددا للبيئة وسيغير الطبيعة الجغرافية للمنطقة بأسرها، هذا عدا عن النتائج السياسية والاقتصادية التي ستطال كل دول المنطقة والعالم؛ فهو يُعتبر من الأخطار المُحدقة بمصر، لأن النوايا الإسرائيلية تجاه مصر ليست حسنة على الإطلاق؛ منذ فجر التاريخ وليس الآن فقط.

رابعا: خطر اندلاع ثورة ثانية، في الوقت الذي لم تفق مصر فيه بعد من الثورة الأولى.

خامسا: خطر اتفاق دول حوض النيل – التي زادت واحدة بجنوب السودان - على مصر، لحرمانها من نصيبها الذي اعتادت عليه من ماء النيل.

سادسا: القنبلة الموقوتة على حدودنا الشرقية؛ غزة، والاقتراحات الخبيثة بتوطين الفلسطينيين في وطن بديل كسيناء.

سابعا: الخطر المحدق بالمنطقة كلها باندلاع حرب إقليمية تكون مصر طرفا فيها.

ثامنا: انهيار السد العالي لسبب أو لآخر.

أيها السادة.. إن اللحظة فارقة، والتاريخ لم يرحم ولن يرحم من يفرطون في حقوق بلادهم، وقد تكون نقاط قوة مصر؛ بالفساد؛ أصبحت نقاط ضعف، وبه أيضا أصبحت نقاط الضعف أكثر وضوحا وتأثيرا، وقد تكون الفرص المتاحة تحمل كثيرا من التحدي، وبها درجات أعلى من الصعوبة، لكنها ليست مستحيلة، وقد تتفتق أذهان وعقول المصريين عن أفكار عديدة غيرها، ولكن الدافع دائما سيكون حبنا لهذا البلد، وخوفنا على مستقبل أبنائنا، وقد تبدو المخاطر والتهديدات الداخلية والخارجية أقوى من قدراتنا حاليا، وقد يتخاذل البعض منا في عمل ما يجب عمله، مدفوعا برغبته في تحقيق مكاسب شخصية مرحلية، أو آملا في عودة النظام البائد، أو معتمدا على الإرث التاريخي منذ ستين عاما؛ أن الشعب المصري غير ذي عزم، أو مقتنعا بعدم الجدوى وضعف النتائج لأن المصري يريد أن يكسب دون أن يعمل، وقد يقوم الإعلام بدور الدبة التي قتلت صاحبها؛ حين يشعل النار ببرامجه الموجهة في بنية المجتمع المصري، أقول: لأسباب عديدة قد يتأخر تحقق التغيير، ولكن.. الأمل معقود على شباب مصر الذين قاموا بثورتها في يناير 2011، إذ لولا هذه الثورة العظيمة ما كنت أكتب اليوم كلماتي هذه، وأختم لهؤلاء الشباب بقول المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم

واسلمي يا مصر...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.