رغم اختلاف رواياتها عن تفاصيل أحداث الاشتباكات التى وقعت في محيط وزارة الدفاع بمنطقة العباسية بين متظاهرين وقوات من الجيش، أول من أمس الجمعة، فإن صحفا عالمية كبرى اتفقت على أن المسلسل الجديد من أعمال العنف، أحاط الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية مايو الجاري، بسحابة من الغموض، واحتمالات التأجيل، رغم تجديد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم التزامه بإجراء الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة وفق الجدول الزمني المحدد. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن أعمال العنف عكست الشكوك حول نيات الجيش والغضب تجاه الفصول الدامية من أعمال العنف التى وقعت على مدار الفترة الانتقالية. وتابعت أن أعمال العنف الأخيرة أوضحت القلق بشأن مستقبل الانتخابات، في ظل صراع نفوذ بين مجموعات ذات مصالح مختلفة.
وقالت الصحيفة إن هذه الجماعات تشمل الإسلاميين المتشددين من أنصار المرشح المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل، والذين انضم إليهم عدد من الحركات السياسية التى تحركت بعد أعمال العنف خلال الأسبوع الماضي قرب وزارة الدفاع، التى خلّفت نحو 11 قتيلا.
وقالت الصحيفة إن المجلس العسكري تعهد بأن لا يترك المجال لهذه الاحتجاجات للتأثير على موعد الانتخابات الرئاسية، لكن عديدا من المرشحين الرئاسيين قرروا تجميد حملاتهم، بعد سقوط قتلى الأسبوع الماضي.
وتابعت أنه من الناحية السياسية، يعتمد الأمر على من سيتحمل المسؤولية عن أعمال العنف الأخيرة، ومن غير الواضح ما إذا كانت أعمال العنف تلك ستفيد مرشحين يقدمون أنفسهم على أنهم من أنصار سيادة القانون والنظام، مثل عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، أم من يركزون على تقليص صلاحيات المجلس العسكري.
لكنه في العباسية على الأقل -تقول الصحيفة- كان جواب الناس واضحا، حيث استقبل عديد من المواطنين مدرعات الجيش التى استعادت السيطرة على المنطقة بالتصفيق والتهليل، بينما حمل البعض منهم صورا للمشير محمد حسين طنطاوى، وبادلهم الجنود التحية وهم يطلقون النار في الهواء.
صحيفة «الجارديان» البريطانية هى الأخرى قالت إن أحداث العباسية وضعت الانتخابات في مناخ من عدم الاستقرار، مع تعليق عديد من المرشحين للرئاسة حملاتهم احتجاجا على إدارة الجيش للوضع، وهو ما تتفق معه وكالة «الأسوشيتد برس» الأمريكية التى بثت تقريرا نبهت فيه إلى أن المعارك الجديدة في الشوارع أثارت مخاوف من موجة عنف جديدة قبل الانتخابات القادمة.
لكن الوكالة الأمريكية تلفت إلى أنه «للمرة الأولى خلال المرحلة الانتقالية الفوضوية في مصر، يكون المتشددون الإسلاميون، بدلا من القوى العلمانية، في خط المواجهة الأمامى مع جنرالات الحكم المتهمين بمحاولة القبض على السلطة». وتضيف أن اشتباكات الجمعة تركزت حول اعتصام لمؤيدى المرشح المستبعد حازم أبو إسماعيل، الذى تصفه بأنه «محام تحول إلى رجل دين متشدد»، لافتة إلى أن أبو إسماعيل شجع أتباعه على الخروج للشارع.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، الأكثر حنكة سياسية، طالبت بمسيرة للعباسية يوم الخميس لكنها ظلت في ميدان التحرير يوم الجمعة، فى حين أن بعض الحركات الليبرالية واليسارية انضمت إلى السلفيين فى العباسية تضامنا معهم، لكن معظمها انسحب بعد ذلك، مستشهدا ببيان لحركة 6 أبريل قالت فيه إن ما يحدث في العباسية يظهر أن الاقتتال لا يخدم مصالح الشعب المصري، وأنها قررت الانسحاب وعدم المشاركة في سفك الدم المصري.