كل من تقلد منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس مبارك خرج من الوزارة معززاً مكرماً محتفظاً بالجاه والعز والأبهة ومتقلداً منصباً جالباً للبنكنوت العريض. واحد فقط يعرفه الجميع خرج من المكتب علي البيت في هدوء بدون زيطة أوزمبليطة، وبدون قرار رئاسة بنك ينحت منه مليون أهيف كل شهر، ولا حتي رئاسة جراج المجالس المتخصصة الذي ركن فيه دائماً من استغني عنهم النظام ومازال يحمل لهم بقايا ود. الدكتور كمال الجنزوري وحده الذي لم يلق عطفاً وحناناً من الزمان بعد خروجه من الوزارة، علي العكس من كل من سبقوه ولحقوه ممن جلسوا علي الكرسي المذهب. علي لطفي مثلاً خرج من الوزارة فتقلد منصب رئيس مجلس الشوري وهومنصب بدرجة نائب رئيس جمهورية.. عاطف صدقي بعد خروجه ذهب ليتولي الإشراف علي المجالس القومية المتخصصة ليظل ضمن الفريق ولومن علي الدكة..عاطف عبيد خرج من مكتب رئيس الوزراء إلي مغارة علي بابا حيث رئاسة مجلس إدارة المصرف العربي الدولي ودولارات بلا حدود..فلماذا كمال الجنزوري وحده يا تري الذي باء بالغضب وتم شلحه علي هذا النحو؟ لا أحد يعرف الأسباب أو أن البعض يعرف ولا يريد أن يبوح..لم يبق إذن سوي التكهن، وأستطيع من خلال بعض الأشياء البسيطة أن أكوّن فكرة عما حدث قد تكون قريبة من الحقيقة. بعد تولي الدكتور عاطف صدقي رئاسة الوزارة بدأ الفنان مصطفي حسين والكاتب أحمد رجب في الاشتغال علي شخصية «فلاح كفر الهنادوة» الذي يناطح رئيس الوزراء ويحاوره، وتم رسم عاطف صدقي في صورة كاريكاتورية مبتكرة وهو يجلس علي كرسي مرتفع وقدماه تتأرجحان في الهواء بعيداً عن الأرض..ومن الواضح أن هذه الصورة كانت تلقي الرضا السامي بالرغم من أنها مسخت الرجل وقدمته في صورة هزلية مضحكة. بعد عاطف صدقي تولي المنصب كمال الجنزوري، وفي عهده خلت صحيفة «أخبار اليوم» من الكاريكاتير الشهير واختفي فلاح «كفر الهنادوة» لأن الجنزوري علي ما يبدورفض فكرة أن يكون مهزأة يتسلي بها الشارع المصري ورسم لنفسه صورة محترمة أصر عليها، ويبدو أنها كلفته منصبه! بعد الجنزوري تولي عاطف عبيد وقد رحب من أول يوم بعودة فلاح كفر الهنادوة وأبدي سعادة بأن تقدمه الصحافة كما كانت تفعل مع المرحوم عاطف صدقي، وقد وضح أنه وعي الدرس جيداً بعد رؤيته رأس الذئب الطائر وأدرك بفراسته طبيعة المرحلة ومقتضياتها..وقد قضي في الوزارة خمس سنوات أتي فيها علي الأخضر واليابس وقام بشخرمة مصر كما لم يشخرمها أحد وجعل أعزة أهلها أذلة بعد أن باع مصانعها وشركاتها بتراب الفلوس، ومع هذا فقد خرج من الوزارة علي البنك طوالي. وطبعاً ما زال فلاح كفر الهنادوة يصول ويجول مع الدكتور نظيف كل أسبوع، ويبدو أن هذا الفلاح قد أصبح المعيار الذي يمكن لمن يريد الرصد أن يتابعه ليتأكد أن من يقبل بفلاح كفر الهنادوة منادماً وسميراً فهو في عيشة راضية، وأما من يعرض عن فلاح كفر الهنادوة فأمه هاوية، وما أدراك ما هي..نار حامية!