تمر مصر بمرحله إنتقاليه تأتى بعد الثورات التى تقوم فى اى من البلاد التى تثور على أنظمتها الديكتاتورية لتبنى أنظمه ديمقراطية حاكمه وتعبر البلاد بكل ما فى هذه المرحلة من تخبطات بين كل القوى السياسيه فى البلاد فى توجهاتها. ونتعجب كثيرا حينما نراجع "الثورة الرومانيه" على سبيل المثال وماحدث فيها فالثورة الرومانيه فى بدايتها نجحت نجاح منقطع النظير فى خلع الديكتاتور الرومانى حيث قامت وبدأت فى 16 ديسمبر 1989 من العاصمه بوخارست وتمكنت من الاطاحه بالديكتاتور تشاوتشيسكو خلال اسبوع واحد فقط ومن ثم الاطاحه بالشيوعيه كنظام للبلاد وتم إعدام الديكتاتور المخلوع وزوجته "الينا" وخلفه " ايون إيليسكو" وكانت جبهه الخلاص الوطنى هو من تولى ادارة الحكم بعد سقوط الديكتاتور واعلن إيون إيليسكو عدم نيته وأعضاء الحكومه فى الحكم ثم ما لبث ان رشح نفسه رئيسا للبلاد واعاد إظهار كل رجال النظام السابق وخصوصا فى الاعلام الذى سيطر عليه ولما فطن الشباب لما يدبره قامت تظاهرات عنيفه للطلبه فما كان من إيليسكو الا ان اطلق الشائعات حولهم وانهم ممولين من الخارج واستخدم عمال المناجم فى ضربهم لمده يومين ليسقط مئات القتلى وتٌجهض الثورة الرومانية , ومات فى الاحداث اكثر من الف ضحيه منهم اكثر من تسعمائه وخمسين بعد الاطاحه بالديكتاتور تشاوتشيسكو.
تلك كانت احداث ثورة اجهضت من قِبَل الصف الثانى الحاكم فى رومانيا ، وسقطنا نحن فى الفخ الرومانى بتسليم البلاد والثورة على الارض فى أوج قوتها الى "المجلس العسكرى" ونسينا أنه من صنيعه مبارك ونسينا ان كل ضابط شرطه او جيش يتم كتابه تقارير امنيه عنه وعن مدى التزامه وتدينه ولا يتم تصعيد لأعلى إلا للاكثر " توافقا " مع النظام.
فتركنا الميادين ودارت عجله الانتقاليه الانتقاميه وصدق حدس من صدق ،وفهم وأدرك من كان فى غفله من أمرة او طمع فى سلطه وجد انها "منزوعه الدسم" فجلس ولم يحكم فعاد كل فصيل الى عقله وأدرك ان الثورة تُخطف وأن الحل الامثل وكلمه السر هى "الميادين" كلمه السر هى الشعب صاحب كل السلطات ومحطم كل الديكتاتوريات قاهر الجبابره وقاصم القياصره بفضل من الله ونعمه.
وبرغم ان السيناريو الرومانى طبق بكل براعه على اجزاء فشوه الاعلام شباب الثورة وكياناتها من كفايه ل 6 ابريل وتم إستيقطاب الاسلاميين حتى أدرك من بيده الامور أنه لايستطيع أن يعطى للاسلاميين ما أرادوا فنكث بوعوده فظهر على حقيقته وأنكشف للجميع زيف كلامه فلم يكتمل المشهد الرومانى.
وبرغم كل المجازر التى تمت يمينا وشمالا وبرغم القبض على الثوار بأعداد كبيره الا ان الشعب المصرى أبى ان يكون رومانيا من جديد وصمد لكل ماحدث واستمر الزخم الثورى فى الشوارع والميادين تضغط لتحقيق مطالبها فأصبح الجميع لايرى بدا من التوحد من جديد فالكل خاسر لو لم يتوحدوا وسيأكلون واحدا بعد الاخر "كما أكل الثور الابيض" لو لم ينتبهوا للامر ، اختلفت مصر عن رومانيا بتنوع تياراتها وزخمها السياسى فضاعت فرصه ضرب كل الاطراف واستحال ذلك حتى جاء مشهد الختام فى الفيلم الرومانى ليظهر "إيون إيليسكو" المصرى الملقب "بالثعبان الاقرع" لينتفض الشعب والنخبه والاسلاميين ومازالوا منتفضين حتى يفشلوا ان يتولى أمر البلاد مثل هذا الجزار.
تغيير الزمان وفشل النظام فى ان يبنى نفس بيوت الرمال على شطئان الانهار فى عصر الثورات, نسى أن العهد ولى وفات وأن مصر فى قرنها وشبابها ورجالها اقوى من الخمسينات ، نسى انه اذا اراد ان يكفرنا بالديمقراطيه وان ينسينا معنى الانسانيه لننادى بسفاحه حاكما على البلاد، نسى انه يجب عليه ان يبعث شعبا سكن القبور وكان فى عهد حياته مجبور ولم يدرك ابعاد القضيه ، لقد ولى زمن تحكم الاباطرة ولى زمن كانت تعيش فيه الشعوب العبودية ولا تدرك معنى الانسانية .
وكما قال لوثر كينج "لا يمكن لاحد ان يركب ظهرك الا اذا انحنيت انت له " سيعيش الفرد مستقبلا إنسان .. وارفع راسك يا اخى فقد ولى زمن الطغيان