ننتقد المواطنين الذين لا يحترمون قواعد المرور، ونحاكم الذين يخالفون قوانين البناء، ونتحسر علي تراجع المجتمع وأحد مؤشراته هو عدم التزام المواطنين بتطبيق القانون، وعدم احترامهم له، لكننا نقف مكتوفي الأيدي أمام تجاهل المؤسسات التشريعية تطبيق القوانين التي قامت هي نفسها بسنها. فمجلس الشوري وافق علي قانون الصحافة الذي يحدد سنًا محددة للإحالة إلي التقاعد، لكنه لا يطبق القانون نفسه علي الأستاذ محمد عهدي فضلي الذي تجاوز هذه السن منذ أشهر، ولم يمدد لعدد من رؤساء التحرير الذين أصبح وجودهم باطلا لأن اللجنة العامة لمجلس الشوري، لم توافق علي المد لهم، لكي يعرض الأمر علي المجلس نفسه للموافقة عليه بالأغلبية، وهذا الأمر ليس صدفة وإنما أصبح من المتكرر أن يخالف مجلس الشوري القانون خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات الصحفية، وهو في هذا الأمر يجعل هذه المؤسسات «القومية» المفترض فيها أن تكون مستقلة تخضع لحسابات داخلية خاصة بالحزب الوطني ولحساسيات التوازنات بين أجنحته المختلفة. والمؤسف أن السيد صفوت الشريف - رئيس مجلس الشوري - سبق وأكد أن ما حدث منذ سنوات عندما قضي رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية سنوات بالمخالفة للقانون لن يتكرر، لكنه للأسف تكرر أكثر من مرة. فهل عدمت المؤسسات الصحفية الكفاءات القادرة علي إدارتها؟ وهل يريد رئيس مجلس الشوري أن يختصمه العاملون في المؤسسات أمام القضاء لأنه لا ينفذ القانون؟ وماذا سيفعل إزاء صدور أحكام قضائية تؤكد أن المؤسسة التشريعية في مصر تتجاهل تطبيق القانون؟ وإذا كان السيد صفوت الشريف باعتباره أمين عام الحزب الوطني يوظف مجلس الشوري لصالح حزبه فلماذا يصمت أعضاء اللجنة العامة للمجلس علي هذا العبث بالقانون، ومنهم قياديون في أحزاب المعارضة وفقهاء كبار في القانون؟ والسؤال الذي يجب علي السيد الشريف أن يجيب عنه هو: لماذا يصر مجلس الشوري علي مخالفة القانون؟ السياسة الدولية عقب نشر موضوع السرقات الصحفية الأسبوع الماضي اتصل بي الدكتور أسامة الغزالي حرب - رئيس تحرير السياسة الدولية - وأكد لي أن الصحفي المتهم بالسرقة الصحفية ليس علي قوة المجلة، وإنما هو مراجع لغوي منتدب له من قسم التصحيح بالأهرام، كما علمت أن الأستاذ أسامة سرايا - رئيس تحرير جريدة الأهرام - اهتم بالموضوع وحقق فيه، وأصدر قرارًا بمنع الصحفي من نشر موضوعات بالجريدة لمدة عام. ومجلة السياسة الدولية لها احترامها، لما لها من قيمة فكرية كبيرة ومن مكانة وريادة، ولما لها من دور في تشكيل وجداني ووعيي، ولما للدكتور أسامة من دور سياسي وفكري في المجتمع المصري، ولما استفدته منه من خبرات شخصية أفادتني في عملي في بداية حياتي الصحفية. وزير داخلية التعليم القرار الذي أصدره وزير التعليم أحمد زكي بدر بحصر التعامل مع مراسلي الصحف الحكومية فقط، يؤكد ما قاله البعض من أن الدولة اختارته وزيرا لداخلية التعليم وليس وزيرا للتعليم، ولي أن أسأله: كيف تربي المدارس التلاميذ علي قيمة المواطنة ووزيرها يحصر المواطنة في كل ما هو حكومي؟ وهل لا يريد الوزير أن ينسي أنه ابن زكي بدر وزير الداخلية؟ وما تعليق السيد صفوت الشريف - رئيس المجلس الأعلي للصحافة - علي هذا الانتهاك لأول مبادئ حرية الحصول علي المعلومات. وما موقف نقابة الصحفيين؟ وكيف يقبل رئيس الوزراء أن يتخذ وزير في وزارته قرارًا مخالفًا للدستور؟ كل هذه الأسئلة تبحث عن إجابات فورية. نادية الدكروري وعمرو بدر والجباس ما فعله الزملاء نادية الدكروري وعمرو بدر وطارق الجباس ليلة السبت الماضي، عندما باتوا في العراء بجوار بيت الدكتور محمد البرادعي من أجل إجراء أول حوار صحفي معه، يعيد إلي أذهاننا المغامرات الصحفية التي سمعنا عنها ولم نرها، وأصبح النمط الغالب علي الصحفي هو الذي يأتي له فاكس من مصدر فيعيد صياغته وأحيانا ما يتصل بمصدر إضافي من أجل أن يعطي للموضوع أبعادا مختلفة عن باقي الصحف التي وصلها الفاكس نفسه. وأصبح عمل الصحفي في مجمله عملا مكتبيا يقتصر علي الاتصال بالمصدر عبر الهاتف المحمول ليحصل منه علي تصريحات. من هنا علينا أن نحيي الزملاء الثلاثة علي ما قاموا به؟ وهذه التحية ليست لأنهم صحفيون في «الدستور»، ولكن لأنهم مثلما أعاد الدكتور البرادعي الذي أجروا الحوار معه الاعتبار للسياسة، فهم أعادوا الاعتبار للصحافة.