ماذا لو خُيِّرنا بين سعد الصغير الذى اشتهر بأغنية «العنب العنب» وبين أحمد شفيق الذى اشتهر بأغنية «البونبونى البونبونى»، فهو القائل إنه سوف يوزعه على شباب التحرير فى عز نزيف الدماء والإصرار على رحيل الطاغية.. لو وضعنا البونبونى فى كفة والعنب فى أخرى فلمن تمنح بُقّك أقصد صوتك؟ فى مولد العبث الرئاسى لا أعتقد أن هناك مفاجأة فى ترشح سعد الصغير لمنصب رئيس الجمهورية، فهو قد أعد أغنية يؤكد فيها برنامجه بأنه يحس ويشعر بآلام الناس، ألا يتشابه فى هذا مع كل برامج المنافسين؟ ما الفارق حقيقة أن تكون مغنيا شعبيا وفى نفس الوقت تحلم بالرئاسة.. ريجان فعلها فى الثمانينيات، اشتهر بأفلام «الويسترن» الأمريكى، أى أنها أفلام شعبية فأصبح رئيسا لأكبر دولة.. ريجان كان ممثلا محدود الموهبة، سعد الصغير مغن محدود الموهبة.
لو تأملنا الحكاية سنجد أنه فى الوقت الذى سيحرم فيه حازم أبو إسماعيل الغناء والتمثيل، فإن سعد الصغير ليس من المستبعد أن يعين الراقصة دينا نائبة له، فلقد قدما معا العديد من الأفلام الناجحة آخرها «شارع الهرم»، والناس تعاطفت مع هذا الثنائى المحتمل أكثر من أى مرشح محتمل آخر. عدد من المرشحين أكدوا أنهم سوف يُسندون منصب النائب إلى امرأة، ونحن لا نعرف إمكانيات أى نائبة قادمة ولكننا جميعا ندرك إمكانيات دينا.
سعد سوف يقتحم ماراثون الرئاسة وصوره مع دينا تملأ الشوارع، فهو الوحيد بين المرشحين الذى من الممكن أن يجد مساحة على الجدران التى شغلتها صور ولحية أبو إسماعيل.
الفرصة باتت مهيأة إذن لكى يعيِّن منتج أفلامه أحمد السبكى رئيسا للوزراء. استطاع السبكى أن يحقق بعد الثورة أعلى إيرادات فى شباك التذاكر، على عكس الجنزورى الذى أكد تآكل الاحتياطى الاستراتيجى بعد الثورة.. السبكى خبير استراتيجى فى معرفة مزاج الناس، يبدأ الفيلم برقصة وينهيه بحِكمة، ثم إن أفلامه لو تأملتها سوف تكتشف أنها فى نهاية الأمر تدعو للإيمان وآخرها «شارع الهرم»، وهو على عكس ما يذكر البعض لم يكن يروج للرذيلة بل يقول إن الفن حرام وفلوسه حرام؟!
سعد نموذج للرجل العصامى بدأ من الصفر ويحمل مؤهَّلا متوسطا، على عكس شعبولا الذى لا يجيد القراءة أو الكتابة، ورغم ذلك كان ينتوى ترشيح نفسه للرئاسة، إلا أنه عندما علم أن عمرو موسى سوف يترشح أعلن تنازله.. من بين الأوراق الداعمة لسعد، أنه بنى جامعًا اختلف الفقهاء حول جواز الصلاة فيه.. سعد كثيرا ما يعلن توبته عن الغناء، مؤكدا أنه يستمع إلى نداء قوى فى أعماقه يدعوه إلى الاعتزال، وبعد ذلك نراه يمثل ويرقص أمام دينا.. سعد دائما يقول الرأى وعكسه، وهو بهذا يتشابه مع منهج جماعة الإخوان فى تناقض قراراتهم، ألم تقل جماعة الإخوان إنها لن ترشح أحدا لمنصب الرئيس، ويقرر عبد المنعم أبو الفتوح أن يترشح وينسحب من الجماعة، وبعد ذلك نجد الجماعة وقد أعلنت أنها تؤازر خيرت الشاطر ليصبح هو رجلها الرسمى للتنافس على مقعد الرئيس.
مصر تحتاج إلى من يشعر بالشفقة على ناسها الطيبين. هل ننسى أغنية سعد «أنا بحبك يا حمار»، هل بعد ذلك تشك لحظة فى أن من يحب الحمار من الممكن أن لا يمنح البشر قسطا وافرا من الحب؟! مصر تحتاج إلى من يمنح الفرصة للجميع، وسعد فى أفلامه لا يحتكر الغناء بل يسمح بأكثر من مطرب شعبى يشاركه الغناء مثل بعرور والليثى.. سعد يمارس حقه الدستورى، لأن الشروط منطبقة عليه فهو من أبوين لا يحملان سوى الجنسية المصرية، بينما تحيط الشكوك أكثر من مرشح وعلى رأسهم أبو إسماعيل.. ثم إنه على عكس عمر سليمان وعمرو موسى وأحمد شفيق ليس له أى أغنية داعمة لمبارك، بينما هم لم يتوقفوا عن الغناء لمبارك ووصولهم إلى كرسى الرئاسة يعنى توفير الحماية له.. سعد رجل المرحلة القادمة طالما أن بديل «العنب العنب» هو «البونبونى البونبونى»!