محمد نور الدين يكتب: البابا شنودة سفير المحبة والسلام محمد نور الدين أصيبت مصر كلها عن بكرة أبيها بحزن عميق وجرح غائر وألم مزق نياط قلبها بفقدان أحد أعظم رجالاتها ورموزها رجل المحبة والحكمة والسلام رجل قّل أن يجود الزمان بمثله رجل الوطنية الصادقة المخلصة وهو قداسة البابا شنودة الثالث ذلك الرجل الذى إستحوذ على قلوب المصريين بحبه لأبناء وطنه مسلمين ومسيحيين ومودته للجميع بلا إستثناء وأدبه الجم الذى أسر به قلوب كل من رآه أو تعامل معه إنه ليس أباً للمسيحيين وحدهم بل هو أبا لكل المصريين . إن البابا شنودة هو واحد من صناع التاريخ فى مصرنا الحبيبة وكم كانت مواقفه الحكمية سبباً فى وأد كثير من الفتن التى إستطاع بحكمته فيها أن ينزع فتيلها وكم عانى من ضغوط كثيرة حاولوا فرضها عليه ولكنه آبى و كان صامداً شامخاً كعادته فأعلى قيم الوطنية وقيم المحبة والإخاء فوق أية إنفعالات أو مؤمرات حفاظاً على نسيج الأمة ووحدة طرفيها ولا عجب فهو القائل إن مصر وطن يعيش فينا وليست وطن نعيش فيه كم كنت وستظل رائعاً بمواقفك النبيلة ووطنيتك الراقية المخلصة يا صاحب القداسة . وحينما كان هدفه حماية أقباط مصر وهذا حقه من أقليتهم حينما كان يتمنى أن يجعل الأقباط والمسلمين فى نسيج واحد متآلف حتى لا يشعر الأقباط بأى غربة فى وطنهم وبين إخوانهم المسلمين فالجميع أبناء وطن واحد فكان يرفض تخصيص كوتة للأقباط ولم يطلب تمييزاً إيجابياً عن طريق تخصيص مناصب أو وظائف معينة ولا يمكن أن ننكر معاناة الأقباط وإضطهادهم من المجتمع حتى الآن وها نحن الآن أغلبية وأقلية نخشى على مستقبلنا فى مصر من جراء ما يحدث الآن فهل نتخذ من ذلك الموقف الجلل فرصة لنكن يداً واحدة مسلمين ومسيحيين فعلاً وقولاً هل نتلقى تلك الفرصة التى أهداها الله لنا لنكن حقاً نسيج واحد لا فرق فيه بين مسلم ومسيحى تظلنا سماء واحدة وتقلنا أرضاً واحدة فى وطن يعيش فينا إسمه مصر ؟؟؟ لقد كان البابا شنودة مصرياً وعربياً حتى النخاع فهو صاحب الموقف العظيم والذى يدل على كرهه العميق لإسرائيل بكل عنصريتها ذلك الكيان الصهيونى الغاشم المحتل لأرض عربية وذلك حينما منع سفر الأخوة المسيحيين للسفر للحج فى فلسطين وقال كلمته المشهورة لن ندخل فلسطين إلا ويدناً فى يد إخواننا المسلمين وذلك فى الوقت الذى سارع فيه غيره لتقبيل يد ذلك المحتل الغاصب لقطعة غالية علينا جميعاً مسلمين ومسيحيين من أرض العروبة من أجل تصدير الغاز والثراء والتربح من المال الحرام وهو الذى لو أراد أن يذهب إلى فلسطين لكانت صنعت إسرائل له تمثالاً من ذهب لكنه آبى بكل عزة وكرامة آبى أن يذهب ليصلى فى بيت لحم وآبى أن تتصدر صورته كل صحف العالم وأن تتقاتل العدسات حتى تحظى بصورة له فى تلك اللحظة . نعم آبى أن ينال أى مجد دنيوى زائف أمام قيمه الوطنيه وأصالته العربية وإن كان قد نال كل ذلك بحب أبناء وطنه وأبناء عروبته على ذلك الموقف الذى سيظل التاريخ يذكره له بكل فخر وعِزّة . لقد كان مثقفاً وشاعراً بليغاً فى وقت عّز أن نجد فيه من ينطق بلاغة وشعراً راقياً ومتحضراً إن خسارة مصر بفقدان البابا شنودة لن تعوض لقد رحل فى أشد وقت يحتاجه وطنه فى وقت يزيد من آسى وحزن المصريين جميعاً فى وقت تحتاج مصر إلى كل الوطنيين أمثاله كم كنت بحق سفيراً للمحبة كم كنت بحق جسراً للسلام فلك من قلب كل مصرى السلام يا سفير المحبة والسلام بسم الله الرحمن الرحيم ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) صدق الله العظيم