إذا كنت من هواة التلكيك سأقول لك إن الإسلاميين هم أول من بثّوا الفوضى فى البرلمان الجديد، تلك التهمة التى أشبعوا بها الثوار قتلا، ولكن لاعتبارات «الطلعة الأولى» أرى أن حماس النائب ممدوح إسماعيل ومحبته للزعامة جعلته لا يلتزم بنص القسم الدستورى ويضيف «فى ما لا يخالف شرع الله»، كشرط لالتزامه باحترام الدولة والقانون ومصالح الناس، هو انفعال لا يخلو من مراهقة سياسية، ولا أريد أن أحوله إلى مشهد يزايد فيه ممدوح إسماعيل على الجميع، باعتباره حامى شريعة الله فى مجتمع الكفار، سأعتبره كان يضع النقاط فوق الحروف قبل بداية عمل البرلمان، ليؤكد للحاضرين أنه برلمان إسلامى، ويؤكد لأنصاره الذين انتخبوه لأسباب دينية أنه لن يخذلهم أبدا، ضغط ما يعانى منه النائب فى أولى جلسات البرلمان الجديد جعله يعيد صياغة نص قانونى على مزاجه، ففتح باب الفوضى أمام الجميع، فصار القسم مثل البيتزا، كل نائب له إضافة عليها مرة بالشريعة ومرة بالثورة ومرة بالشهداء، مع أن الأولى بكل واحد كان عنده إضافة أن يحتفظ بها حتى وقت مناقشة كتابة الدستور ومشروعات القوانين، فيكون بذلك نموذجا للالتزام واحترام الناس، سواء كانوا إلى جواره فى البرلمان أو أمام شاشات التليفزيون يتابعون البرلمان لأول مرة فى حياتهم بكامل إرادتهم بعد سنوات كانت نسبة مشاهدة تسجيل الحلقات هى نسبة مشاهدة ماتش طلائع الجيش والإنتاج الحربى. علمنى السياسة يا أبا.. تعالى فى الإضافة واتصدر. هذه هى ضريبة عام ضاع من عمرنا فى برامج التوك شو والثرثرة المبالغ فيها، فأصبح لدينا نواب يريدون أن يتحدثوا أكثر من بقية المشاركين فى الحلقة نفسها.. عفوا أقصد فى الجلسة نفسها، البعض يبحثون عن إضافة تضمن لهم مزيدا من بقعة الضوء، حتى لو كان ذلك يعنى أن تتشرط على القسم، قسمك باحترام القانون باطل، لأنك ما أن أنهيت القسم حتى تخليت عن احترام القانون، ما الذى يجعلك تتشرط وأنت شخصيا ستشارك بطريقة أو بأخرى فى صياغة هذا الدستور وفى تمرير مواده؟ ما الذى يجعلك داعيا للفرقة من أول لحظة فى البرلمان تحت شعار لكم دينكم ولى دين أو لكم أغلبية ولى ثورة؟ كان أولى بالإخوة الأقباط الموجودين فى البرلمان أن يعدلوا نص القسم بما أن دينهم يمنعهم من «الحلفان» أصلا، ولنا فى الكونجرس الأمريكى عبرة، إذ قام بتعديل نصوصه ليسمح لنائب مسلم أن يقسم كما ينص دينه باستخدام المصحف، ولكن الإخوة الأقباط احترموا نصا قانونيا ولم يعتبروه مناسبة للمزايدة الدينية، فما مبرر هذه المراهقة السياسية التى رأيناها من أول لحظة فى برلمان نتعلق به ليساعدنا فى تحقيق أحلامنا؟ تريدونها مناسبة لشخصنة الوطن؟ كنتو تمسكتم بتغيير نص القسم قبل الحلفان به وعندك صيغ كثيرة مثل (والعشرة دول) (وحياة النعمة دى ويارب اطفحها) (وحياة كارنيه المجلس اللى هياكله الدود) (وحياة اللى وقفنى هنا النهارده بدون مناسبة) (عليّا الضمان بالتلاتة) (إن شالله يارب يجى لى ويحط عليا) (عهد مين ده؟)، ثم تضيف ما تراه مناسبا (أن أحترم الدستور والقانون ومايفرقناش إلا الموت) (أن أحترم الدستور والقانون وماركنش عمرى صف تانى) (أن أحترم الدستور والقانون ومبادئ النادى) (أن أحترم الدستور والقانون وأرفع غطا التواليت كل ما اعمل بى بى). هل سترهقوننا مبكرا بهذه المهاترات أم أنه مجرد ارتباك البدايات؟ هل ستكون الجلسات القادمة مليئة بالباشميل والرغى الفاضى والمزايدات الكلامية أم أنكم ستفعلون شيئا يفيد هذا البلد؟ هل ستبدؤون البحث عن سبل حل أزمة البنزين والبوتاجاز والبطالة والأجور أم أنكم ستحولونها إلى مجرد مناظرات متكررة؟ هل ستنصفون الشعب الذى يعلق عليكم آمالا كبيرة أم أن الوقت سيسرقكم حتى نجد فريد الديب داخل عليكم المجلس وفى إيده مبارك؟