يتساءل الشباب في غضب.. كيف نحتفل بعيد للثورة وسط هذا المشهد المأساوي الغارق في الجثث والدماء والاعضاء المبتورة والعيون المفقوءة؟!! ..كيف نحتفل والثورة المضادة تقوى وتكسب ارضا جديدة كل يوم الى الحد الذي صنعت لها ميدانا موازيا ل"التحرير"؟!! ..كيف نحتفل ورجال ونساء الحزب الوطني في الصحافة والإعلام والفضائيات نجحوا في شيطنة وتشويه الثورة والثوار وإقناع البسطاء ، بل والمتعلمين ، بأن المتظاهرين يسعون لتخريب البلاد وفقا لمخططات وأجندات أجنبية؟!!.. كيف نحتفل وقد ضاعت سنة كاملة من عمر مصر كان يمكن أن تضعها على طريق النهضة لو سمعنا صوت فقهاء دستوريين وطنيين طالبوا بالإعتراف بالشرعية الثورية ووضع دستور جديد أولا".. ويرى الشباب أن الادهى من ذلك أن الذين فوضهم الشعب بتحمل المسئولية وحماية الثورة رفضوا الإعتراف بأخطائهم والإسراع بإصلاحها ، بل تمادوا فيها حتى بدا أنهم إنقلبوا على الثورة وانضموا الى الثورة المضادة ..ويدللون على ذلك بأنه حتى الآن لم يُعاقب قاتل واحد من المجرمين الذين اطلقوا الرصاص الحي على الثوار بعد أن صوبوا أسلحتهم بدقة يحسدون عليها الى قلوب ورءوس وعيون شباب في عمر الزهور يرفع علم مصر ويهتف "سلمية ..سلمية"؟!!..وحتى الآن ..لم يُقدم المجرمون الذين افسدوا الحياة السياسية الى محاكمات جادة ..فهل يُعقل ألا تُوجَه الى حسني مبارك حتى الآن تهمة الخيانة العظمى والحنث بالقسم عقابا له على خططه لتوريث حكم البلاد لإبنه وهدم النظام الجمهوري الذي أقسم على الحفاظ عليه؟!!..وهل يُعقل ألا يُحاكم ولداه وامهما بتهمة افساد الحياة السياسية وتحويل الدولة الاقدم في التاريخ الى مجرد عزبة أو عقار يُورث؟!!..وأين رجال حسني مبارك الذين ضللوا الشعب وشاركوا في جرائم الفساد أو تورطوا فيها ولو بالصمت ..أين علي الدين هلال ومفيد شهاب وفاروق حسني ..ألا يجب محاكمة هذا الاخير عن ضياع لوحة "زهرة الخشخاش" التي لا تقدر بثمن؟!!.. وسرد شباب الثورة الكثير من الادلة الدامغة على أن الثورة تحتاج للبداية من جديد بشرط ألا نكرر أخطاءنا ..تحدثوا عن تقديم الثوار الى محاكمات عسكرية بعد تعذيبهم ..وذكروا جرائم كشف العُذرية وسحل الفتيات وتعريتهن في جريمة بشعة لم يتورط فيها حتى أمن الدولة في أوج جبروته ووحشيته..ووافقتهم على أن هذه الجرائم أساءت بما لا يُقاس الى صورة الجيش المصري ..وأكدتُ أنها وصمة عار في جبين جيشنا لن يمحوها إلا المحاكمة الفورية لمرتكبي هذه الجرائم وقادتهم الميدانيين.. وزدتُ على ذلك بالقول إن أكثر ما يقلقني ويزعجني أن يحمل شباب في سن التجنيد كل هذه الكراهية والبغض لجيشهم الذي سينخرطون في صفوفه إن عاجلا أو آجلا..مع ملاحظة أن الشباب لا يضعون خطا فاصلا بين المجلس العسكري الذي يتولى مهمة سياسية فشل في آدائها بإمتياز ، والى الحد الذي اسقط الى الابد أى إمكانية لحكم العسكر ، وبين جيش شعب مصر الذي يجب أن يظل خطا أحمر.. أسئلة منطقية وصعبة طرحها الشباب في حواراتنا الملتهبة حول طريقة الاحتفال بيوم 25 يناير .. ولكن النتيجة التي خلصوا اليها تقول إن الثورة ماتت أو سُرقت..وإننا لم نحقق شيئا منذ قيامها ، وإن علينا أن نفجر ثورة جديدة في كل ميادين التحرير على ارض مصر..وبدأتُ كلامي من حيث إنتهى جدلهم بأن قلتُ إن التسليم بأن الثورة ماتت أو سُرقت إعتراف بإنتصار الثورة المضادة وإقرار بالهزيمة والفشل..وقلتُ أيضا إن هذا هو نفس ما يردده فلول ورجال النظام البائد سعيا لزرع الإحباط في نفوسنا وإقناعنا بأننا شعب فاشل لا نصلح للثورة ، ولن ننجح في فرض إرادتنا ..ولكن الحقيقية الواضحة كنور الشمس في رائعة النهار أن شعب مصر بقيادة شبابه الرائع حقق معجزة بكل المقاييس عندما نجح ، عن طريق ثورة سلمية اذهلت العالم بجمالها وروعتها وتحضرها ، في إسقاط الحاكم الاكثر إستبدادا وقمعا وفسادا على مدى تاريخ مصر المنظور..ولم يكن زعماء العالم مبالغين أو منحازين عندما وصفوا ثورتنا بأنها الاعظم في تاريخ البشرية ..فلم يسبق في تاريخ البشر المسجل أن نزل ما يقرب من عشرين مليون متظاهر في مسيرات سلمية لإسقاط نظام الحكم في بلادهم..وحتى لو كان المجلس العسكري متواطئا فإن الثوار ارغموه على وضع رئيسه في السجن ..وقال الفرعون من وراء القضبان "افندم" للقاضي الذي يحاكمه بإسم الشعب!!..بل نجحت الثورة ، رغم كل العقبات والمكائد ، في أن تأتي ببرلمان لم يكن معظم أعضائه يحلم بمجرد الترشح لعضويته وليس النجاح بإكتساح..وهذا المجلس هو برلمان الثورة ، أيا" كانت تحفظاتنا على الانتخابات وإدارتها ..وهو البرلمان الذي يمثل شرعية صناديق الانتخاب ، وعليه فإن دم الثوار في رقبته.. وعلى عاتقه تقع مسئولية تنفيذ كافة مطالبهم ..وفي إستطاعة هذا البرلمان نزع الشرعية فورا عن المجلس العسكري ولكنه لا يستطيع نزع شرعية الميدان..فإذا كانت صناديق الإقتراع قد أعطت الشرعية لأعضاء البرلمان فعليهم ألا ينسوا أن الشرعية الثورية ستظل من حق الميدان الذي لولاه ولولا دماء الشهداء والمصابين التي سالت فيه وحوله انهارا لما جلس هؤلاء النواب على كراسيهم.. كل هذه الإنجازات العظيمة تستحق الاحتفال بإنطلاق ثورتنا التي سنخرج يوم 25 يناير لنقول إنها مستمرة وإن موجاتها ستتلاحق حتى تحقق كافة أهدافها مهما كانت التضحيات..وسنحتفل أيضا بشهدائنا الابرار الذين ضحوا بأرواحهم وبشهدائنا الاحياء الذين فقدوا أعضاءهم ونور عيونهم لكي ترى مصرهم طريقها الى الغد بصورة اوضح وافضل ..وإنها لثورة حتى النصر..