كانوا على الموعد، ثلاثتهم يقف على نفس المسافة بينه وبين الوطن والحرية. الخال فى الإسماعيلية يكتب بقلمه الفولومستر على ورقه المسطر، ينسى آلام ذراعه تماما، وينسج قصة علاء عبد الفتاح وزملائه. على الحجار كان فى القاهرة استقبل القصيدة مع آلاف القراء، وكان له رأى آخر، حيث قرر الغناء، صاغ فاروق الشرنوبى لحنه فى الإسكندرية، ثم أهدوا إلى مساجين الثورة ضحكة ما. هم يحتفلون الآن بعلاء عبد الفتاح الذى ذهب أخيرا إلى بيته، علاء ابن أغنيتهم الناشط السياسى الذى خرج من محبسه «ولو مؤقتا» واحتضن ابنه الصغير، وصنّاع أغنيته كلٌ فى بيته يتابعون أخباره، وتقفز الكلمات: «سجانك المحتار فى أوصافك مهما اجتهد ما هيعرف انت مين»، من يعرف ملامح الثوار؟، الصادقون فقط من بينهم الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى، والملحن المهم فاروق الشرنوبى، وهذا الذى يغنى بخشوع، على الحجار، إنها قصة ضحكة علاء عبد الفتاح، وفى رواية أخرى «ضحكة المساجين»، التقى على الحجار عبد الرحمن الأبنودى، واستأذنه فى غناء جانب من القصيدة، كان يتابعهم من بعيد فاروق الشرنوبى، الذى خرج من عزلته واكتئابه على يدى صديقيه، وأنجز لحنا فى أربع ساعات فقط، يقول فاروق الشرنوبى: «الحجار كلمنى وسمعنى الجزء اللى اختاره من القصيدة بالتليفون، وبدأت أشتغل فورا بعد ما كنت مكتئبا جدا من الانقضاض اللى حصل على الثورة، وكمان نفسى أعمل أغنية تتكلم عن المشكلات اللى حصلت». الأبنودى يلفت نظر الجميع إلى أنه أهدى الأغنية أيضا إلى الدكتور أحمد حرارة، يبتسم وهو يحكى عن كيفية صنعها بهذه الجودة فى هذا الوقت القياسى: «على الحجار هو البطل الرئيسى، وهو الذى قام بتمويلها من جيبه الشخصى، وجميعنا نعلم أن جيب على الحجار مايستحملش إنتاج أغنية». الأبنودى كتب الأغنية وارسلها للنشر دون أن تعرف زوجته نهال كمال، لأنه عادة ما يخبئ عنها قصائده الوطنية، بينما يختصها بقراءة باقى أشعاره، حيث تفاجأت بها منشورة، طبعا، هو لا يتقاضى أجرا عن الأغنيات الوطنية منذ أعماله التى قدمها مع عبد الحليم حافظ، هنا يأتى ذكر الأيقونة «عدى النهار»، فيقول الخال: «أنا مغرم بضحكة المساجين وبتصويرها، وأرى أنها أغنية تحمل صدقا لا يقل عن صدق عدى النهار، لا تشبه إطلاقا تلك الأغنيات التى تذاع فقط فى المناسبات الوطنية، فهى أكثر صدقا»، لكن هذا الصدق لم يجد له مكانا على التليفزيون المصرى، وأيضا على فضائيات أخرى -فبحسب كلمات الأبنودى- رفض التليفزيون المصرى عرضها، واكتفى برنامج «العاشرة مساء» على قناة «دريم» بعرض مقطع منها، وتم إيقافها فجأة. أربع ساعات لإنجاز اللحن، وستة أيام للتسجيل والتصوير، ثم خرجت الضحكة من على شفاه كل من عمل لإتمام الأغنية، يأتى هنا دور على الحجار: «قمت بتسجيلها فى الاستوديو الخاص بى، وبالمصادفة كان معنا حاتم سيد، شقيق كريم مهندس الصوت الذى اقترح تنفيذ الأغنية بالجرافيك، وتم التصوير على مدار يوم واحد، واليوم الثانى كان للمونتاج، وتقريبا لم ينم المخرج خلال هذه الفترة سوى ساعات قليلة»، وسلمنى الكليب فى الساعة الثانية ليلا ثم ذهبت به إلى ألبرت شفيق مدير قناة «أون تى فى» التى عرضت الكليب كاملا، كما عرضت قناة «النهار» جانبا منه أيضا. على الحجار تفاجأ بردود أفعال الكليب والذى يظهر فيه مقيدا بالسلاسل «تلقيت تهنئة من المخرجة هالة خليل، وأحمد صقر، وتوفيق عبد الحميد، وعلاء الأسوانى اتصل بى باكيا، وقال لى إنها من أفضل الأغنيات التى قدمت بعد الثورة»