وزير التعليم يناقش تحديات منظومة التعليم في المنيا    الشكاوى سببها زيادة الاستهلاك.. مصدر: الإعلان عن الأسعار الجديدة للكهرباء خلال أيام (تفاصيل)    رئيس الاصلاح الزراعي يتفقد الجمعيات والمشروعات الإنتاجية بالبحيرة    السعودية تستضيف أول دورة للألعاب الإلكترونية بحلول 2025    «نعلم بارتفاع سعر الجرام».. ضبط عاطلين بتهمة سرقة الذهب في دمياط    حملات مكبرة للتصدي لمحاولات البناء العشوائي بمراكز ومدن الشرقية    المشاط: استمرار زيادة فجوة تمويل التنمية ومواجهة العمل المناخي تُشكل تحديا رئيسيا على المستوى العالمي    محافظ أسوان يتفقد جهود مديرية الطرق لتنفيذ خطة الرصف في المحافظة    جيل بايدن ترفع شعار "لا انسحاب" من انتخابات رئاسة أمريكا.. "AP" تكشف التفاصيل    الجبالي يلتقي رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني    حزب الله يستهدف جنودا إسرائيليين فى محيط موقع حانيتا بالأسلحة الصاروخية    الكرملين يصف تصريحات بايدن تجاه بوتين ب "غير المقبولة على الإطلاق"    وزير الخارجية يلتقى غدا مستشارة الرئيس الفرنسى وأمين مجلس التعاون الخليجى    تقدم جامعة طنطا في عدد الاستشهادات البحثية طبقا لتصنيف Webometrics لشهر يوليو    جماهير ألمانيا تتوقع تتويج إسبانيا بلقب يورو 2024    لليوم الثالث على التوالي.. اللجنة الخاصة لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تواصل اجتماعاتها    المخرج أحمد عزت يعلن وفاة والدة الفنانة ريم المصري    تعرف على إيرادات فيلم اللعب مع العيال ل محمد إمام    الهجرة النبوية وأنشطة صيفية ضمن فعاليات قصور الثقافة بالجيزة    محافظ الجيزة يزور «معانا» لإنقاذ انسان ببولاق الدكرور لرعاية الاطفال والمواطنين بلا مأوى    آمال ماهر وفؤاد عبدالواحد.. وليلة غنائية لا تنسى في عروس المصائف "    يوم عاشوراء 2024.. الموعد وفضل صيامه والأدعية المستحبة (كفارة لذنوب عام)    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مستشفى المبرة ويشدد على جودة الخدمات الصحية    وكيلة صحة بني سويف: الإعلام شريك أساسي في تحسين خدمات الصحة بالمحافظة    شيخ الأزهر: طالبت منذ أن كنتُ رئيسًا لجامعة الأزهر بتصميم مقرَّرات تُعنَى بنقد "المتن المنكر"    مصرع سائق اشتعلت به السيارة بسبب ماس كهربائي بالجيزة    إعلام فلسطينى: انتشال جثامين 60 شهيدا من حى تل الهوى بعد انسحاب جزئى لجيش الاحتلال    عمرو عرفة يضع وصفًا لكل أعماله ويتمنى تقديم السيرة الذاتية ل«النقشبندي» (فيديو)    الرئيس النمساوي يودع الفريق الأولمبي المشارك في دورة الألعاب الصيفية في باريس    من غروب الخميس.. فضل قراءة سورة الكهف والوقت الأمثل لقراءتها    شيخ الأزهر يستقبل رئيس هيئة الزكاة الإندونيسية ويتَّفقان على تكثيف القوافل الإغاثية لغزة    مفهوم الهجرة ومعانيها (2)    برنامج الحكومة الجديدة| ما هي آليات تمويل خلال 3 سنوات المقبلة؟    المؤسسة الدينية على قلب رجل واحد، وزير الأوقاف والضويني يشهدان صلاة الجمعة في الجامع الأزهر    نصائح لموجهة الموجات الحارة.. كيف تحافظ على برودة منزلك وصحتك| شاهد    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    "الصحة": انتهاء البرنامج التدريبي في الحوكمة الصحية بالتعاون مع كلية "ثاندر بيردا" الأمريكية    تنسيق الجامعات.. "حلوان الأهلية" تعلن تفاصيل برنامج "المختبرات الطبية" بكلية تكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية    وزير الإسكان: تسليم 50 عمارة بمشروع سكن مصر بالمنصورة الجديدة 4 أغسطس    بايدن بعد قمة الناتو: سأحافظ على قوة الحلف    تفاصيل زيارة وزير التعليم لمحافظة المنيا (صور)    جثته متفحمة.. تحديد هوية ضحية سيارة الصحراوي المشتعلة    مصرع سائق تريلا تفحمت سيارته على الطريق الصحراوي جنوب الجيزة    خلال 24 ساعة.. ضبط 14 طن دقيق مدعم داخل المخابز السياحية    أوربان يلتقي مع ترامب في محادثات "مهمة السلام" في فلوريدا    أولمبياد باريس.. استعدادات «فراعنة الأولمبي» قبل خوض غمار المنافسات    انطلاق القوافل العلاجية الشهرية اليوم لمبادرة حياة كريمة بقرى ومدن البحر الأحمر    والدها كشف الغموض.. سيدة تنهي حياتها بمبيد حشري في سوهاج    اتحاد الدراجات يحسم مصير مشاركة شهد سعيد في أولمبياد باريس 2024    بالأسماء، إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين بالعريش    رئيسا شركة وجهاز "العاصمة الإدارية" يشهدان اصطفاف معدات وعناصر شركات النظافة والصيانة بالحي السكني الثالث    ضبط تشكيل عصابي بحوزته كمية كبيرة من المخدرات والشابو والهيروين بالأقصر    موضوع خطبة الجمعة اليوم.. «لا تحزن إن الله معنا»    «معندناش اتحاد كرة».. تحرك جديد من المقاولون العرب بشأن مباراة بيراميدز    صلاح سليمان: السعيد الأفضل في مصر..وجوميز اكتشف ناشئين مميزين    عاجل.. رضا عبد العال ينتقد جوميز بعد مباراة الزمالك وطلائع الجيش    عصام مرعي: الزمالك أكبر من المنافسة على كأس الكونفدرالية    تعرف على توقّعات برج الميزان اليوم 12 يوليو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب: أمَّة عُمَر مصدر السُّلطات!
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 12 - 2011


السؤال هنا: لماذا عزل عمر خالدَ بن الوليد؟
طبعا يُكثِر المؤرخون من محاولة الصلح بين عمر وخالد فى أذهانهم وكتبهم، والبحث عن أسباب لا تطعن فى قدرة عمر على العدالة ولا تضرب فى عظمة خالد العسكرية، وفى هذا تجد الكثير، لكن من وجهة نظرى أن قرار عزل خالد كان مدهشا فى حكمته وصوابه، فالحقيقة أن خالد كان مقاتلا عبقريا وفارسا عظيما، لكنه لم يكن قائدا سياسيا ولا رجل دولة، والمكسب فى الحروب جائز بالقائد العسكرى لكن المكسب بعد الحروب وفى السلام وبناء الدولة لا ينفع إلا برجل السياسة والحنكة والحكمة والقدرة على الاحتواء والتطمين. خالد لم يكن كذلك، لم يكن سياسيا قط، وهناك خوف حقيقى من تعامله كقائد عسكرى منتصر مع أهل البلاد المفتوحة، حيث يفتقر إلى قدرة السياسى على إدارتهم والتعامل معهم، ثم هو رجل قتل منهم وأصاب، بل هناك موقعة سُميت «العيون» لأن خالد وجه السهام كلها إلى عيون جيش أعدائه ففقأ عيون قرابة ألف، فهل ممكن بعد ذلك أن يكون حاكما لهم ومدبرا لشؤون حياتهم اليومية؟ عمر أدرك أن دور خالد انتهى كعسكرى، ثم إن خالد فخور ويدلل نفسه ويرفّه عنها كرجل يضع رأسه كل يوم أمام ملك الموت، من هنا يتلذذ بالدنيا، بالحلال صحيح، لكن برفاهية لا يحب عمر وجودها ولا إضفاء المصداقية عليها ولا جعلها قدوة لأنها صادرة من رجل مثير للإعجاب، حتى لو كانت هناك جذور الخلافات القديمة بين عمر وخالد فى الجاهلية، بل وفى الإسلام، إلا أن عمر هنا يقدم أسبابا حقيقية ووجيهة ومنطقية، ثم هو فى بداية عهده وحكمه وجيوشه فى المعركة، فلن يستغنى عن قائد مهما كانت ملاحظاته عليه وفى توقيت مثل هذا، خاسرا جهوده ونبوغه إلا لأسباب وأدلة شديدة الوجاهة، ثم كان خالد بن الوليد بالنسبة إلى عمر نموذجا ممكن أن تعتبره رأس الذئب الطائر لو أحببت، فها هو ذا قائد مغوار ومنتصر جبار أطيح به لأسباب العدل والعدالة، كأنه يقول: «قرارى نافذ فلا يغتر أحد بقوته ولا بانتصاره ولا بمكانته، فالكل أمام عدل عمر سواء».
ثم إن انعقاد مجلس الشورى ومشورة أهل الرأى لم تكن على سبيل الإحسان والتبرع، بل إن عمر صرح بوضوح فى أكثر من مناسبة بأن الخلافة لا وجود لها إطلاقا إلا بالشورى، ومن كلماته الخاصة فى هذا الصدد: «لا خلافة إلا عن مشورة».
وفضلا عن أعضاء مجلس الشورى فقد كان لعامة الرعايا دخل فى الشؤون الإدارية وكان حكام الأقاليم والولايات يعيَّنون برضا أكثر الرعايا، بل إنها كانت تتم فى بعض الأحيان بطريقة الانتخاب، فعندما بدؤوا تعيين عمال الخراج فى الشام والبصرة والكوفة أرسل عمر الأوامر إلى تلك الأقاليم الثلاثة لكى يختار الناس كل شخص يفضلونه ثم يبعثوه إليه، على أن يكون أولئك الناس أكثر جدارة لديهم، وقد ذكر القاضى أبو سيف هذه الواقعة بهذه الكلمات: «كتب عمر بن الخطاب إلى أهل الكوفة أن يبعثوا إليه رجلا من أخيرهم وأصلحهم وإلى أهل البصرة كذلك وإلى أهل الشام كذلك، قال فبعث إليه أهل الكوفة عثمان بن فرقد وبعث إليه أهل الشام معن بن يزيد، وبعث إليه أهل البصرة الحجاج بن علاط، قال فاستعمل كل واحد منهم على خراج أرضه».
وكانت الوفود تأتى كل عام من المراكز وكان الهدف منها هو إطلاع الخلافة على كل أنواع الشكاوى وأحوال الدولة، ويراد من هذا العدل والإنصاف، وقد أعلى عمر هذا الحق بنفسه فى مناسبات عديدة حتى إنه خطب خصيصا لهذا الغرض فى حشد عام وصرح بذلك أيضا فى أوامره، وكان يعقد مؤتمرا عاما للمحاسبة والمساءلة مع عماله فى موسم الحج، إن أهم شىء فى إدارة الحكم هو أن تستقل جميع التنظيمات الإدارية المختلفة الواحدة عن الأخرى، وهذا أكبر دليل على التمدن والرقى، ففى بداية الدولة كانت التنظيمات الإدارية كلها متشابكة ومتداخلة، فمن يحكم الإقليم كان هو نفسه القائد وقت الحرب وهو نفسه الذى كان يقوم بعمل القاضى فى الحكم فى القضايا، ويقوم بمهمة البوليس أيضا فى العقاب على الجرائم، وبتطور الحضارة أسست إدارات مستقلة وعين على كل إدارة قائد مستقل، وهذا أحد إنجازات عمر المعجزة، فعلى الرغم من أن حضارة العرب فى ذلك الوقت كانت فى حالة بدائية للغاية ولم يكن قد انقضى على الحكم سوى بضع سنوات، فإنه أقام إدارات منفصلة لكثير من الأقسام المتداخلة. لقد أسس الدولة ليس فقط منطلقا من علمه وعدله النابع عن فهمه وإدراكه للدين، بل كذلك بنظم الدولة الحديثة وأساس التنظيم والمناهج المتبعة فى دول وبلدان هو نفسه الذى غزاها بجيوشه وفتحها بجنوده ثم تعلم منها بوعيه وعقله!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.