شاهدت «رسايل البحر» للمرة الثانية والتي أبدا لن تكون الأخيرة وعلي فكرة المشاهدة الثانية لهذا الفيلم أمتع بكثير من المشاهدة الأولي، وكنت أسأل نفسي طوال المشاهدة هو أنا ليه حاسس حلو قوي كده ومن غير شوشره، وكنت أفسر لروحي ليه كل الناس اللي أساميهم نزلت علي تترات الفيلم هم في أجمل وأحلي وأعلي حالاتهم الفنية؟ كنت أسأل كل الأسئلة وأجيب عنها دون أن تفسد متعة مشاهدتي لأن الإجابة كانت دائما ما تأتيني بنفس الكلمة: الكيميا. أيقنت أن الحكيم داوود والذي جاهد سنين طويلة لكي يتحول هذا النص البديع الذي قام بكتابته إلي فيلم ممتع لدرجة أنه ساكن بداخلي بقاله أكتر من أسبوع ومش راضي يسيبني «ويارب ما يسيبني» أيقنت أن أستاذ داوود طوال تلك السنوات العجاف وطوال محاولته المضنية في أن تخرج رسائله إلي النور لم يحبط، ولم يتقاعص ولم يستسلم لمرارة مناخ سينمائي مريض، بل ظل يستثمر السنوات ليصل إلي التركيبة السينمائية الأمثل في معادلته السينمائية المحكمة لم يترك مجالا للصدفة ولا اشتغل علي التركيبات الجاهزة ولكنه قصد مع سبق الإصرار أن يختار كل أدواته فحدث التفاعل الكيميائي بالشكل السليم ولأن كل أعضاء فريقه وجدوا ما يستحق العناء والاجتهاد فأخرج كل منهم أحلي من أحلي ما عنده بكتير. جاءت صورة صديقي وابن دفعتي أحمد المرسي في أروع حالاتها معبرة بإتقان عن روح نص الأستاذ داوود وموحية بدرجة جعلت كل من شاهد الفيلم يشعر بهذه الكيميا التي حدثت بين الأستاذ داوود وبينه، فجاءت الصورة عميقة جدا. وحدث التفاعل بنفس الدرجة مع مني ربيع مونتيرة الفيلم ليقدم إيقاعا وتدفق لهما خصوصية هي أهم من خلق تلك الشحنة بداخل كل من عشق هذا الفيلم زي حالاتي كده، أما عن الكيميا بين الأستاذة داوود عبد السيد وراجح داوود فهي ليست جديدة عليهما هما الاتنين لأن راجح هو مؤلف موسيقي كل أفلام داوود وكل واحد فيهم فاهم التاني قوي وعارف هو عايز يقول إيه وأمتي وأزاي فجاءت موسيقي راجح وكأنها خارجة من جوانا إحنا اللي بنتفرج مش من الفيلم. أما عن هؤلاء من وقفوا أمام الكاميرا فحّدث ولا حرج بسمة كانت مفاجأة مذهلة بكل معني الكاميرا شكلا وموضوعا أثبتت بأدائها الساحر أن الممثل الموهوب عندما يعثر علي شخصية مكتوبة بعناية لها أبعاد وأعماق وتحت إدارة مخرج أمين علي أن يسلم له نفسه فيخرج من هذا الممثل اللي هو نفسه ماكانش يعرف أنه عنده، ساعتها هيفاجئ الناس ويخليهم يخرجوا من الفيلم وهما بيقولوا: عندنا نجمة موهوبة وناضجة وكلها أنوثة. محمد لطفي وعندما عرف المخرج اللي بيشتغل مخرج فعلا أزاي يوظفوه ويخرج منه كل المشاعر دي جاء مؤثرا وتاركا علامة لا تمحي فما حدث مع لطفي مش سهل أنه يحصل مع ممثلين تانيين، سامية أسعد وجه جديد موهوب ومحظوظ فقد اختار لها القدر أن تكون بدايتها مع شخصية درامية من طراز خاص مناسبة لملامحها الخاصة الأمر الذي جعلني أقول إن ما حدش غيرها كان ينفع يبقي كارلا ووجه جديد آخر ضل طريقه طوال سنوات طويلة في إخراج الأفلام التسجيلية الحلوة، مامينا الدافئة المبهرة الأستاذة نبيهة لطفي. أما عن يحيي الشهير بآسر ياسين فأنا بجد مش لاقي كلام أقوله غير أنه فعلا اسم علي مسمي، يا عم الآسر المسئولية كبيرة قوي علشان إحنا مستنيين منك كتير علشان من زمان قوي مفيش ممثل أسرنا كده.