رغم أن السينما تعتمد في استمرارها علي دعم جمهور الشباب، فإن كثيراً من الأفلام التي ناقشت مشاكل الشباب وتوجهت إليهم في السنوات الأخيرة خذلت هؤلاء الشباب، وتحولت من أعمال درامية يفترض بها تقديم دراما صادقة عنهم إلي حالة تجارية سطحية لملء فراغ دور العرض في مناسبة سينمائية قصيرة نسبياً، وهي مناسبة أجازة نصف العام الدراسي ذلك الموسم السينمائي القصير الذي لا يهتم به أحد تقريباً، هو موسم يحاول تمديد فترة عرض بعض أفلام العيد الكبير الناجحة تجارياً مع بعض الأفلام المتناثرة ضعيفة الإنتاج الموجهة للشباب، أفلام ساذجة وسطحية فيها شوية أبطال شباب مغمورين بيتكلموا بلغة شباب الجامعة ويرتدوا ملابس واكسسوارات شبابية ومش مهم القصة والإخراج والتمثيل والسينما والفن، هي أفلام «كول» تحاول صنع قدر من البهجة والضجيج اللطيف في السينما، ويحاول فيلم «عايشين اللحظة» أن يداعب شباب الجامعة الذين حصلوا لتوهم علي أجازة نصف العام بتقديم فيلم خفيف يتناول بعض مشاكل الجيل الجديد، هذا ما يبدو علي الأقل في بداية الفيلم المترددة والمرتبكة حيث نتعثر بشخصيات الفيلم ولا نكاد نستوعب علاقتهم وطبيعة أدوارهم إلا بعد مرور فترة من الفيلم، ولا يعود ذلك إلي تعمد الفيلم منح الدراما قدراً من الغموض، ولكن عجز عن تحقيق الوضوح في فيلم لا يحتمل أي غموض، والفيلم يفوح منه في كل مشهد روح المبتدئين، سيناريو المخرجة «ألفت عثمان» الضعيف المفكك، وأداء «إيساف» الباهت، وشر «ياسر فرج» الهايبر المكرر، وتمثيل «إيناس النجار» المفتعل، وأداء «ميار الغيطي» الفقير، وحيرة «راند البحيري» في دور بلا ملامح، وأيضاً المونتاج الذي غاب عنه ضبط إيقاع الفيلم، وجاءت بعض نقلاته خشنة وأسرع من اللازم، وبعض مشاهده كانت أطول من اللازم، في أحد المشاهد بين «إيناس النجار» و«ياسر فرج» لا يبدو أن المخرجة والمونتير قد لاحظا أن اللقطة بها حشو زائد ومط ممل، الممثل يتحرك ببطء لتشغيل الكاسيت ثم يصب كؤوس الخمر ويضع فوقها الثلج ثم يصمت قبل أن ينطق أول جملة، وبعد مشهد خناقة كبير في نهاية الفيلم تقرر المخرجة وهي طبعاً صاحبة القصة إنهاء الفيلم فجأة لينضم الفيلم إلي قائمة أسوأ نهايات الأفلام في الفترة الأخيرة، ورغم أنها نهاية مزعجة تماماً للمتفرج ولكنها تليق تماماً بالفيلم فهو لم يزرع شيئاً ليحصده في نهاية الفيلم، الأحداث عبارة عن مجموعة من الصدف الساذجة، وكان عنوان «عايشين بالصدفة» سيليق أكثر بماراثون الصدف في الفيلم، نشاهد البطل يلتقي بالبطلة في الصباح ويتشاجرا بعد أن كاد يصدمها بسيارته، البطل مذيع مشهور وهي خريجة إعلام تبحث عن عمل في القنوات الفضائية لكنها لا تتعرف عليه اطلاقاً (حنعديها علي أساس إنها طالبة إعلام فاشلة)، ويلتقي بها مرة أخري في المساء صدفة ويعتذر لها عن خناقة الصباح ولا يبدو أنها تعرفت عليه أيضاً، في اليوم التالي تفتح التليفزيون فتجده أمامها يقدم أحد البرامج وهي مندهشة ومصدومة (ليس من أداء «إيساف» الكوميدي لشخصية المذيع علي أية حال)، ولم تكتف المؤلفة بهذه الصدف لأننا سنكتشف لاحقاً أن المذيع حبيب الصديقة الوحيدة للبطلة، وفوق البيعة تشاء الظروف أن تعمل البطلة في نفس القناة التي يعمل بها، الفيلم بالطبع ليس بهذه البساطة، صديقة البطلة لها قصة وهي أنها عاشت في فرنسا 10 سنين وتعودت علي الحرية وارتبط بها «ياسر فرج» عاطفياً لكن صديقه «إيساف» يقرر أنها لا تصلح له (لم يحدد السيناريو إذا البطل قرر هذا لأنها متحررة زيادة عن اللزوم أم لأنها بتتكلم فرنساوي عمال علي بطال ومفيش ترجمة لكلامها في الفيلم)، أما كيف أنقذ البطل صديقه؟ فالأمر سهل للغاية، فقد قرر أن يشاغل الفتاة لتقع هي في حبه، ويظل الصديقان في علاقتهما بعد ذلك مع قليل من الفتور، أما الشر فهو موجود ليجعل للفيلم طعماً، ولأن «ياسر فرج» موجود ولديه من الغضب والعصبية مخزون أداء يستطيع أن يطلقه علي المشاهدين في أي وقت، فهو يقوم بدور الشرير بنفس أدائه المكرر، وهو يقوم بدور ابن لضابط مكافحة مخدرات وهو أيضاً مدمن مخدرات وبلطجي لا يدفع ثمن المخدرات للمورد الذي يحضر له ما يطلبه، ويتضح أن هذا الديلر لديه مشكلة فهو شاب فقير وأمه عيانة وأبوه اتقتل غلط في كبسة ضبط مخدرات حدثت والديلر طفل صغير، وبالطبع لإكمال موسوعة الصدف يكون ضابط المخدرات والد «ياسر فرج» هو الضابط الذي قتل الأب، والطفل الذي كبر قرر الانتقام من المجتمع ليصبح تاجر مخدرات بالتجزئة لشباب الجامعة، وعودة لمشاكل الشباب العاطفية نكتشف أن شقيقة «ياسر فرج» الطالبة الجامعية التي تقوم بدورها «ميار الغيطي» لا تعرف كيف حملت صديقتها الجامعية رغم أنها ليست متزوجة، ويؤرقها الأمر الذي لم تفهمه فتذهب إلي كمبيوتر شقيقها لتبحث في جوجل عن إجابة لهذا اللغز العجيب الذي لم تفهمه أبداً، وهو كيف تحمل الفتاة بلا زواج؟!