حقيقة ما نراه الآن لهو أمر جلل يدمى القلوب ويمزق نياطها ، ولا أعتقد أنه لا يوجد فى مصر الآن وطنى مخلص و شريف لم يحزن ولم يعتصره الألم مما يحدث فى مصر الآن من قتل وتخريب لا مبرر له إلا شيئاً واحداً وهو الطمع فى الوصول لكرسى الحكم . إننى لن أتحدث هنا عن مدى بشاعة ما حدث للمتظاهرين ، فهو شيئ يعلمه الجميع وليس خافياً على أحد ما جرى وما يجرى حتى كتابة هذه السطور من إنتهاكات وتجاوزات فاقت حد التصور وأعمال وحشية تنبئ عن مدى قذارة وقسوة من قام بها ضد المتظاهرين العزّل . لكن ما يعنينى الآن هو السؤال الملح والمهم .... ما هو السبيل لإنقاذ مصر فى هذا الوقت ؟ وللإجابة على ذلك السؤال لابد أن نضع أولاً بعض الحقائق أمام أعيننا حتى يتسنى لنا أن نصل إلى صحيح الإجابة على هذا السؤال .... أولاً – لقد قام المجلس العسكرى بإعلان الإستفتاء على بعض المواد الدستورية وكانت نتيجة هذا الإستفتاء هى الموافقة على هذه التعديلات ولم يعد خافياً على أحد الآن ما قامت به جماعة الإخوان المسلمين من تأثير قوى على الشعب المختلفة للموافقة على هذا الإستفتاء وبالطبع ليس من أجل مصلحة الوطن بل من أجل الوصول إلى مآربهم الخاصة . ثانياً – ضرب المجلس العسكرى بعد ذلك بهذا الإستقتاء عرض الحائط وقام بعمل إعلان دستورى آخر يتكون من 62 مادة وبدون إستفتاء من الشعب عليه . ثالثاً – حدث التناحر ووقعت الخلافات بين القوى السياسية من أجل تحقيق أكبر قدر من المصالح لكل فصيل منهم على حده بغض النظر عن مصلحة الوطن العليا . رابعاً – الإعلان عن موعد بدء الإنتخابات ومراحلها المختلفة . خامساً – صدور وثيقة المبادىء الفوق الدستورية وقد أحدثت هذه الوثيقة بما حوته من مواد عجيبة هرج ومرج على المشهد السياسى فى مصر فقد حدث رفض من الإخوان المسلمين لمادة مدنية الدولة ، و قبلتها القوى اللبرالية ، وقبول الإخوان بالمواد الخاصة بتنظيم الجيش ورفض القوى الأخرى لهذه المواد ، وإتفق الجميع على رفض المادة الخاصة بتكوين اللجنة التى ستُكلف بوضع الدستور . سادساً – عادت الثورة من جديد إلى أبنائها وإلى مكانها الطبيعى وهو ميدان التحرير وكافة ميادين مصر وأصبح الميدان هو البرلمان الحقيقى للشعب المصرى . سابعاً – حرب شعواء تستخدم فيها القنابل الكيماوية والرصاص الحى والخرطوش والمطاطى ضد الثورة تجرى حالياً لإجهاضها وهو ما لن يحدث بإذن الله . كان ذاك ملخص سريع لما حدث خلال العشرة أشهر الماضية لذا أصبح السبيل الوحيد لإنقاذ مصر الآن هو الآتى : أولا – تأجيل الإنتخابات البرلمانية إلى أجل غير مسمى لأن من ينادى بإتمامها فقط هم أصحاب المصالح الخاصة فقط ولأن هذا البرلمان سيتكون من الفلول والتيارات الدينية فقط ولن تكون للقوى الثورية والشبابية المخلصة أى مكان ولأنه محكوم عليه بالفشل والبطلان مسبقاً . ثانياً – تشكيل حكومة إنقاذ وطنى يرضى بها الشعب . ثالثاً – عمل مجلس رئاسى مدنى من الأسماء الشريفة والوطنية المخلصة التى لا يختلف عليها أحد ، على أن يضم هذا المجلس عضواً من المجلس العسكرى . رابعاً – عودة القوات المسلحة إلى ثكانتها لمباشرة مهامها الأساسية فى الذود والدفاع عن الوطن وسلامة أراضيه . خامساً – تكوين لجنة منتخبة من الشعب لعمل دستور وطنى حر يحقق آمال الشعب فى العدالة والمساواة والحرية . سادساًً – إلغاء مجلس الشورى . سابعاً – إنتخاب رئيس الجمهورية . ثامناً – البدء فى الإنتخابات التشريعية . ذلك يا سادة هو السبيل الوحيد لإنقاذ مصر أما غير ذلك فهو مضيعة للوقت وإهدار للحقوق وتخريب للإقتصاد . ربّ همة أحيت أمّة .....