أظهرت نتائج استطلاع أجراه مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن غالبية المصريين يخشون صعود الاسلاميين لسدة الحكم ويتطلعون الى إقامة دولة مدنية ديموقراطية التي يرى 59 في المئة من المستطلعين أن المجتمع جاهز لها، كما يتوقع 64.5 في المئة منهم أن تكون الإنتخابات البرلمانية المقبلة نزيهة وتتمتع بالشفافية. كما كشف الاستطلاع أن المصريين لا يزالون يثقون في قدرة المجلس العسكري على عبور المرحلة الإنتقالية بسلام، وتسليم السلطة للمدنيين. ويعزو محللون نتائج الإستطلاع إلى أن المصريين بالاجمال لا يتوقون للحكم الإسلامي، وأن غالبيتهم ليبراليون بطبائعهم، ولا يميلون إلى التشدد، ويرجع خبراء ذلك إلى استخدام النظام السابق الإسلاميين فزاعة للداخل والخارج على حد سواء، وارتكاب التيارات الإسلامية أخطاء فادحة بحق المجتمع مثل عمليات السطو المسلح والقتل والتكفير، فضلاً عن وجود نماذج للحكم الإسلامي الفاشل في غزة وإيران وأفغانستان. مصر جاهزة للديموقراطية وخائفة من الفوضى ووفقاً للإستطلاع فإن 59% من المصريين أكدوا أن المجتمع جاهز للتجربة الديمقراطية، مقابل 41 في المئة يرون أنه غير جاهز، ويتوقع 64.5 في المئة منهم أن تكون الإنتخابات البرلمانية المقبلة نزيهة وتتمتع بالشفافية، في حين يرى 3.8 في المئة أنها ستكون أسوأ من انتخابات 2010 التي شهدت انتهاكات جمة، ويشير 30.1 في المئة إلى أنها سوف تشوبها إنتهاكات متعددة. وأعرب 76.2 في المئة من المواطنين عن نيتهم للتصويت في الانتخابات البرلمانية وأشار 20.6 في المئة إلى أنهم لن يذهبوا و3.2 في المئة ربما يذهبوا للتصويت. كما أظهرت نتائج الإستطلاع أن استمرار الفوضى وحالة الإنفلات الأمني هي أخطر السيناريوهات التي تواجه مصر، وأقرّ بذلك 60.5 في المئة ممن شملهم الإستطلاع. ويرى 22.6 في المئة أن سيطرة التيار الاسلامي على الحكم من أخطر السيناريوهات، ويخشى 13.8 في المئة من الحكم العسكري. دولة مدنية لا إسلامية وحول شكل الدولة التي يفضلها المصريون بعد الثورة، أظهرت النتائج أن 44.5 في المئة يفضلونها دولة ديمقراطية مدنية، ويفضل 6.45 في المئة أن تكون دولة إسلامية، فيما يعتقد 10.1 في المئة أن الدولة القوية بغض النظر عن أنها دولة ديمقراطية هي الشكل الذي يفضلونه. ثقة بالمجلس العسكري وكشفت النتائج أن المصريين يثقون بقوة في المجلس العسكري، وقال 89.4% إنه قادر على توفير الظروف المناسبة للانتقال الديمقراطي، وأكد 88.3 في المئة أنهم يثقون في نيته نقل السلطة لحكومة مدنية، وأبدى 91.7 في المئة ثقتهم في قدرته على إجراء انتخابات حرة، ويرى 78.9 في المئة أنه سيمضي في إجراء محاكمات نزيهة وعادلة لرموز النظام السابق. تفوق موسى وتراجع البرادعي وعن مدى شعبية المرشحين المحتملين للرئاسة، رصد الإستطلاع تفوق الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ورئيس مجلس الوزراء السابق أحمد شفيق، في مقابل انخفاض شعبية مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق محمد البرادعي، والمفكر الإسلامي سليم العوا. وأعلن 41.1 في المئة نيتهم التصويت لصالح موسى، وأشار 8.9 في المئة إلى أنهم سيصوتون لشفيق، فيما قرر 7.3 في المئة التصويت لعمر سليمان، وتوقع 85.3 في المئة ألا ترشح المؤسسة العسكرية أيًا من ضباطها للإنتخابات الرئاسية، ورأى 14.7 في المئة أن ترشح أحدهم. ليبراليون بطبيعتهم وحسب الناشط السياسي أبو العز الحريري عضو مجلس أمناء الثورة، فإن المصريين معروفون بتدينهم المعتدل، ولم يعرف عنهم التشدد، مشيراً إلى أن غالبيتهم ليبراليون بطبيعتهم المعتدلة، وأضاف أن الإسلاميين لن يصلوا للحكم كما يتوقع البعض، مشيرا إلى أنهم قد يحصلون على الغالبية، لكنها غالبية لن تمكنهم من السيطرة على الحكم، وتوقع أن يضم البرلمان المقبل كافة ألوان الطيف السياسي. وأوضح الحريري أن ثورة 25 يناير، دعا إليها الشباب الليبرالي واليساري بالأساس، وشاركت فيها غالبية المصريين منذ يوم 25 يناير، وحتى جمعة الغضب 28 يناير، باستثناء التيارات الإسلامية، التي لم تشارك فيها إلا منذ جمعة الغضب فقط، بل إن جماعة الإخوان دعت شبابها صراحة إلى عدم المشاركة، وهذا يؤكد أن الثورة صناعة مصريين معتدلين، وليس مصريين يريدون إقامة دولة دينية، بل يريدون دولة مدنية ديمقراطية. الإخوان يريدونها مدنية ويقول اليقادي الأخواني محسن راضي إن الإخوان قالوا مراراً وتكراراً إنهم لا يسعون لإقامة دولة دينية، بل يسعون إلى دولة مدنية ديمقراطية تكون الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع فيها، وتحترم الحقوق والحريات، ويتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. وأضاف "المصريون جربوا كافة التيارات السياسية، ويبدو أنهم ينوون تجربة التيار الإسلامي، الذي بات واضحاً أنه ثقة المصريين تزداد بحقه"، داعياً الجميع في الداخل والخارج إلى إحترام إرادة الشعب في حالة إذا اختار التيار الإسلامي في الانتخابات المقبلة. ولفت راضي إلى أن فوز حزب النهضة الإسلامي في تونس مؤشر إلى ثقة الناخب العربي بالتيار الإسلامي، مؤكداً أن الإخوان والإسلاميين في أنحاء العالم العربي دفعوا الثمن باهظاً في سجون ومعتقلات الأنظمة الإستبدادية، وتعرضوا للتعذيب والقتل، وأغلقت شركاتهم ودمرت أعمالهم. بدوره يرى الدكتور نبيل عبد الفتاح، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أن هناك عدة عوامل أدت إلى رسم صورة مشوهة ومفزعة لدى المصريين منها، إستخدام نظام مبارك الجماعات الإسلامية والإخوان فزاعة للغرب وأميركا خصوصاً، كما إستخدم تلك الفزاعة ضد الداخل، ولاسيما في مواجهة المرأة والأقباط والناصريين واليساريين والليبراليين والمسلمين المعتدلين. وأضاف إن هناك عوامل أخرى ساهمت بشكل أكبر في عدم تفضيل المصريين لحكم الإسلاميين: منها أن الجماعات الإسلامية مثل الجهاد والتكفير والهجرة ارتكبت أخطاء فادحة بحق المجتمع عندما حملت السلاح واغتالت الرئيس الراحل أنور السادات، وقامت بهجمات على محلات الذهب واستحلال دماء بعض المصريين مثل الكتاب والمفكرين، إضافة إلى أن هناك نماذج حكم إسلامي ليست ناجحة في محيط مصر، ومنها السودان وإيران وأفغانستان وغزة تحت حكم "حماس". واشار إلى أن كل هذه العوامل ساهمت في رفض المصريين لفكرة وصول الإسلاميين للحكم أو بالأحرى إقامة دولة إسلامية، ولذلك هم يفضلون الدولة المدنية الديمقراطية. ودعا عبد الفتاح التيارات الإسلامية إلي أهمية تبني خطاب سياسي وإعلامي معتدل يؤمن بالديموقراطية والدولة المدنية التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون.