الولايات المتحدة: الانتخابات المبكرة يمكن ان تجلب اسلاميين غير وديين الى السلطة عماد جاد: "ليس هناك اي حزب سياسي يستطيع ان يضع ثقته الآن في المجلس الأعلى للقوات المسلحة, وما نشاهده هو الوجه الحقيقي للمجلس بعد رفع الغطاء عنه" حسام بهجت: تأجيل تسليم السلطة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية يحمل "دلالة واضحة على ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة لا يرغب في انتخاب رئيس مدني المجلس العسكري تقول صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير من مراسلها في القاهرة ديفيد كيركباتريك ان المجلس العسكري الاعلى الحاكم حالياً في مصر لا يعتزم ارخاء قبضته على زمام الحكم في وقت قريب وسيظل يمارس سلطات واسعة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية في موعد لم يحدد بعد. وفي ما يأتي نص التقرير: "يسعى حكام مصر العسكريون الى توسيع نطاق سلطاتهم الى حد اخذ معه عدد متزايد من المحامين والنشطاء يشككون في استعدادهم للخضوع في نهاية الامر للسلطة المدنية. وقال عضوان في المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك للمرة الاولى في مقابلات هذا الاسبوع ان المجلس يعتزم الاحتفاظ بالسيطرة التامة على الحكومة المصرية حتى بعد ان يبدأ انتخاب برلمان جديد في تشرين الثاني (نوفمبر). وقالا ان دور السلطة التشريعية سيظل تابعاً كما كان حال البرلمان السابق في عهد مبارك وسيكون المجلس العسكري هو الذي يعين رئيس الوزراء ومجلس الوزراء. وقال اللواء اركان حرب محمود حجازي: "سنحتفظ بالسلطة الى ان يصبح لدينا رئيس". وكان العسكريون قد تعهدوا في بيانات رسمية في (مارس) باجراء انتخابات رئاسية بحلول (سبتمبر). لكن الجنرالات يقولون الآن ان الانتخابات الرئاسية لن تأتي الا بعد انتخاب برلمان وتشكيل مجلس دستوري وابرام دستور جديد – وهذه عملية يمكن ان تمتد الى 2013 او ما بعد ذلك. وكان الانتقال الى الحكم المدني قبل وليس بعد صياغة دستور جديد من المكونات الجوهرية لاستفتاء عام على "اعلان دستوري" اجري في (مارس) ايضاً. وطالب الاعلان بأن يقيم المجلس العسكري مؤسسات ديموقراطية ويجمد قانون الطوارىء المستمر منذ 30 سنة والذي يسمح باجراء اعتقالات من دون محاكمة، قبل صياغة الدستور لضمان نقاش حر. ولكن العسكرين بتمديدهم أمده، سيشرفون الآن على العملية الدستورية. وكتب الخبير القانوني طارق البشري هذا الاسبوع قائلاً ان خطة العسكريين الجديدة "انتهاك للاعلان الدستوري"، مجادلاً بأن الاستفتاء الذي يعتبر ميتاً الآن كان مصدر الشرعية الوحيد للعسكريين. وقد اعربت الولاياتالمتحدة، التي يسودها قلق كبير من ان انتخابات مبكرة يمكن ان تجلب اسلاميين غير وديين الى السلطة، حتى الآن عن رضاها عن نهج العسكريين الابطأ بشأن تسليم السلطة. وحضت وزيرة الخارجية (الاميركية) هيلاري كلينتون في ظهور لها هذا الاسبوع مع وزير الخارجية المصري على نهاية مبكرة لقانون الطوارىء لكنها وصفت خطة الانتخابات بأنها "جدول زمني مناسب". اما داخل مصر فان الجدول مصدر جديد للتوتر بين المجلس العسكري والقادة السياسيين المدنيين من الليبيراليين الى الاسلاميين. ويقول القادة السياسيون انهم صدموا الاسبوع الماضي عندما توفي اكثر من اربعة وعشرين متظاهراً من المسيحيين الاقباط في اشتباكات مع جنود يحرسون مبنى حكومياً. وقد دهس بعض المتظاهرين بعربات عسكرية واطلق الرصاص على بعضهم الآخر. ويقول كثير من القادة السياسيين ان الثقة في المجلس الاعلى للقوات المسلحة وصلت الى حافة الهاوية، بعد ثلاثة ايام من توجيه المجلس اللوم في حوادث القتل على اعتداء المتظاهرين، ونفيه ان يكون الجنود قد استخدموا الذخيرة الحية. وحظر المجلس قيام تحقيق مدني في الاشتباكات. وقال عماد جاد، المحلل في مركز "الاهرام" للابحاث الذي تموله الدولة المصرية وهو عضو نشيط حاليا في الحزب الاجتماعي الديمقراطي، انه "ليس هناك اي حزب سياسي يستطيع ان يضع ثقته الان في المجلس الاعلى للقوات المسلحة. وما نشاهده هو الوجه الحقيقي للمجلس بعد رفع الغطاء عنه". ويقول النشطاء والمحللون الان مشيرين الى سلسلة من المؤشرات الشعبية واسلوب الاجراءات ايضا، انهم يعتقدون ان المجلس يسعى الى ابطاء عملية الانتقال الديمقراطي الى ان يتأكد لديه ان موقفه وصلاحياته ستظل من دون ان يمسها شيء حتى خلال الحكم المدني. ودعا البعض هنا الى منح الجيش حقوقا خاصة تشمل حصانة من المقاضاة أمام المحاكم المدنية والحماية من الهفوات الناشئة عن عملياته وميزانيته، ووثيقة رسمية تخوله التدخل في الشؤون السياسية باسم حماية الصفة العلمانية للحكومة. وقال حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية لحماية الافراد، انه "سر مفضوح" ان يكون الهدف الرئيس للمجلس الاعلى هو تأكيد سلطاته الخاصة. وقال ان تأجيل تسليم السلطة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية يحمل "دلالة واضحة على ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة لا يرغب في انتخاب رئيس مدني يمكنه وفق احكام الدستور الحالي ان تكون لديه سلطة على الجيش للمرة الاولى منذ ثورة 1952". وكان بعض الليبراليين ينظرون في الربيع الفائت الى الجيش على انه يسير سريعا نحو انتخابات جديدة. ويخشون من ان يؤدي تحقيق الجدول الزمني الاصلي للجيش للانتقال الى الحكم الديمقراطي بانتخابات نيابية ورئيس جديد وصياغة دستور جديد، كل ذلك باكمله خلال بضعة اشهر، الى تسلم الاخوان المسلمين زمام السلطة، وكانت تلك الحركة تمثل المعارضة السياسية الرئيسة في مصر خلال حكم مبارك. وحدث ذلك عندما بدأ بعض الليبراليين يطالبون علنا بان يحدد الجيش بنفسه مدى صلاحياته ودوره بمقتضى الدستور الجديد، بما في ذلك السلطة الذاتية والصلاحيات العريضة للتدخل لحماية الصفة العلمانية للدولة. وهناك من يرى في اعمال العنف الدموية للجيش ضد المحتجين الاقباط على انها تحذير لهؤلاء الليبراليين. وقال السيد بهجت عضو المبادرة المصرية لحقوق الافراد ان "النخبة من الليبراليين كانت مغمضة العينين نتيجة الخوف من تسلم الاسلاميين السلطة لدرجة انهم كانوا على استعداد لقبول غطاء امني من الجيش. الا ان مجزرة الاحد كانت نقطة تحول لانهم أدركوا ما يستطيع الجيش ان يفعله – جبروت جاء في وقت مبكر جدا للتذكير بما كانت عليه الامور خلال حكم مبارك". وفي اعقاب المواجهة بين الجيش والمحتجين المسيحيين الاقباط، وقف الاخوان المسلمون موقفاً متعاطفاً مع دور الجيش اكثر من موقف الاحزاب الليبرالية. وجاء في بيان للاخوان ان "لدى جميع افراد الشعب المصري، وليس لدى اخواننا المسيحيين فحسب، شكاوى ومطالب مشروعة، غير ان هذا ليس الوقت المناسب للمطالبة بها". كما اعترض الاخوان على جدول الانتخابات الجديدة. وحث حزبهم "الحرية والعدالة" المجلس العسكري على "العودة الى التصور الأول الذي عرضه، والذي غيره من دون اي اسباب معروفة، لاجراء الانتخابات الرئاسية من دون تأخير". وسيكون من اهم اعمال البرلمان الجديد اختيار اعضاء لجنة وضع الدستور. وقال المجلس العسكري انه سيفرض بعض ضوابط التنوع في العضوية. واقرت الاحزاب والمرشحون المتنافسون في الانتخابات النيابية بانهم لا يعرفون مدى الصلاحيات التي سيتمتعون بها فيما يواصل المجلس الاعلى للقوات المسلحة السيطرة على الحكومة. الا ان عددا من السياسيين قالوا انهم ينوون الدخول في المنافسة على المقاعد، وذلك جزئيا ليكون لهم منبر يمكنهم منه تحدي المجلس. وتساءل جاد من الحزب الاجتماعي الديمقراطي "هل يمكننا عمل شيء غير ذلك؟".