كتب الصديق النبيل الراحل الدكتور محمد السيد سعيد في جريدة «الدستور» منذ عامين (17 فبراير 2008 ) هذا المقال القصير: «.. قضي الزميل مسعد أبو فجر أكثر من ستين يومًا في السجن عقابًا علي جريمة فظيعة وهي الشجاعة. عبَّر مسعد أبو فجر عن مطالب شعبية أصيلة وجوهرية لأهاليه في سيناء، وهي كلها مطالب غاية في البساطة والتعقل، ويعيبها فقط أنها تعبر عن الرغبة الدفينة للبشر في الحياة، وربما كانت هذه هي الجريمة الفظيعة التي يعاقبونه عليها. «ودنا نعيش» هو الشعار الذي أطلقه الأديب والكاتب السيناوي المعروف والمحبوب من كل من لاقاه أو قرأه. وبدلا من الأكاذيب والافتراءات العادية في صياغة الاتهامات كان الأفضل أن يسألوه عن هذه الجريمة الفظيعة «لماذا ودك تعيش؟ بأي مناسبة ودك تعيش؟ وكم منكم «ودهم يعيشوا» فعلا؟ ومن هم؟ وأين وكيف «ودكم تعيشوا»؟ وهل تشجعكم قوي خارجية علي هذه الرغبة؟ هل لأمريكا أو فرنسا أو أي دولة أجنبية أي دور في تشجيعكم علي الرغبة في الحياة؟». ولا أدري لماذا يتم إلقاء القبض علي مسعد أبو فجر أصلا. فالدولة الطاغوتية تحل جميع مشاكلها بمجرد الطناش، فهي تطنش علي المطالب الحقيقية التي تحل مشاكل الشعب، وتطنش أيضا علي الأنشطة الفاسدة التي يضطر بعض الناس لممارستها بسبب اليأس من الحلول الحقيقية. وأهم مطالب أبناء سيناء يتعلق بملكية الأرض الزراعية التي يستصلحونها هم بجهدهم وعرقهم وأموالهم القليلة. ويكفي ذلك تمامًا لأن يطلق القدرات التنموية الكبيرة لسيناء وأن يمهد للتطبيق الخلاق لبرامج تنمية وتعمير سيناء وهي التي وضعها نظام مبارك علي الرف. والواقع أن كل يوم تأخير أو تطويل في الطناش علي هذا المشروع يعني تعريض سيناء لجميع التهديدات المعروفة والمجربة بدءًا من التهديدات الإسرائيلية وصولا إلي إغراق البلد بالمخدرات. وربما تكون هذه هي جريمة مسعد أبو فجر. فهو يكره المخدرات ويتبني الموقف التاريخي لليسار منها ومن الاقتصاد الطفيلي عموما. كان يريد أن يعمم أفضل التجارب السيناوية وأكثرها نجاحًا علي الإطلاق وهي تحويل سكان سيناء إلي النشاط الزراعي الإنتاجي، ولذلك لا أستبعد إطلاقا أن يكون تجار المخدرات، وثيقو الصلة ببعض الأجهزة، وراء القبض عليه وإبقائه كل هذا الوقت في السجون. ندعو ونطلب وقفة من اتحاد الكتاب والمثقفين والأدباء لإطلاق سراح الزميل السيناوي الكبير. ونشد علي يديك يامسعد.. وننتظر الفجر لك ولنا ولمصر كلها - محمد السيد سعيد) - انتهي. مات محمد السيد سعيد ومضي عامان ومازال مسعد أبو فجر في الاعتقال، فرغم حصوله علي 18 حكمًا قضائيًا بالإفراج تصر وزارة الداخلية علي تجديد اعتقاله بعد كل قرار إفراج. وما زالت الدولة غير قادرة علي إدارة ملف سيناء الوطن وليس سيناء الأمن ولا سيناء السياحة، وهو ما لا نستغربه من دولة فشلت في التعامل مع ملف الجماعات الإسلامية التي كانت مراجعاتها تتطلب تغيير الاستراتيجية في التعامل معها، ليس بالعفو لا سمح الله لأنه لم يطلب عفوًا بل يطالب - ونطالب له ومعه - بحقه في الالتزام فقط بالإفراج في موعده بعد استيفاء العقوبة، لكن عبود الزمر وطارق الزمر مازالا في سجن دمنهور حتي الآن وبعد سنوات من انتهاء المدة وهو ما يعني أن العقوبة سياسية وليست قانونية، في حين لا ندري الملابسات التي أدت لتحريك ملف إبراهيم سليمان نحو عقوبة قانونية هي في النهاية - بالطبع - قرار سياسي. وهو ما يتقاطع بالطبع مع رفض قمع وحبس آلاف المعتقلين السياسيين في ظل قانون الطوارئ، وما جري بقرار سياسي (لأن استمرار قانون الطوارئ قرار سياسي في النهاية) من محاكمات عسكرية قضت بالسجن علي مدنيين هم خيار كوادر الإخوان وعلي رأسهم القيادي خيرت الشاطر. نطالب بالحرية وتطبيق القانون في حق السجناء السياسيين من مسعد أبو فجر للزمر للإخوان لبقية الذين يبيتون في سجون مبارك من المعتقلين، وضحايا التعذيب وباقي عموم المحبوسين علي ذمة الدولة بزعم الأمن. لقد آن للنظام أن يطوي ملفات كثيرة وأن يغلقها لتنتهي مآسي ومخازي ثلاثة عقود ماضية، فقد شهدت الجماعات مراجعات أما الدولة فلم تراجع شيئاً، وتحملت قيادات الجماعات ثمن خروجها علي الشرعية ولم يتحمل النظام شيئاً، ولا نطالب اليوم إلا بأن يتحمل النظام السياسي مسئوليته القانونية ويحاسَب الجهاز الأمني عما فعل في الناس وتحاسَب قيادته.. بالضبط كما يُحاسب اليوم المفسدون في قطاع الإسكان (رغم غموض المشهد، فيما يخص لماذا ولمصالح من ولماذا الآن). يريد النظام أن تخرس مصر حتي تعدي الانتخابات البرلمانية والرئاسية علي خير، والحق أنه يجب ألا تسكت مصر إذا كان لأي خير أن يعدي علي الوطن.. في أي وقت! نطالب بالحرية وسيادة القانون.. وعودة الدولة، وعودة الجمهورية.