أجمل ما في فوز مصر بكأس الأمم الأفريقية. دروسه، قد تسمع من بعض «المجعلصين» أننا شعب تافه يفرح لكرة القدم. ويخرج الناس من بيوتهم. رجالاً ونساءً وأطفالاً ليفرحوا بالنصر المزيف. وتسمع من المخبرين في الصحافة أن النصر بسبب رعاية الرئيس للرياضة وبدعاء ورقص جمال مبارك فاز المنتخب. وأراه دليلاً عظيماً علي عظمة الشعب المصري. وهو بلا جدال من أعظم شعوب العالم. ومصر من أهم الدول في العالم بناسها. مصر فقط. ينقصها العدل والأمل لو توافر ذلك ستصبح دولة عظيمة في كل المجالات. تمتلك مصر شعباً يمتلك جين الإمبراطورية. يمتد شمالاً وجنوباً. شرقاً وغرباً. وهو ما يخشاه الغرب فينا. فبعد حرب أكتوبر المجيدة والعظيمة. تيقن العالم أن تلك الدولة خطرة علي مصالحها. وقال كسينجر مقولته الشهيرة: إن علي المصريين ألا يجوعوا إلي حافة الثورة. وألا يشبعوا حتي يغيروا علي جيرانهم، وتصبح إمبراطورية وتجربة محمد علي وجمال عبدالناصر تشهد علي ذلك. في فترة ما بعد النكسة وحتي حرب أكتوبر. ست سنوات هي الأعظم في تاريخ مصر الحديث. دولة جيشها مهزوم. وأرضها محتلة. وهزيمتها مهينة. وخلال ست سنوات ظهر في الأفق أمران هما الأهم عند المصريين. الأمل في الانتصار ورد الاعتبار والعدل في اختيار القادة. كل من تولي منصباً قيادياً كان فذاً ناجحاً في عمله وعندما توافر الأمل والعدل. انتصرت مصر. رئيس الأركان الفريق عبدالمنعم رياض كان أفضل القيادات. كان الرجل يعبر القناة هو ومجموعة من ضباطه إلي سيناءالمحتلة. وعندما سألوه عن ذلك الخطر الذي يفعله. قال: لابد أن ألمس الأرض التي سأحارب عليها. لم يجلس الرجل في مكتبه المكيف ينظر ويخترع الكلمات المعسولة ليوهم الشعب بقدرته الفذة علي القيادة. كانوا رجالاً شرفاء. الشرف كان لا يزال يسري في دمهم. لا فساد. لا موالسة. لا حزب وطني ولا أمانة سياسات وانتصرت مصر. ونصر مصر دوماً ما يكون. نصراً. مفاجئاً وغير متوقع وكبيراً ومذلاً للعدو. هكذا كانت مباراة الجزائر الأخيرة. انهزمنا بأخطاء من بين أيدينا. رجال يريدون أن يركبوا النصر. ويأخذوا الشعبية المزورة. فانهزمنا هزيمة مذلة. وضاع الأمل وخرجنا من كأس العالم. لكن البطل والقائد وهو هنا هذه المرة حسن شحاتة. كان مثل جمال عبدالناصر. مع الفارق الكبير. قائد انهزم غدراً. فأعاد ترتيب أوراقه. وأعطي الأمل لرجاله. ووفر لهم العدل في اختياره لكل اللاعبين. رغم هجوم البعض عليه وكان الهجوم قاسياً وعنيفاً. لكن الرجل لم ينتبه. وكنت أتعجب من رغبة اللاعبين في مقابلة الجزائر في قبل النهائي. تحدٍ جديد لجين الإمبراطورية. وكان الهدف هنا محدداً. الانتصار البطولة. الأمل الذي نتحدث عنه بعد توفير العدل. لذلك نزل الفريق مباراة الجزائر. وهو لا يري سوي شيء واحد فقط. النصر لذلك لو راجعت المباراة ستجد أشياءً مهمة غير مقصودة. الحضري بعد تحية العلم. جري علي أرضه التي سيلعب عليها وتحسس الأرض التي سيحارب عليها. وكان القائد أحمد حسن لو تلاحظون يقوم بإجراء القرعة. وهو غاضب. حتي سلامه علي قائد الجزائر كان بوجه متجهم. قوي. الكل في مكانه. يعرف دوره تماماً ويقوم به علي أكمل وجه.. الكل يريد أن يرد الاعتبار لنفسه ولبلده. اعتبار الوطن المسلوب وعند احتساب ضربة الجزاء. لاحظ أن اللاعبين لم يجروا فرحاً. لأن الهدف لم يتحقق بعد. المباراة لن تنتهي بهدف واحد. بل بأكثر من هدف. لأن انتصار المصريين لابد كما قلنا. مفاجئ وغير متوقع وكبير ومذل للمنافس. لاحظ آخر المباراة كيف كان لاعبو الفريق المصري. يهزأون بالفريق الجزائري. بالكرات الأرضية مثل لعبتنا زمان في الشارع- الكلب الحيران- وانتصر الفريق. وخرج الشعب للشارع في ثورة عارمة. فرحة النصر كانت علي كل الوجوه. هل سمعت أو قرأت أن هذا التجمع الرهيب من البشر نتج عنه حالة تحرش واحدة؟ ولا حالة رغم أني كنت أري بعين رأسي بنات تقف في منتصف الشارع يرقصن وحولهن الشباب يرقصون. تلك هي مصر الحقيقية. تجلت في حسن شحاتة العادل وصاحب الأمل ورجاله المخلصين له. ولوطنهم. مصر لو تصدقون عظيمة. ولا تتوقف عن إنجاب النوابغ هذه هي خلقتها من عند الله. لم يأخذ أحد النصر لنفسه وقال أنا صاحب النصر. الفريق هو صاحب النصر. الجميع هو صاحب النصر. وعندما توافر العدل والأمل. احتلت مصر مكانتها التي تستحقها. أمة عظيمة بين الأمم الكبري العظيمة. شكراً لحسن شحاتة ورجاله ولاعبيه؛ لإعطائنا هذا الدرس العظيم. لعل إخواننا البُعدا يفهموا الدرس!!