قد تتعرض دلتا النيل في مصر لكارثة تدمر الأراضي الزراعية وتدفع السكان إلى هجرة جماعية اذا لم يتم التصدي لمشكلة التغير المناخي الذي يتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط، بحسب ما يقول الخبراء والمزارعون المصريون. وبدأ بالفعل تآكل الأراضي وانخفاض خصوبتها بسبب الأملاح في دلتا النيل التي تمتد من القاهر حتى البحر المتوسط ويحدها من الجانبين فرعي نهر النيل والتي كانت على مر التاريخ مخزن حبوب مصر. وخلال العقد الماضي، زاد منسوب البحر 20 سنتيمتراً,واذا ما ارتفع متراً إضافياً فسيؤدي ذلك إلى غرق 20% من أراضي الدلتا، بحسب دراسات للخبراء. ويقول تقرير حكومي مصري حديث حول شواطئ الأسكندرية أنه "يتوقع أرتفاع منسوب مياه المتوسط بمقدار 30 سنتيمتراً بحلول العام 2025 وهو ما سيؤدي إلى إغراق 200 كيلومتراً مربعاً" ما سيطرد بدوره نصف مليون شخص إلى النزوح. وبحلول نهاية القرن الحالي، سيصبح سبعة ملايين شخص على الأقل "نازحين من ضحايا التغير المناخي". وتشكل أراضي الدلتا ربع المساحة الزراعية في مصر أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان (80 مليونا). ويصدر جزء كبير من الانتاج الزراعي للدلتا وهو ما يعود على البلاد بدخل كبير. وبدأ بعض المزارعين هجرة أراضيهم بينما يحاول البعض الأخر التصدى لمشكلة ملوحة التربة بتغطيتها بطبقة من الرمل لتكون بمثابة عازل عن الاملاح. ويقول السيد سعد وهو مزارع يملك قطعة ارض تقع بين رشيد والاسكندرية "اننا نشتري هذا الرمل الذي يكلفنا كثيرا، من اجل تكوين طبقة عازلة تتيح للمحصول ان ينمو ولكن الامر اصبح صعبا للغاية". وبدأت شركات هندسية متخصصة في دراسة هذه المشكلة, وأعد ممدوح حمزة وهو مهندس وخبير مصري في التربة دراسة لرفع مستوى الشاطئ مترين مع خلال إنشاء حاجز يمنع في الوقت نفسه المياه من المرور والاملاح من التسرب إلى التربة. وعرض ممدوح حمزة مشروعه على السلطات ولكنها لم تبت فيه بعد خوفاً بصفة خاصة من أن يؤثر على الشواطئ السياحية للساحل. وتقر مصر بانها تعاني من أثار التغير المناخي والأرتفاع الحراري ولكنها تحمل المسؤولية للدول الصناعية الكبرى. ويؤكد محمد الراعي وهو خبير في المركز الاقليمي لمواجهة الكوارث أن "نصيب مصر من الغازات المسببة للأرتفاع الحراري في العالم لا يتجاوز 6،0%". ولكنه يضيف أن "التغير المناخي يشكل دون أدنى شك تهديداً للأمن الغذائي وللنظام الأجتماعي برمته". ويتابع "إذا ما غمرت المياه بعض المناطق فينبغي تحويلها إلى مزارع سمكية وإذا كان هناك إمكانية لحماية مناطق أخرى فينبغي بناء حواجز". ويعتقد هذا الخبير أن "موضوع التغير المناخي ليس مدرجاً ضمن أولويات الدولة في حين أنه ينبغي أعتباره قضية أمن قومي".