قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إنه تحت وصاية رئيس التحرير أسامة سرايا، كانت الحكومة المصرية تدير جريدة الأهرام التي تعتبر واحدة من أقدم الصحف العربية -الصحيفة التي كانت لسان حال نظام الرئيس حسني مبارك- وأكبر دليل على ذلك، إنه في يوم 26 يناير، أي اليوم التالي مباشرة لاندلاع الثورة المصرية، كان غلاف الجريدة يحمل عنوان عن احتجاج في لبنان بدلاً من تغطية أحداث الثورة المصرية. والآن بعد أن أطاحت الثورة بنظام مبارك، بدأ فريق عمل الجريدة في مدح الثورة المصرية واستنكار سرايا وطلب التحقيق في ثروته المالية، لدرجة إن بعض المحررين قاموا بمنعه من دخول مقر الجريدة، ونام أحدهم في مكتبه خوفًا من إزالة أو التخلص من أي مستندات تدين سرايا، حتى سرايا نفسه بات يدافع عن الثورة ويقول إنه بذل الكثير من أجل الإصلاح والتغيير أثناء وجود نظام مبارك. ونقلت عن أسامة سرايا في حوار أخير له: "إذا كنتم تريدون مني أن أتحمل كافة أخطاء الصحيفة، فأنا مستعد لذلك" وأبدى إعجابه بمبارك الذي يعتبره "أبًا"، كما قال إنه ليس لديه ما يندم عليه وإنه كان سعيد للتعامل مع رجل عظيم مثل مبارك الرجل الذي مثلما أخطأ قد أنجز. وأضاف إن الذين ينتقدونه الآن، هم أيضًا مذنبين لأنهم أيدوا النظام بحماس مثلما فعل. وقالت الصحيفة إن البرلمان المصري كان يتمتع بسلطة تعيين رئيس تحرير لصحيفة الأهرام، ولكن الآن يعتمد مستقبل سرايا على الانتخابات البرلمانية القادمة المقررة آخر هذا العام وذلك بعد أن تم حل البرلمان من قبل القوات المسلحة الشهر الماضي، وقالت إن سرايا ينوي البقاء رئيسًا لتحرير الأهرام. وذكرت وول ستريت جورنال إن صحيفة الأهرام تعتبر صحيفة عريقة، تأسست عام 1875 في الإسكندرية على يد أخوين لبنانيين. وكانت تستضيف صفحاتها مقالات لأبرز الكتاب في العالم العربي. وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أصبحت الأهرام الصحيفة القومية الأولى في مصر، وعين عبد الناصر محمد حسنين هيكل رئيس تحرير لها. وكان من أبرز كتابها في هذه الفترة الأديب نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل. ولكن، بعد أن عين مبارك سرايا رئيسًا لتحرير الأهرام اليومية عام 2005، أصبحت الأهرام لسان حال الرئيس وابنه جمال مبارك ونظامهما. وقال سرايا معلقًا على ذلك، إنه لم ينحاز إلى مبارك في الجريدة وإنها لم تتبن وجهة نظر معينة. كما نقلت عن كثير من العاملين بالجريدة إن سرايا كان يتملق الرئيس مبارك دائمًا مستخدمًا الجريدة. ففي 2008، كتب سرايا احتفالاُ بعيد مولد الرئيس مبارك إن يوم 4 مايو 1928 كان "يوم ميلاد مصر." وفي سبتمبر الماضي، أثناء محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أجرت الأهرام تعديلاً في الصورة التي أخذت للرؤساء المشاركين في المحادثات، وجعلت مبارك في المقدمة وخلفه أوباما وبقية الرؤساء المشاركين. وبعد أن كشف هذا التزوير على يد أحد المدونين، قال سرايا إنها مجرد صورة "تعبيرية" تدل على ريادة مبارك ودوره الفريد كزعيم إقليمي. ونقلت عن جمال إسماعيل نائب رئيس الأهرام، أنه أثناء الثورة، كان يلجأ بعض المتظاهرين المصابين إلى مقر الجريدة. وقد بدا سرايا وكأنه يريد مغادرة المتظاهرين المصابين من المبنى. وكانت حجة سرايا في ذلك، إن ذلك قد يعطي الفرصة لبعض الأشخاص لاتهام الصحيفة بإصابة هؤلاء المتظاهرين.ولكن أقنعه جمال إسماعيل بأن يتركهم حتى يتم علاجهم. ووفقًا لبعض الصحفيين بالأهرام، قالوا إن سرايا كان يتجنب الاجتماعات مع فريق العمل أثناء الثورة، وإن تأييده لمبارك استمر في مقالاته الافتتاحية. وفي 3 فبراير، اليوم التالي لهجوم بلطجية مبارك على معتصمي التحرير بالجمال والأحصنة، كان عنوان الأهرام الرئيسي: "الملايين يخرجون لتأييد مبارك." وقالت الصحيفة في لقاءات تليفزيونية عديدة لسرايا، وصف المتظاهرين بالخائنين والمتطرفين الإسلاميين أو الشباب المضلل. وإنه وافق على البدء في تغطية إيجابية لما يحدث في التحرير، قبل أيام من تنحي مبارك. حيث خصص أربع صفحات لذلك تحت عنوان "شباب التحرير." كما كان يقوم بعض أبرز كتاب الأهرام بانتقاد الصحف المعارضة الجديدة مثل المصري اليوم والشروق. والآن ينتقدون البي بي سي والعربية والجزيرة. وأشارت إلى إن الصحفيين بالأهرام قرروا بعد تنحي مبارك نشر اعتذارًا عن التغطية السيئة للأحداث في الأسابيع الأولى من الثورة. ولكن، رفض سرايا ذلك لأن الأهرام صحيفة قومية ولا يمكن نشر اعتذار كهذا فيها - وفقًا لكريم يحيي أحد المحررين– بالأهرام. ونقلاً عن بعض المحررين الذين قاموا بالتفتيش في مكتب سرايا، وجدوا خطابًا من سرايا وعدد من رؤساء تحرير صحف قومية أخرى إلى الرئيس مبارك. كانوا يحثون فيه مبارك على منع الشركات الحكومية من الإعلان في جريدتين خاصتين للمساعدة على كبت تغطية المعارضة للثورة. ولكن، أنكر سرايا ذلك مدعيًا أن الصناديق الموجودة في مكتبه لا تحتوي على أي رسائل أو مستندات. ويطالب بعض محرري الأهرام بالتحقيق مع سرايا لأنهم يشكون في إنه كان يتقاضى مرتبات باهظة لتأييده لمبارك. ويقول سرايا إنه يتقاضى 720.000 جنيه مصري في العام أو حوالي 122.000 دولار. ويرغب المحررون الآن في إجراء انتخابات ديمقراطية داخل الأهرام يتثنى من خلالها لفريق العمل اختيار رئيس التحرير المناسب.
ونقلت عن عاصم القرش – رئيس تحرير الأهرام ويكلي – إنه هناك احتمال في أن تعود الأهرام أفضل صحيفة في البلد. والاعتذار الأمثل عن ما كان يتم فيها هو أن يكون صحفيوها متميزون وينشرون ما يحدث بالفعل دون التحيز لأي طرف. وقالت وول ستيرت جورنال إن قصة سرايا ما هي إلا قصة من ضمن القصص والثورات الصغيرة التي خلفتها الثورة المصرية الكبيرة. فهدف المصريين الآن هو التخلص من "ال - مبارك - ين الصغار" أو أتباع الرئيس السابق حسني مبارك، الذين يحتلون أعلى المراتب والمراكز في المؤسسات المصرية ليس لتميزهم ولكن لولائهم المفرط لمبارك. وقد نجح المصريون في ذلك أيضًا، فقد استقال حتى الآن ثلاثة من رؤساء تحرير الصحف القومية. وقالت إن الثورة المصرية كانت بمثابة الدفعة الأولى للإطاحة بالفساد في كافة أجهزة الدولة. فقد خرج معظم الموظفين بشتى المؤسسات الحكومية احتجاجًا على ظلم وفساد رؤسائهم في العمل. كما تظاهر المئات من الأئمة ضد شيخ الأزهر لأنه ظل بجوار مبارك حتى الساعات الأخيرة له في الحكم. حتى إن الاحتجاجات وصلت إلى عالم الرياضة، فبعض المشجعين يطالبون بإقالة حسن شحاتة – مدرب منتخب مصر لكرة القدم "الفراعنة – لأنه دعم الرئيس مبارك وانتقد الثورة المصرية. وإبراهيم حسن – مدير فريق كرة القدم بنادي الزمالك – لأنه شارك في المظاهرات المؤيدة لنظام مبارك. ونقلت عن موقع "أيوة كورة" - أحد مواقع الرياضة البارزة - إن هؤلاء الشباب لا يمكنهم التصالح مع مثل هؤلاء الرجال.