تمجلس هنا إلي جواري يا أستاذ قارئ، فالحديث ذو شجون، هنا علي الرصيف لنهلوس معا هذه المرة، فأنا أشعر أحياناً بالتعب من الهلوسة بمفردي، ما تقييم سيادتك لهذا الذي يحدث في البلد؟ إذا كنت من الذين يعتقدون أن كل شيء علي ما يرام، فلا حديث لي معك من أصله، اعتبر المقابلة انتهت. بلغة الكمبيوتر: الدولة في مصر مهنجة، علي وزن: مخستكة، لوصف الست اللي جتتها مش خالصة، أو: فتحت بقها، عندما يتعلق الأمر بالسيارة اللي عايزة عمرة، أو: بتشحر، في حالة البهيمة التي يجب ذبحها قبل أن تنفق، ولا يخفي علي الطبيب البيطري المدقدق أن العجل إذا بدأ في الشحار، أيا ما كانت أهمية الموقع الذي برك عليه، فلا حل له سوي البيع بالكيلو في سوق المواشي، وعلي فكرة، فإن التهنيجة التي أصابت الدولة من الرأس حتي أصابع القدمين، ليست مقطوعة الصلة بكل ما سبق، إنما هي في صميم الموضوع، كلما جاءت سيرة الشعب، ظهرت علي شاشة الحاكم لافتة تقول: انقر هنا. أين كان الخبراء أو المهندسون الذين طفّح هذا البلد الكوتة، لينقذوا الموقف إذا بدا أن إبرة الهارد انكسرت، أو أن المذر بورد احترق نتيجة لتذبذب التيار الكهربائي، أو أن البروسيسور خلاص ضرب؟ أين صغار المستخدمين الذين طالما دافعوا عنه في الماضي، كلما حاول الفيروس اللعين أن يتلف ذاكرته؟ هذا البلد، بات في أمس الحاجة - بلغة الكمبيوتر - إلي فرمطة الجهاز، أي إزالة الويندوز من أساسه، بدءاً بالدستور المرقع والعقليات التي تعفنت من أيام بابور الجاز، فضلا عن الطفيليين من ذوي الملفات الفاسدة والتاريخ الملوث، كما يحتاج - بالطبع - إلي تدليت جميع الوحدات المساعدة وبرامج القرصنة والشعوذة والتخلف، القرار الصعب يكون اضطرارياً لا يمكن تجنبه، عندما يتأكد نهائياً أن الإصلاح أضحي في حكم المستحيل، وأن جميع الحلول الأخري لن تقود إلا لوكالة البلح. وعلي أصحاب المصلحة الحقيقية في هذا البلد، ولا أحد سواهم، أن يبادروا علي الفور بالتدليت والفرمطة، قبل أن يباع الوطن بماضيه وحاضره ومستقبله، بكل موتانا الذين يضمهم ثراه، أو الأحياء الذين يعيشون علي سبيل قتل الوقت، أو حتي الأطفال الذين لم يولودا بعد، كقطع غيار برخص التراب في سوق الخردة.