إللي فاهم يفهمي هو الاسم الثابت للمقال الأسبوعي الذي شرفت بكتابته في جريدة الدستور .. الدستور- ما قبل الاغتصاب- ...الدستور..الملاذ الذي شعرت فيه أنني أمارس الكتابة الصحفية الحرة بحق ..على مدار عام وبعض الشهور القليلة ..هو عمر هذا المقال الذي كان المتنفس الحقيقي لي بأن أكتب ما يمليه على ضميري دون خوف أو شعور برقابة ذاتية أو رقابة من رئيس التحرير إبراهيم عيسى الذي سيظل رغم أنف الجميع هو رئيس هذه التجربة وصانعها وخادمها وحارسها ... لأول مرة أكتب للدستور ( الموقع ) الذي مازال في أيدي أصحابه الحقيقيين بعد أن تم اغتصاب الجريدة بلعبة شديدة الغباء والوقاحة وهو ما أزادني أنا وغيري حباً وولاء لهذه الجريدة .. لم أجد سوى ان يكون عنوان هذا المقال هو نفسه الاسم الذي لن يكون على صفحات الجريدة المغتصبة بعد اليوم .. اشعر بأنني احتاج من يفهمني ما الذي يحدث ، وكيف وصلت المهزلة واللعبة الرخيصة الواضحة منذ البداية ، منذ أن تمت عملية البيع - ولكنني لم أكن اتخيل أن يتحقق السيناريو بهذه السرعة وبتلك الفجاجة المعلنة. ووجدتني اردد في نفسي " باخت أوي ..طب ناقص إيه تاني ؟ " . نعم ..ما الذي ينقص لكي يكتمل مشهد الفساد العلني البجح الذي كنت أظنه مكتملاً بكل تفاصيله؟ ... أفكار كثيرة تدور في رأسي ، يزيد من ارتباكها داخلي - حدوث هذه المهزلة وأنا بعيدة – خارج البلاد – اتابع عن بعد غضب وحزن وإحباط كل من لديه كرامة وكل من انتمى بحق للدستور كجريدة أو آمن بحق بالحريات وكل من عايش سواء عن قرب أو عن بعد تجربة صحفية صادقة وحرة حاولت عبر سنين أن تقاوم تيار الفساد والظلم والقهر ، حاولت الانتصار لحقوق المواطن والوطن ، حاولت التصدي للنظام المستبد بكل مؤسساته التي تستخدم الشعب لخدمة اغراض قلة تدير هذا الوطن كأنه عزبة خاصة ، وأظنها- الدستور -قد نجحت وباقتدار في هذا الدور الصحفي ،وإلا ما كانت كل هذه المسرحية الهزلية للإطاحة بإبراهيم عيسى – إبراهيم الذي كاد أن يدفع ثمن حريته لللإبقاء على هذه الجريدة حرة تسير في مسارها المهني الذي بدأت به ، وها هي الدستور التي كانت ستظل وتقوى بحبس إبراهيم عيسى – والفاسدون يعلمون هذا جيداً- لهذا قرروا أن تنتهي الدستور اسوأ نهاية وهي أن يتم تحويل اسمها الشريف إلى جريدة حكومية أو جريدة موالسة تخدم مصالح – يقولون عن أنفسهم أنهم رجال أعمال – ولكنهم والله ما هم برجال ، لكنهم مجرد (أعمال) رديئة تقف في طريق الحريات وتفسد ما تبقى في هذا الوطن من قيم مهنية وإنسانية تحاول ان تغير هذا المجتمع لمجتمع يستحق أن يكون صاحب الكلمة والرأي. لم تعد المسألة تخص إبراهيم عيسى ولا إقالته ، ولا بجريدة يحاولون خنقها وتبديلها وتشويه تاريخها واسمها ، فكل شيء متاح ومباح لهؤلاء ، وهؤلاء كلمة لا تخص البدوي ولا إدوارد ولكن المشاركين في هذه المهزلة كثيرين ومعروفين كما هو معروف سبب اختيارهم لهذا التوقيت تحديداً.!! القضية الآن تخص عشرات الصحفيين الذين نوا بالتجربة الصحفية وأصبحوا جزء من صناعتها وحلمها وحلمهم بالتغيير وتصديقهم بأنهم عنصر فعال في تغيير مسار هذا الوطن نحو الأفضل ،القضية تخص مئات الألوف من الشباب – دون مبالغة – من قراء الدستور الذين يفهمون ويدركون ما هو حادث لبلادهم من خلال الدستور التي فتحت عقولهم وقلوبهم بحماس نحو دورهم في المشاركة في صناعة هذا التغيير. أفكر في كل هذا عن بعد ، أفكر في اصدقائي وما يعانونه من إحباط وغضب بسبب ما حدث ، أحاول أن استنتج مشاعر وأفكار كل الكتاب الذين شرفوا بان يعبروا عن أرائهم و أفكارهم وما أملته عليه ضمائرهم على صفحات الدستور ، أحاوا عبر المتابعة الالكترونية أن استنتج حالة السيرك الصحفي واكتشاف بهلونات المرحلة ومن سيرقص على السلالم ومن سيمشي على الحبل ومن سيرتدي بدلة المهرج ويصبح مضحكة المرحلة ...رغم أن الرؤية قد وضحت معالمها ..إلا أن خوفي يمنعني من تصديق أن الأمور في مصر تتغير للأسوا وللأحمق بهذه السرعة الجنونية ، رغم أن حركة التطور والإصلاح التي يستحقها مواطن هذا البلد تتحرك بنفس السرعة الجنونية إلى الخلف – ربما يكون خوفي هو الذي يحرضني دائماً على التساؤل : "إللي فاهم يفهمني " !!!