حلت الذكرى الأولى للحرب المشتركة التى شنّها العدو الصهيونى بتواطئ عربى ودعم أمريكى واضح من الرئيس الراحل "بوش الإبن" وصمت أوروبى ورضا من السلطة الفلسطينية أو تحريض صريح ضد "حماس" عقاباً للشعب الفلسطينى فى غزة الذى صوت ل "حماس" وأيّدها وساندها ضد حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية العاجزة الفاشلة والاجهزة الامنية التى ارادت الانقلاب على الشرعية، وما زالت تلك القوى العدوانية التى شاركت وحرضت وصمتت على نفس موقفها ضد غزة وشعب غزة وحركة "حماس" فالحصار مستمر ويزداد ورفض خيار الشعب قائم والمعاناة تزداد فى غزة . واكب هذه الذكرى ثلاث أحداث وقضايا ذات دلالة واضحة: الأولى: إعلان تحالف من المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان أن العالم كله يشارك فى حصار غزة وتجويع أهلها بصمته عن الحصار الذى تفرضه إسرائيل وكذلك إغلاق معبر رفح. وشارك الرئيس الأمريكى الأسبق "جيمى كارتر" بمقال صارخ يدعو فيه إلى إنهاء ذلك الحصار الظالم، وقد سبق لكارتر زيارة غزة متحدياً للحصار.بينما يمنع العدو اى زيارات اخرى لدبلوماسيين اتراك او اوربيين. وواصل البرلمانى البريطانى الشجاع "جورج جالاوى" زياراته إلى غزة مع قوافل "شريان الحياة" رغم كل المعوقات التى تضعها مصر الرسمية فى طريقه وها هو عالق فى ميناء العقبة منذ ايام، بل تشجّع آخرون ووصلوا إلى غزة ولم يأت من العرب إلا السوريين ويتم منع المصريين بل ومحاكمتهم بسبب دعمهم لغزة وأمامنا عدّة قضايا آخرها "التنظيم الدولى" الذى كان على رأسها الأخ الحبيب "د. عبد المنعم أبو الفتوح" وتم إطلاق سراح جميع المقبوض عليهم باستثناء زميل الدراسة د. "أسامة سليمان" وما زالت قضية خلية حزب الله منظورة أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارىء وتهمتها الرئيسية تهريب السلاح والرجال إلى غزة لدعم المقاومة، وسبق ذلك أيضاً، قضية "د. عبد الحى الفرماوى" أستاذ التفسير المتفرغ بالأزهر والتى كان الاتهام فيها صنع طائرة صغيرة لتهريب المال والسلاح لغزة. الثانى: تطورات صفقة "شاليط" الأسير منذ أكثر من 3 سنوات بغزة والذى فشلت كل المحاولات الصهيونية لتحريره وكان آخرها تلك الحرب المجنونة التى حاسب الشعب اليهودى قادتها السياسيين والعسكريين بالتصويت ضدهم فى الانتخابات، ويتم مطاردتهم الآن فى دولة عظمى كبريطانيا ويتم تعديل القوانين كما تم فى أسبانيا لوقف تلك المطاردات القانونية.وستظل لعنة الحرب تلاحقهم فى كل مكان وطوال الزمان. ورغم وصول اليمين المتطرف بقيادة "نتنياهو" استمرت الوساطة وعندما ظهر أن الوساطة المصرية تخلط الأوراق بين المصالحة المتعثرة والإفراج عن "شاليط" دخل وسيط ألمانى ناجح وله سابقة خبرة بين "حزب الله" والعدو الصهيونى وتقول التقارير الصحفية الصهيونية أن أمام الصفقة عشرة أيام صعبة أى مع مطلع العام الجديد الميلادى. وقد أثبتت "حماس" كفاءة عالية سواء فى عملية الخطف والأسر نفسها ثم فى إخفاء مكان الجندى المأسور و نهاية فى إدارة عملية المفاوضات والصبر الطويل والتمسك بإطلاق ألف أسير منهم القيادات وأصحاب الأحكام العالية المؤبدة وزعامات سياسية من الفصائل الأخرى مثل "مروان البروغوثى" و "أحمد سعدات" من فتح والجبهة الشعبية وهو ما يعيق اتمام الصفقة حتى الان. الثمن الذى تطلبه "حماس" غالٍ جداً واستثمرت الضغوط الشعبية اليهودية والفشل الذى واكب كل الضغوط السابقة وكان آخر استطلاع رأى شعبى فى إسرائيل أن 57 % مع دفع أى ثمن أى إطلاق سراح التسعة الذين يعوقون اتمام الصفقة وأبدت حماس موافقة على ترك الحرية لهؤلاء التسعة لاختيار المكان الذى يعيشون فيه بعد تحريرهم وعدم فرض مكان عليهم. إذا نجحت الصفقة تكون "حماس حررت 10 % تقريباً من الأسرى الفلسطينيين وحققت إنجازاً كبيراً، وهنا ما دفع "محمود عباس " إلى نفى تهمة إعاقة الصفقة عن نفسه والسلطة التى تواجه مأزق بعد مأزق ووصلت إلى طريق مسدود. إنجاز الصفقة يُضاف إلى إنجازات أخرى لحماس منها بدأ حوارات هادئة مع الأوروبيين وفتح قنوات مع النرويجيين ويُقال أيضاً مع الأمريكيين والاحتفاظ بدعم شعبى كبير فى غزة ومعقول فى الضفة وهدوء فى العلاقات العربية وتميّز فى العلاقة مع سوريا وإيران وتركيا وتماسك فى قيادتها بالخارج والداخل.وشعرة معاوية مع مصر رغم كل الرفض والاستفزاز من الاعلام ورجال لجنة السياسات الذين يكرهون حماس وسيرتها. بينما يواجه "محمود عباس" إنهيارات متتالية فى شعبيته ويسعى حلفاؤه العرب بقيادة مصر لاستمرار الدعم الأوروبى له وقد أعلن عدم ترشحه للرئاسة بينما احتفظ بموقعه رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية التى أعلنت تمديد رئاسته للسلطة لأجل غير مسمى فى مناورات بهلوانية الهدف منها هو الهروب من الاعتراف بالفشل. الثالث: جدار العار الفولازى بين مصر وغزة والذى تسربت أخباره عن طريق صحيفة "هآرتس" الصهيونية ويتم بناؤه بتمويل ودعم فنى واشراف بل وتنفيذ أمريكى لمنع التهريب من خلال الأنفاق بهدف إحكام الحصار على غزة كى يركع شعب غزة وتلين "حماس" فى مواقفها أو يثور الشعب عليها. وقد تضاربت التصريحات المصرية حتى كان تصريح الوزير "أبو الغيط" أن مصر من حقها أن تفعل أى شيء، البناء فوق الأرض أو تحت الأرض وحتى الجدران الفولاذية وليس من حق أحد أن يساءلها أو يحاسبها. خفف المتحدث الرسمى باسم الخارجية "حسام زكى" من وقع تلك التصريحات العجيبة بقوله إن مصر لا تهدف إلى معاقبة "حماس" على طريقة يكاد المريب يقول خذونى. ويردّ خبراء التهريب بأنه من المستحيل وقف التهريب من خلال الأنفاق، ويتم تسريب أنباء عن وقف العمل بالجدار الفولازى بعد اعتراض حماس وتظاهرات الفلسطينيين أمام بوابة صلاح الدين حسب ما نشرته الشروق 23/ 12 ( مصر تعلق العمل بالجدار) تقول على لسان مسؤل مصرى لم يسمه "نحن لا نتوقع أن يكون هناك اجتياح فورى، ولكننا نخشى أن يحدث ذلك الاجتياح فى أى لحظة . الوضع حرج" مصر فى وضع حرج وليس أهل غزة والتعلل بوقف تهريب الأسلحة إلى داخل مصر حجة فاشلة غير حقيقية وهروب من مواجهة الاستحقاقات الوطنية والقومية فى دعم صمود المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيونى خاصة بعد فشل المفاوضات واتفاق أوسلو وعدم القدرة على منع المقاومة بعد 13 سنة من مؤتمر مكافحة الإرهاب فى شرم الشيخ الذى فرضه كلينتون على مصر. إذن أصبح الفلسطينييون محاصرين بين جدارين : الأول بناه شارون فى الضفة الغربية لمنع العمليات الفدائية المنطلقة من فلسطين ضد الاحتلال ولم ينجح إلا بعد قتل عرفات وتسليم السلطة لعباس وفياض وغسيل مخ الأجهزة الأمنية الفلسطينية وبناء ما يُسمى بالفلسطينى الجديد كما وصفه الجنرال "كيث دايتون" وباتت قوات أمن فياض وعباس تطارد المقاومين والأبطال نت كل الفصائل بما فيها فتح وتردد نفس الحجة بمنع وجود سلاح غير شرعى أى سلاح المقاومة. والجدار الآخر هو ما شرعت مصر فى بنائه تحت الأرض بالفولاذ لمنع تهريب الغذاء والدواء إلى غزة ومعه كل وسائل الحياة التى تتدفق عبر الأنفاق التى وصفتها تقارير الأممالمتحدة بأنها شريان الحياة. لو أن مصر تريد حقاً وقف التهريب غير المشروع أو منع تدفق الأسلحة على غزة ولو أن ذلك غير أخلاقى لفتحت معبر رفح وضبطت دخول الأفراد والبضائع كما تفعل فى كل نقاط المرور من وإلى مصر. مصر فى حاجة إلى المراجعة الأمينة لعلاقتها مع أمريكا والعدو الصهيونى بعد أن فشلت فى حصار سوريا وأفلتت منها ملفات المصالحة الفلسطينية وتترددفى قرار العودة إلى علاقات طبيعية مع إيران وتعود بخجل إلى العراق وتحاول الاحيفاظ بالخليج الذى يعانى من مشاكل مالية واقتصادية وحدودية .. الخ. لماذا إذن تشارك فى تهديد أمننا القومى، مرة مع الجزائر، وأخرى مع فلسطينوغزة، وثالثة بإهمال السودان. أليس فيكم رجل رشيد؟.