أن يذهب محمود عباس الرئيس الفلسطيني المنتهية فترته إلي واشنطن للمشاركة فيما يطلقون عليه المفاوضات المباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.. قد يكون أمراً مفهوماً. فقد وجهت الإدارة الأمريكية ومن ورائها الاتحاد الأوروبي تهديداً قوياً للرئيس الفلسطيني بقطع المعونات التي تصل إلي فلسطين، فضلاً عن عدم الاعتراف بمحمود عباس شخصياً كرئيس للسلطة وعدم التعامل معه.. وعزله تماماً.. وفي ذهنه ما حدث مع الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي تم عزله في منزله بالمقاطعة ومحاصرته بالقوات الإسرائيلية وبمساندة أمريكية وتواطؤ عربي وبمشاركة محمود عباس نفسه. فالرجل يعرف ماذا يمكن أن يحدث معه.. فاضطر الرجل إلي الانصياع للطلب الأمريكي بالإعلان عن الموافقة علي المفاوضات المباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي والحضور إلي واشنطن بعد أن صدعنا بأنه لا يمكن أن يجلس مع نتنياهو إلا بعد وقف الاستيطان أو تجميده، وللحديث عن طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي وأفراد عصابته الحاكمة ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة إسرائيل. .. فالرجل يعرف ماذا سيحدث له، خاصة في ظل حالة الضعف والتراجع العربي والتخبط الحادث علي الساحة العربية حتي إن المرء لا يدرك كيف يرفض العرب منذ أشهر قليلة المفاوضات المباشرة، ثم يعودون ويوافقون عليها؟! .. لكن لماذا يذهب الرئيس حسني مبارك للمشاركة في تلك المفاوضات المباشرة.. وهو يعلم الموقف الإسرائيلي المتعنت من عملية السلام؟! .. ويعلم رفض عصابة نتنياهو وليبرمان الحاكمة في إسرائيل قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. لقد التقي الرئيس مبارك مراراً رئيس الوزراء الإسرائيلي ويعرف مدي تعنته في عملية السلام ومراوغاته من أجل إقرار سلام حقيقي وإقامة دولة فلسطينية. .. ومع هذا وفي أول طلب أمريكي منه لحضور انطلاق المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أبدي الموافقة الفورية للاشتراك في هذا الحفل الذي سيقضي علي القضية الفلسطينية. إنه توريط له.. بلا شك. لكن الرئيس مبارك يعشق السفر إلي الولاياتالمتحدة تحديداً. بالمناسبة سيزور فرنسا في طريقه إلي واشنطن رغم أنه كان في زيارة لها منذ أقل من شهرين.. وقد يزور دولة أخري في طريق عودته.. وها هو يعود مرة أخري إلي التأكيد علي زياراته السنوية إلي واشنطن، والذي عاد إليها العام الماضي وكانت في شهر أغسطس بعد انقطاع دام خمس سنوات بسبب مواقف الرئيس الأمريكي السابق بوش المعروفة من النظام المصري، خاصة في ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان. .. وقد وافق الرئيس مبارك علي تلبية الدعوة الأمريكية فوراً.. وقد بدأت المبررات التي تنطلق لتبرير هذا الأمر علي أن حضور الرئيس يخلص في تقديم دعم مصري قوي وواضح للرئيس محمود عباس يساعده علي التمسك بالثوابت. .. وهل كان التمسك بالثوابت يستدعي حضوراً للمشاركة في مسرحية يعلم الجميع أن بطلها هو رئيس العصابة الحاكمة في إسرائيل.. وأوباما يمارس فيها دور «السنيد».. أما محمود عباس «أبومازن» فهو الضحية والحضور الباقي كومبارس؟! التمسك بالثوابت لن يتم إلا من خلال احترام الحكام لشعوبهم.. وأن يأتوا إلي الحكم من خلال انتخابات ديمقراطية حقيقية.. وليس عن طريق الاستبداد والديكتاتورية.