أنتج التزوير في مصر منتجات عديدة و مجالس لها طعم الفساد ...بمعني أنها «بتوجع البطن».. وتضر القلب وتذهب بالمال والعمر . فمنذ أيام قليلة أنتجت مصانع التزوير «مجلس الشوري»، ثم ها هو العمل علي قدم وساق يستعد لإنتاج مجلس القوانين والتشريعات...المعروف باسم «مجلس الشعب» .. والغريب أن مقدمات المسرحية قد بدأت فعلاً، وذلك بحديث إعلامي منمق يتحدث عن استعدادات الحزب «الفلاني» والحزب «العلاني» .. كما تشتمل الصحف الحكومية الرسمية عن أحاديث مطولة وتحقيقات مفصلة عن الدوائر الانتخابية وعن المتنافسين في كل دائرة، وكأن المسألة« بحق وحقيق..مش كده وكده»، والغريب أيها السادة أن الحديث المؤدب عن المعارضة في الصحافة قد بدأ منذ أيام، وذلك تشجيعاً لها لخوض ما سموه «الانتخابات» .. ( والوفد راح..والوفد جه...والغد راح والغد جه ..) ولم تعد الجماعة المحظورة كما هي محظورة، وإنما تغير اسمها فجأة في جريدة الأهرام لتعود إلي اسمها الأصلي «جماعة الإخوان المسلمين» (وكلام آخر دلع) ... كل هذا يحدث من أجل أن يأكل الجميع الطعم وتتم الانتخابات في صورة الانتخابات وتنزل الكاميرا في الشارع لتصور رجلاً عجوزاً يتساند من أجل أن يقوم بواجبه القومي في انتخاب البرلمان، ثم تعلن النتيجة وتعود الجماعة المحظورة إلي سابق عهدها محظورة ويعود الوفد إلي الاحتجاج باسم الأمة علي التزوير والنتيجة التي أعلنتها الانتخابات العامة، وطبعاً لن تزيد نسبة المعارضة وفقاً للنتيجة التي ظهرت في الكنترول علي 20% من عدد المقاعد أياً كان عدد المقاعد ..وستنجح كل المرشحات علي قائمة حزب التجمع كما ستقوم بعض مرشحات الحكومة بالاستقالة من القضاء لكي يتم ترشيحها في محافظة الغربية ...وذلك حتي يكون للمجلس المقبل وكيلة من النساء وذلك من باب التقدم العصري في مصر .. علي الأقل أمام السيدة «أمريكا» ..والسادة «المحتلين الجدد» في الغرب.. كما أنه سينجح من حزب الوفد أعداد لا تقل عن 10 وسينجح قطعاً رئيس حزب الغد إذا ما رشح نفسه وأي رئيس حزب آخر «علشان المجلس يبقي شيك»..كما سينجح أغلب المرشحين من حزب التجمع ليشكلوا فيما بينهم شكل وقيادة المعارضة في المجلس، وحتي تكتمل الصورة فلابد من نجاح عدد من الإخوان المسلمين والرموز الإسلامية. ومن الغريب أننا نعتقد جميعاً بأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .. لكن المؤمنين في بلادنا يلدغون من الجحر عشرين مرة... «وبمزاجهم» ... ذلك أن المؤمن المعارض «غاوي لدغ». وأذكر أن المعارضة في عام 1990 كانت قد قاطعت الانتخابات البرلمانية مقاطعة حقيقية وكان معها «الإخوان المسلمون».. و لم يخرج عن القرار إلا أفراد قليلون وأذكر وقتئذ كيف كانت الحكومة تعاني ورطة «التمثيلية المكشوفة».. وحاولوا إقناع المعارضين بتغيير موقفهم فأبوا جميعاً .. إلا أن المعارضة ومع الأسف عادت واقتحمت انتخابات 1995 فكانت النتيجة أن نجح الحزب الوطني بنسبة 100% وفقدت المعارضة فعاليتها ليعود الجميع بعد ذلك في انتظار نصيبهم من «تورتة الانتخابات» ونحن نحترم حسن نية المجاهدين الذين سيقتحمون معركة التزوير المقبلة ولكننا نطلب من الجميع أن يدرس معنا فكرة الامتناع عن المشاركة في تلك المسرحيات الهزلية.. فأكرم لنا أن نقطع تذكرة في الصف الأول من المسرح لنشاهد هذه الألاعيب الهزلية من أن نشارك فيها ونقوم بأدوار الكومبارس . وبهذه المناسبة يروي أن مواطناً قام بالتصويت في الاستفتاء فوضع علامة تفيد عدم الموافقة فلما حكي ذلك لأصحابه أمروه أن يعود فيصحح هذا الخطأ حرصاً علي مستقبله، فعاد الرجل مرتعشاً إلي رئيس اللجنة الانتخابية وهو يعتذر بأنه أخطأ ووضع علامة علي عدم الموافقة فأمسك رئيس اللجنة بأذن المواطن وهو يؤنبه قائلاً : «إحنا صلحنا لك الغلط المرة ديه وغيرنا العلامة..بس متعملش كده تاني يا شقي ..». و عجبي