أبرزها دعم الموازنة.. «الحكومة» تكشف مميزات مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي    يائير لابيد: نتحدث مع الجميع وسنسقط الحكومة الإسرائيلية    رسالة حاسمة من «التعليم» لطلاب الثانوية العامة بشأن امتحان الفيزياء    سميرة سعيد تنعى والدة ملك المغرب    مدبولي يثمن توقيع أول عقد ملزم لشراء الأمونيا الخضراء من مصر    محمد حلاوة: ثورة يونيو نقطة تحول تاريخية في مسار الدولة المصرية.. ولابد من تكاتف جميع قوى الشعب للحفاظ على مكتسباتها    استئناف مباراة منتخب ألمانيا ضد الدنمارك بعد التوقف فى يورو 2024    موعد مباراة سويسرا في ربع نهائي يورو 2024 بعد الفوز على إيطاليا    مانشستر يونايتد يفتح خط اتصال مع دي ليخت.. والأخير يحدد موقفه    أحمد موسى يكشف سر تأخير تشكيل الحكومة الجديدة    تحرير 13 محضرا تموينيا ضد مخابز بالفيوم لصرفهم وتهريبهم دقيق مدعم    يضم 124 باكية.. محافظة القاهرة تستعد لفتح سوق سوهاج للفاكهة بمصر الجديدة    متظاهرون يتوجهون لمقر نقابة العمال العامة في إسرائيل لإعلان إضراب شامل    السفير محمد حجازى: تزايد الصراعات العالمية لعدم الالتزام بقواعد الشرعية الدولية    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    وزير النقل يبحث مع وفد من كبرى الشركات الألمانية الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الجاري تنفيذها    أستاذ تمويل يوضح مكاسب مصر من ترفيع العلاقات مع أوروبا    مصرع شقيقين داخل بيارة صرف صحي ب ساحل سليم في أسيوط.. ما القصة؟    وفد شؤون الأسرى المفاوض التابع للحوثيين يعلن وصوله إلى مسقط    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    رئيس الوزراء يلتقي رئيسة منطقة شمال إفريقيا والمشرق العربي بشركة إيني الإيطالية    مبابي يختبر قناعا جديدا قبل مواجهة بلجيكا في أمم أوروبا    حدث في 8 ساعات|أخطاء في بعض أسئلة امتحان الفيزياء.. وموعد تشكيل الحكومة والمحافظين الجدد    بعد 8 أعوام.. الجامعة العربية تلغي تصنيف حزب الله "منظمة إرهابية"    حبس 20 متهماً بتهمة استعراض القوة وقتل شخص في الإسكندرية    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة «إيستي» السويدية تعزيز التعاون في القطاع الصحي    «مياه الشرب بالجيزة»: كسر مفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي    ليفربول يحاول حسم صفقة معقدة من نيوكاسل يونايتد    مانشستر سيتي يخطف موهبة تشيلسي من كبار الدوري الإنجليزي    عمرو دياب يطرح ريمكس مقسوم لأغنية "الطعامة"    الداخلية تكشف ملابسات واقعة طفل الغربية.. والمتهمة: "خدته بالغلط"    بماراثون دراجات.. جامعة بنها الأهلية تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    عرض أول لفيلم سوفتكس لنواز ديشه في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي بالتشيك    إحالة أوراق المتهم بقتل منجد المعادي للمفتي    ننشر أسماء الفائزين في انتخابات اتحاد الغرف السياحية    المجاعة تضرب صفوف الأطفال في شمال قطاع غزة.. ورصد حالات تسمم    القاهرة الإخبارية: لهذه الأسباب.. الفرنسيون ينتخبون نواب برلمانهم بانتخابات تشريعية مفاجئة    جامعة سوهاج: تكليف 125 أخصائي تمريض للعمل بمستشفيات الجامعة    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    برقية تهنئة من نادي النيابة الإدارية للرئيس السيسي بمناسبة ذكري 30 يونيو    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنانة سلوى محمد على خلال دورته ال 17    عضو "طاقة النواب": مصر نجحت في عمل بنية تحتية جاذبة للاستثمار    الأهلى تعبان وكسبان! ..كولر يهاجم نظام الدورى.. وكهربا يعلن العصيان    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حظك اليوم| برج العذراء السبت 29 يونيو.. بشائر النجاح والتغيير بنهاية الشهر    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    الأنبا باسيليوس يتفقد النشاط الصيفي بكنيسة مارجرجس ببني مزار    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ديرمافوريا»
نشر في الدستور الأصلي يوم 13 - 08 - 2010

في روايته «ديرمافوريا»، لا يبتعد كريج كليفنجر كثيراً عن عالم المخدر القصة بهذا الكيميائي فاقد الذاكرة بعد حريق أطاح بمختبره، ويبدو الذي احترق في ذاكرته.
معظم الرواية هلوسة تتداخل مع الواقع بشكل محير وأستاذي بحيث أنك لا تعرف أبداً أين تبدأ الحقيقة وأين تنتهي ومن حين لآخر ينزلق وننزلق معه إلي جنون البارانويا الكامل.
1
أصابني الهلع وابتلعت كمية كبيرة من (ذبابات النار أعوام.. دقائق.. أشهر.. قد ولي ما عدا قصاصة صغيرة.. تفحمت وسقطت فوق طرف عصبي منسول، ثم تطير مع النسيم.
ديزريه..
أحاول جاهدًا فأري بعض الصور المستعادة والأصوات تصفر عند الحواف، ثم تتهشم عندما ألمسها.
أشم رائحة لباب متعفن.. صحفًا عتيقة زحف ع رأسي. جدران لها لون الأظفار وأرض خرسانية وضوء في السقف حوله فراشة تحوم. أنا وحدي مع ثلاث آلات.. اثنتان صامتتان خلفي، والثالثة تتصل بهاتف قرب الباب.
همس الآلة الرجولي يدوي كأنه هدير مطر بعيد:
«أفتقدك يا رقاقة الثلج.. أحبك كذلك.. أضمك.. أضمك.. وماما كذلك»
إن هذه ال
«عندما أرجع للبيت.. حسن.. أحبك أحبك يا رقاقة الثلج»
صوت الخط الهاتفي. الفراشة الملعونة والعنيدة تضرب المصباح في السقف بلا توقف كأنها لعبة بنج بونج. هنا تجلس الآلة أمامي لتقول:
«ابنتي مريضة وأنا أعمل ساعات إضافية.. »
يكلمني كأنني طفل نائم وكأنه موشك علي تقبيل جبهتي. يأخذ لفافة تبغ من علبة لها مغلف ذهبي واسم فرنسي لا أستطيع نطقه.
ويدوي صوت القداحة الكروم كأنها قطعة عملة سقطت علي الإفريز:
«لم أرها منذ ثلاثة أيام.. هل تدخن؟ »
إنه آلة تم تصميمها لإظهار الإخلاص والتعاطف. اللذ وعطر ما بعد الحلاقة الثمين.
يخرج ممس من الدخان ليلحق بسحابة فوق الرءوس. تذوب في الهواء بيننا والرائحة تلدغ أنفي.
أقول له بكياسة مصححًا كلامي:
«لا.. شكرًا»
«لم أكن أعرض عليك لفافة تبغ.. يقال إنك تنسي أن تمضغ الطعام قبل أن تبتلعه. أنا فقط أتأكد من شيء لنفسي.. هل تتذكر شيئًا عن التدخين؟ .. ربما غصت في النوم بعد بضعة أنفاس؟ »
إن هز رأسي يؤلم.. أشعر به يشد جلدي.
«هل فعلت هذا عمدًا؟ .. أردت أن تخفي آثارك؟ »
ثم تتوقف دوائره عن العمل للحظة. يتجمد الدخان فوقنا علي شكل كرة من نسيج العناكب. الفراشة تتلصص علينا، وأسمع الدم يسري في أذني.
«هل عندك فكرة لماذا تتكلم معي الآن؟ »
«لدي أجزاء من فكرة.. من أنت؟ »
أقولها والدم يدق أعلي وأعلي، وأشعر بأنني موشك علي القيء..
«اسمي هو المفتش نيكولاس أنسلنجر»
أصفادي لا تسمح لي ببلوغ يده الممدودة التي لفها في مادة بوليمرية تخليقية، وتبدو كجلدي أنا.
يواصل الكلام:
«يمكنك أن تطلق علي اسم (المفتش).. قل لي هذه الأجزاء»
أتذكر النار.. لكن لا أتذكر أنني أشعلتها. يقول:
»(لا أتذكر ).. سمعت هذه العبارة من قبل. »
عيناه البنيتان لا ترمشان. يبقيهما علي وجهي بينما شريط من الدخان يلتف حول وجهي.
»لنبدأ بالكلام عن العناكب.. كم منها صنعت وكم منها ما زال هناك؟ »
وهذا أكثر غرابة. هل هذا الأنسلنجر يعتقد أنني إله أو أن بوسعه تقييد إله إلي مقعد متحرك تحت مصباح سقف؟
يقول لي:
«جرب هذا.. لقد وجدنا المجرة»
إنه محق.. أنا إله. أتذك
راح انسلنجر يقرأ من مفكرة:
»فورد 1964 ببابين.. طراز جالاكسي (المجرة) 500 حمراء.. مسجلة باسم إريك أشوورث. تم إصلاحها بالكامل ما عدا الزجاج الأمامي المهشم والطلاء المحترق..»
وأغلق المفكرة وقال:
«سيارة جيدة»
إذن أنا لست إلهاً.. أنا إريك أشوورث.. أتذكر كل شيء.
لا.. ليس هذا صحيحًا.
ساد الظلام رأسي فزحفت داخله الحشرات. أحملق صقيلة من ألياف الكربون وعيون عملاقة تلمع كالزئبق وتري في الظلام.
كابينة هاتف لا يحيط بها شيء، وخلف اللاشيء ظلام. رأسي وتعرف كل ما أعرفه.
هذا الكلام بلا معني بالنسبة لأنسلنجر.. لكنه أقل معني بالنسبة لي.
«سيارتك هي الوحيدة التي كانت واقفة خارج البيت الذي لم يبق شيء منه. هاجمت شرطي الدورية الذي وجدك في محطة بنزين مهجورة تكلم هاتفا معطلاً. كنت علي مسافة ساعة مشيًا من مكان الحريق»
قلت له:
«أنا قتلت حشرة.. »
آلمتني الضمادات. تري عين عقلي الجلد المحترق بينما الجلد السليم يتقشر كأنه ورق الحائط.
الأجزاء تجتمع معًا. لقد فهمت.. تنكمش مبتعدة ثانية. أحرك إبهامي وأحاول أن أتذكر طريقة تحريكه. الآن تذكرت. الآن أتذكر كيف تحركت الأمور ثانية بثانية.
إن قدمي ومعصمي مقيدان لإطار فراش وأنا محاط با تعطيني الآلة مفكرة وتقول إن الكتابة ستساعد ذاكرتي. الآلة الأولي تدس محقنًا في أنبوب. أشعر بالسائل يتدفق في ذراعي لكن لا أري هناك سوي قطعة قطن وشريطًا لاصقًا. أنسلنجر يجلس جواري.
يحاول عقلي أن يعيد تشغيل نفسه. يحرق البرق عش الذاكرة فيجعل منه رمادًا. ذكور النحل تسقط علي ظهورها وتركل الهواء بأقدامها.
يقول أنسلنجر:
«هذا هو الوقت الذي سنرهقك فيه، ونلعب معك لعبة الشرطي الطيب والشرطي الشرير. هذه هي القواعد وليست طريقتي في العمل. لا تبدو بحالة طيبة.. نم قليلاً ثم نواصل الكلام»
ويمضغ أنسلنجر لفافة التبغ.
«كنت أبحث عنك أو عن شخص مثلك لفترة. كنت قد بدأت أعتقد أنك أسطورة حضرية. لا تفهم هذا بشكل خاطيء، لكني فعلاً سعيد لأنني وجدتك أخيرًا»
2
ضوء ساطع البياض ي
«لن تكلم أحدًا عن قضيتك ما لم أكن معك.. ليس الشرطة ولا أنس وصلك كلامي؟ »
يتكلم دون أن يتوقف للتنفس أو ليسمح لي بالإجابة.
«تقول لهم إنك لا تتذكر أي شيء، لهذا عندما تبدأ الكلام سوف يتهمك الإدعاء بتذكر أشياء منتقاة وسوف ينزع أحشاءك ببطء أمام المحلفين. هل تعلم أنهم حاولوا جعلك تتخلي عن حقك في طلب استشارة؟ »
«لا»
أحاول أن أجمع الكلمات معًا لكنها تتكوم بسرعة جدًا. الثواني القديمة تتهشم تحت ثقل الثواني الجديدة.
«نعم فعلوا هذا، لكن لم يكن بوسعك أن توقع باسمك.. بل إنك لا تتذكره أصلاً. كان من الممكن أن تسوء الأمور أكثر.. تذكر ألا تكلم أحدًا عن القضية.. قل لي إنك ستتذكر هذا»
«سأفعل»
«قلها»
«سأتذكر»
«تتذكر ماذا؟ »
«لن أتكلم مع أحد بصدد قضيتي ما لم تكن أنت معي»
قضيتي.. إن لدي قضية. كسرت إشارة حمراء أو قبضوا علي ومعي رأس مقطوع في كيس ورقي. أخاف أن أسأل.
«دفعنا بأننا غير مذنبين وغير أبرياء(4). القاضي حدد لك كفالة قدرها خمسون ألف دولار بسبب الاعتداء علي شرطي الدورية، وقد كلفت ضامنًا بتولي هذا الأمر. إنه مدين لي بهذه الخدمة، وإلا ظللت أنت هنا لأنه لا يوجد حساب مصرفي لك. سوف يطلق سراحك عصر اليوم»
«إذن أنا ذهبت للمحكمة فعلاً»
«لقد قضيت وقت استدعائك للمحكمة علي مقعدك المتحرك، عيناك مفتوحتان ولعابك يسيل»
«وأنا قابلتك من قبل؟ »
ضغط علي فكه كأنه موشك علي ضربي وقال:
«نعم»
«لقد التقينا وطلبت منك أن تطبق فمك لكنك نسيت هذا علي الفور. سمعت أنك تلقيت زيارة من المفتش أنسلينجر»
«نعم.. حسبت رجال الشرطة أناسًا آليين. رجل طيب.. أنا معجب به»
المزيد من صوت الدم المتدفق في أذني.
«كف عن الإعجاب به وكف عن مقاطعتي. الآن الأخبار السيئة هي أن المدعي العام سوف يقنع المحلفين بأنك صنعت المخدر الذي تعاطيت جرعة زائدة منه. خليط من الميتامفيتامين وعقار الهلوسة LSD. يقول المستشفي إنه كاد يقتلك وإن صحتك علي المدي البعيد في خطر داهم. لقد توقف قلبك واعتبروك ميتًا لمدة ثماني ثوان. هل تعرف ما هي ذبابة النار؟ »
«هي حشرة تتوهج في الظلام. تصيبك بصدمة كهربية عندما تشق بطنها»
«خطأ.. بل أقصد المخدر الذي يجتاح كل (لوس أنجيليس) ويزحف عبر الساحل ويتوغل لداخل البلد طيلة العام الماضي. يعتقدون أنك من صنعته»
تتعلق جملته الأخيرة في الهواء بيننا، فيصير علي أن أمسك بها. يقلب عينيه ويواصل الكلام.
«ربطوا بينك وبين المختبر الذي انفجر. وقد فحص
»لا شيء.. أقسم أن عقلي خال تمامًا»
«من هي ديزيريه؟ »
اسمك يجعلني أشعر بتنميل كأنه سهم مخدر فيوقع أفكاري في طريق الصيادين.
«لا أعرف»
«أنت تقول هذا طيلة الوقت. لكنك لا تساعدني. ديزيريه.. عليك اللعنة يا ديزيريه»
يقولها وهو يقرأ صورة من مستند ثم يسألني بصوت رتيب:
«هل يدق هذا أي جرس في ذاكرتك؟ »
يتسارع نبضي وأشعر تحت الضمادات كأن سربًا من اليرقات يفقس تحت مزارع الجلد. لا شيء استطيع عمله سوي أن أنتظر حتي تكوّن ندوبًا.
يقول لي وهو يجمع أوراقه:
«أمامك أسبوع إذن. أفضل ما يمكنك عمله هو أن تعرض
وينهض ويقول:
«اخرج من هذا»
ثم يسقط بطاقة عمل في حجري:
«سأكون علي اتصال بك»
أقول له:
«أنتظر»
ثم لا أجد سوي الخواء. الأفكار تغادر رأسي وتحوم حول ضوء السقف قبل أن تعود لرأسي ثانية.
«أين أذهب عندما ينتهي هذا؟ »
إنه هادئ. أنظر لمعصمي. الضمادات علي ظهري مبتلة بسبب الإفرازات من تحتها. للحظة أنسي أنني لست وحيدًا في زنزانتي.
يقرب وجهه من وجهي ويقول:
«هل أبدو لك كمندوب شركة سياحية؟. هل هناك علي صدري بطاقة اسم؟ .. هل هناك ملصق عن جزر الكاريبي علي الجدار؟ »
يتكلم أسرع مما يسمح لي بقول شيء، وهز رأسي مؤلم لذا أنظر لساعدي.
«معك كمية طيبة من المال في المظروف. لا تكن مقتصدًا أو بخيلاً وتمتع بخمسة أيام الحرية هذه»
يدق علي باب الزنزانة فأنتفض من الضوضاء. يدوي أزيز ثم ينفتح الباب.
يقول لي:
«تفقد بطاقتي. الاسم هو (موريل).. هذا اسمي ما دمت لم تسأل. في المستقبل تأكد من أنك تعرف من تتكلم معه. كلمني عندما تستقر في مكان ما»
يغلق الحارس باب زنزانتي فيثب قلبي. أسمع خطوات مور صورتي صورة ضبابية لوجه لا ملامح له.
تدوي ضربة كالرعد علي باب الزنزانة المرحاض، وأتنفس في فجوة مرفقي حتي يزول الغثيان. البسكويت والعصير يريحان معدتي.
أنظر للجدران البيض وأحاول تذكر شيء ما غير الثواني التي تمر، محدقًا في البياض اللانهائي أمامي، والأسمنت ينظر لي بالمثل. أحشر هذه الثواني في مفكرتي وآمل في المزيد.
3
يراهن كلب الصيد بكل شيء علي هذه الخدعة، لكن كلب البولدوج لا يبتلعها. تكوم كلب الصيد الآخر والدوبرمان، وتظاهر أربعة الكلاب بأنهم لا يلاحظونني، وجلسوا ساكنين حتي لا ألاحظهم. يأتون من الجدران مع المهرجين المصنوعين من مخمل أسود.
أمرر أناملي فوق ورق الحائط الذي لم يزل لونه، أبح بقطعة عملة لكن لا أجد شيئًا.
زنزانتي الجديدة هي الغرفة 621 في فندق (طائر النار بعد العاشرة مساء. لا تلكؤ أمام الفندق. لا فكة لآلات البيع. فقط التعامل نقدًا ولا استثناءات».
النزلاء خليط من رجال ونساء.. مدمن
غرفتي فيها مغطس في الركن وفراش وكومود وج تحتي فأسمع من يهمس: «اقفز !». أتصلب وأحاول سماع الصوت ثانية.. ثم أتماسك.
أجلس علي الفراش وأمامي دور من لعبة السوليتير. فيتدفق الدم في جلدي الجديد. بلا إنذار من
هذه المرة هي مجرد دقة. الآن أنا وجهًا لوجه مع اثنين من نزلاء فندق (طائر النار) ربما يحتاجان لاقتراض قطعة صابون مني أو يرغبان في قتلي.
«هل عندك دودة شريطية؟ » (5)
يسألني بكلمات ناعمة منسقة بعناية كبندول ساعة جيب.
«لا.. ولماذا يكون عندي؟ »
يقول لي:
«شيء أكلته..» - وينظر لليسار كأنه يقرأ أوراق اللعب من فوق كتفي - «أو أن (الزعيم) يسيطر عليك تمامًا.. أو أنك في جدول الرواتب الخاص به»
«صديقي يمكنه أن يشم الديدان الشريطية.. يعتقد أنك حامل للعدوي. أحيانًا يحدث هذا مع النزلاء الجدد»
يظل مرافقه صامتًا. يلبس معطفًا يصل للركبة ولا يشعر بحرارة الجو ليلاً. يمكن أن تعلقه مع النواطير في حقل قمح، ويمكن أن يكون من لحم ودم.
«صديقك مخطئ»
أبدأ في غلق الباب عندما يقول:
«اسمي جاك»
ويمد يده عبر الفتحة فتقبض يده اللحيمة علي يدي. كفه زلقة تشي بحياة لا عمل فيها ولا استحمام. عندما يطلق سراح يدي يكون مرافقه قد خطا داخل الغرفة، وهو يتبعه.
يصدر صديقه الصامت صريرًا من بين أسنانه ويمر إصبعًا علي حلقه. الهدوء. يفتح التلفزيون علي قناة خالية فتصم الضوضاء الاستاتيكية أية محاولة للتنصت. تغلفني العاصفة الثلجية علي الشاشة. ينتفخ قلبي كأنني أصغي إلي أوركسترا.
يقول جاك:
«إنه كالموسيقا. إن الضوضاء الاستاتيكية عمرها مئات ملايين السنين. تحلق في الفضاء منذ ما قبل الزمن. بقايا الانفجار الأعظم هي أجزاء من سيمفونية بداية الكون»
ويبتسم ويقول:
- «أحب أن أقرأ ..» - ثم يفك قميصه - «سأريك أنني نظيف. لا ديدان شريطية. لا أحد يتنصت»
«لا أهتم بذلك.. عليك أن تخرج من هنا»
«لو لم تهتم فمن المؤكد أنك تخفي جهاز تنصت»
هوامش
يفك جاك قميصه ويدور لأري صدره العاري. شيء مفزع كما سنعرف فيما بعد (المترجم)
(2) البلاتيبوس حيوان ثديي أسترالي عجيب. يبدو كالفأر لكنه يبيض وله منقار بطة وقدمان غشائيتان (المترجم)
(3) السرعوفة هي ما يسميه العامة فرس النبي (المترجم)
(4) هذا هو أقرب تفسير لتعبيرPlead no contest القانوني. المتهم لا يزعم أنه بريء لكنه كذلك لا يعتبر نفسه مذنبًا، وهو وضع قانوني يمهد لحل وسط (المترجم).
(5) سوف يتكرر هذا التعبير كثيرًا للدلالة علي أجهزة التنصت، لكن المؤلف يلعب علي الكلمة ليمزج بين معناها الحقيقي ومعناها المجازي (المترجم)
(6) عذراء جوادالوب هي صورة أيقونية لمريم العذراء منتشرة جدًا في الكنائس الكاثوليكية في المكسيك. المراد هنا أن جاك رسم وشمها علي صدره، لكن الصورة مشوهة بفعل حروق السجائر والهرش (المترجم).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.