الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي رجل يعرف كل شيء، تستطيع أن تقول إنه يملك مفاتيح مركز نجع حمادي، يعيش في نجع حمادي منذ 33 عاماً، يدرك قيمة عادل لبيب- محافظ قنا السابق- ومازال يعلق صورته علي جدران المطرانية بينما لديه تحفظات علي اللواء مجدي أيوب- المحافظ الحالي- ويري أنه «غلبان» -علي حد تعبيره- في محافظة مثل قنا التي تجمع كل المتناقضات والعصبيات والقبليات، لكنه في الوقت نفسه لا يقف ضده بل يتمني أن تنجح تجربته في قنا باعتباره المحافظ القبطي الوحيد في مصر. كيرلس هو الرمز القبطي الأول في نجع حمادي باعتباره أسقف المطرانية وفي الوقت نفسه هو الشاهد الأول في حادث مقتل ستة أقباط أمام الكنيسة عقب احتفالاتهم بعيد الميلاد المجيد، فقد كان يعرف أن ثمة جريمة ستحدث ثم شاهد المتهمين وأرشد عنهم ولم يكتف بذلك بل حدد المواقع التي لجأوا إليها في الزراعات، وعندما سألته عن مصدر معلوماته في هذه الواقعة قال «واحد من إخواتنا» ، لذلك لا يمكن أن تعرف مطالب الأقباط دون أن تجلس مع الأنبا كيرلس فهو يحفظها عن ظهر قلب بل إنه يعرف أيضًا حدودها، فتجده عند المظاهرات يقف أمام الشباب المندفع ويحذرهم من تهورهم أمام وسائل الإعلام لكن في الوقت نفسه بعد ساعات قليلة من حدوث جريمة نجع حمادي سارع بإعلان أنه هو نفسه الذي كان مستهدفًا من هذه الحادثة من قبل المجرمين وهو يعلم ثقله الذي يجعل كل الأقباط يخرجون من أجل الثأر من الجناة أو إحداث أعمال تخريب وشغب للرد علي ما حدث. علي الصعيد الكنسي، فأسقف نجع حمادي يعد رجل الصعيد القوي في جنوب مصر ويحسب علي أنه زعيم الجنوب كله حيث يلتف حوله الأنبا بيمن- أسقف قوص ونقادة- وبفنوتيوس- أسقف سمالوط- وميخائيل- أسقف أسيوط- والأنبا أمونيوس- أسقف الأقصر-، وهو التهديد الحقيقي للأنبا بيشوي للمنافسة علي كرسي البابا بعد وفاته. قوة كيرلس الحقيقية ظهرت عام 2007 عندما استدعاه البابا للتحقيق معه حيث سانده أساقفة الصعيد خصوصاً الأنبا بفنوتيوس الذي أرسل له مئات الأقباط لرفض محاكمته بالكاتدرائية المرقسية التي كان يود الأنبا بيشوي عزله فيها حيث تدخل البابا في اللحظات الأخيرة وقضي بعودة كيرلس للإبراشية خوفاً من ثورة الصعيد عليه، وبالرغم من المحاولات المستميتة من بيشوي للإطاحة به كنوع من أنواع تصفية الحساب معه وهو ما ترجمه سكرتير المجمع المقدس وقتها في الشكوي التي تسلمتها الكاتدرائية ويفترض أنها ممهورة بتوقيع 11 كاهناً «أكد 6 منهم أنهم لم يوقعوا من الأساس» يتهمونه فيها بسوء إدارة أموال الإبراشية، والحقيقة أن الشكوي كان وراءها اثنان فحسب من رجال بيشوي كان الأنبا كيرلس قد أوقفهما عن الخدمة لتقصيرهما. والحقيقة أن هذا الاتهام لا يستحق المثول أمام لجنة المحاكمات الكنسية وكان يمكن الاستفسار عنها من الأسقف أو إيفاد لجنة إلي نجع حمادي للتحقق منها. دومًا يؤكد كيرلس أنه لم يكن من المتفائلين بتعيين محافظ قبطي لقنا لأنه سيتعامل بحساسية زائدة مع الأقباط إما خوفًا علي منصبه أو أن يحيل الملف القبطي للأمن، مؤكداً أننا مازلنا نفتقد الوعي السياسي بالنسبة للأحزاب لدور الأقباط وساعدهم علي ذلك سلبية الأقباط في الاشتراك في الأحزاب.