«توم كروز» بطل فيلم مغامرات وأكشن شيء ليس جديد علي الإطلاق، فبطولته لسلسلة أفلام «مهمة مستحيلة» منحته الفرصة لعمل كل الأكشن اللي في نفسه ولم يعد هناك جديد يقدمه، ولكن مشاهدته في فيلم «Knight and Day» تبدو مشاهدة مختلفة ومسلية من جوانب كثيرة، اجتماع «توم كروز» و«كاميرون دياز» في فيلم يجمع بين الأكشن والكوميديا والرومانسية، يبدو خليطاً تمت إعادة تركيبه من أفلام جيمس بوند القديمة، شخصية البطل عميل المخابرات الخاص «روي ميلر» الذي يكلف بمهمة سرية ونتيجة تعقيدات يصبح مطارداً من إدارته بالإضافة إلي الأعداء، تلك التيمة الدرامية التقليدية تبدأ علي أساسها مغامرات الفيلم التي لا يكون محورها فقط مشاهد الأكشن، بل تلك العلاقة الرومانسية الغريبة بين البطل وفتاة التقي بها مصادفة بالمطار، واستغلها دون أن تدري فألقي في حقيبتها بالبطارية الصغيرة التي تحتوي علي طاقة كبيرة خطيرة تسعي خلفها منظمات إرهابية ومخابرات دول، العلاقة الرومانسية لا تهبط بإيقاع الأكشن في الفيلم، بل هي جزء من نسيجه ومن تفاصيله، الفتاة بسذاجتها وتلقائيتها والبطل بدهائه وإمكاناته الخارقة يشكلان ثنائياً مثيراً للضحك، هي بتصرفاتها الحمقاء وهو بغموضه وردود فعله غير المتوقعة. الفيلم مبهر علي مستوي إخراج مشاهد الاكشن، إيقاعه لاهث ويحمل من خفة الظل وجاذبية الأبطال الكثير، رغم أنه في الحقيقة لا يحمل أي عمق إنساني خاص، أو أي ذكاء في حبكته المتعلقة بقضية الفيلم وهي محاولة سرقة الاختراع الذي يحاول البطل حمايته وحماية المخترع الشاب الذي تطارده العصابات وأجهزة المخابرات، طريقة صنع مشاهد الفيلم وأداء الممثلين هو البطل الحقيقي للفيلم، وجزء مهم من سبب الاستمتاع به رغم أنه في بعض الأحيان يفقد تلك الشعرة الرفيعة بين الجدية والهزل، فيتحول مشهد جاد لا يحتمل الكوميديا إلي مشهد ضاحك وهو أمر يفقد المشهد قيمته وثقله في الأحداث. الفيلم من إخراج «جيمس مانجولد» وهو كاتب ومنتج ومخرج، وله عدد من الأفلام المعروفة مثل فيلم الأكشن «3:10 to Yuma» وفيلم الغموض والإثارة «Identity»، وهو في عمله الأخير لا يتخلي عن حبه ومهارته في صنع مشاهد الأكشن القوية، لكنه يضيف إليها النكهة الكوميدية التي جعلت الفيلم محبباً رغم الشكل الخفيف التجاري الواضح، ويعود ذلك إلي نجاحه في تقديم مشاهد متقنة وثرية بصرياً، ويسير الفيلم في خطين متوازيين منذ بدايته، الخط الأول هو عالم الواقع التقليدي للبطلة جون هافينز، التي تسافر علي طائرة لحضور حفل زفاف شقيقتها لتلتقي شاباً وسيماً في رحلتها، وبالطبع يبدو ذلك مقدمة لتعارف بين الاثنين وسط الأجواء الهادئة، وخلال الدقائق التي تدخل فيها الحمام يكون الشاب في الخارج في معركة طاحنة مع جميع ركاب الطائرة بمن فيهم الطيار، ويحسم النتيجة لصالحه بعد أن يتمكن من قتلهم جميعاً، وتصبح مهمته الهبوط بسلام بالطائرة، ومثل هذه المشاهد التي تبدأ بأجواء تقليدية، ثم تتحول إلي أجواء الأكشن العنيف فجأة تظهر إحدي تيمات الفيلم التي تتكرر في مشاهد أخري، بالإضافة إلي الإيفيه الكوميدي الذي يكرره البطل أكثر من مرة حينما تصل الأحداث إلي ذروتها سواء في المعارك أو الهبوط بطائرة، ويقوم فيه بتخدير البطلة ونقلها في مكان آمن موفراً علي نفسه تفاصيل الجدال معها أو إقناعها بما يقوم به أو تفسير تصرفاته الغريبة، في كل مرة يحدث هذا تستيقظ البطلة لتجد نفسها في مكان غريب لا تعرفه، ويبدأ جزء جديد من مغامرة المطاردات التي لا تتوقف إلا بنهاية الفيلم، الأجواء التي تدور فيها الأحداث والطريقة التي تم بها الإخراج تشبه أجواء الكوميكس حيث الجمع بين الأكشن المبالغ فيه والكوميديا، وقد نجح كاتب السيناريو «باتريك أونيل» في تحقيق تلك الحالة من التشويق والمرح الدائم في الأحداث، وعلي الشاشة تمكن المخرج «جيمس مانجولد» من نقل كل ذلك علي الشاشة بحيوية ورشاقة من خلال صورة ومونتاج ومؤثرات بصرية متميزة.