أخطأ عشاق "فيروز" عندما هتفوا "فيروز فوق القانون".. "فيروز" جارة القمر مكانتها فوق السحاب لكنها لا يمكن أن تصعد فوق القانون، ورغم ذلك فأنا واحد من الملايين المتعاطفين مع "فيروز" وأري أن كل ما نراه الآن من صراع بين جناحي ورثة الرحبانية "عاصي" و"منصور" هو بالتحديد ما كان يرفضه الأخوان الشقيقان.. عندما يقول أبناء "منصور" إن "عاصي" أصيب بالسكتة الدماغية عام 72، وأن كل الألحان التي قدمت باسم الرحبانية بعد ذلك التاريخ هي فقط من إبداع "منصور" فإنهم يظلمون الحقيقة، لأن السكتة الدماغية قد تؤثر في الأجهزة الفسيولوجية للإنسان لكنها لا تدمر أبداً جهاز الإبداع لدي الفنان يظل لومضات الإلهام وسائل أخري في التعبير، ربما كان "منصور" قد شكل بالنسبة لعاصي حتي قبل مرحلة الأزمة الصحية العقل المنظم القادر علي صياغة الأفكار وإحالتها إلي بناء فني متكامل ولكن هذا لا يعني أن القسمة لم تكن عادلة بين طرفي المعادلة الرحبانية.. كل من الشقيقين أضاف للآخر وكل منهما أكمل الآخر!! المأزق الرحباني اشتعل بعد انفصال "فيروز" عن زوجها "عاصي" الشقيق الأكبر وذلك قبل رحيله حيث توقفت اللقاءات الفنية ثم بعد رحيل "عاصي" انتظر "منصور" أن تواصل معه "فيروز" اللقاء ولكن "فيروز" ذهبت بعيداً حاولت مع "رياض السنباطي" في ثلاث قصائد لم تر النور ومنحها القدر ابنها "زياد" الذي لحن لوالده عام 1972 بكلمات منصور "سألوني الناس عنك يا حبيبي" عندما أقعده المرض.. كان "زياد" دون العشرين من عمره عندما وضع ألحان هذه الأغنية واستمرت المسيرة بعد ذلك بين "فيروز" و"زياد".. كان هو منحة من القدر وبالطبع أبدع "منصور" بعد رحيل شقيقه الأكبر رغم أن العديدين توقعوا أنه بموت "عاصي" الجسدي سوف يموت "منصور" إبداعياً ولكن الذي حدث هو استمرار الإبداع الرحباني من خلال "منصور" وأبنائه الثلاثة "غدي" و"أسامة" و"مروان"، لكن الصراع ظل كامناً طوال تلك السنوات أعلن عن نفسه الآن بقوة بعد أن تجاوز.. الأطراف كل مكابح اللياقة التي ينبغي أن تحيط أي خلاف مهما تصاعدت حدته.. نعم هناك حقوق ملكية فكرية لكل الأطراف وفي الألحان المشتركة يصبح الأمر أشد صعوبة، حيث إن لكلا الشريكين نفس الحقوق المادية في أغاني "فيروز" عندما تقدم فإن الذي يحق له الأداء العلني هما ورثة "عاصي" و"منصور" وليس "فيروز" المطربة ولكن "فيروز" الوريثة والقانون يقضي بأن أي اتفاق مادي ينبغي أن يوافق عليه الطرفان أو ورثتهما وهكذا انتقل الغضب الكامن من "منصور" ضد "فيروز" إلي ورثته وفتح أبناؤه الثلاثة النيران ورد عليهم أبناء "عاصي" بضراوة وتجاوز بعض عشاق "فيروز" في دفاعهم وحبهم ورغم ذلك فلا أحد من الممكن أن نضعه فوق القانون!!