قضت محكمة جنح مستأنف قصر النيل بالحكم علي الناشط أحمد دومة بالحبس ثلاثة أشهر. التهمة الموجهة لأحمد دومة هي الاعتداء علي ضابط شرطة، و14 من الأمن المركزي، وتكسير كشك، وضرب عناصر الشرطة بالألواح الخشبية وإحداث إصابات فيهم. يا واد يا دومة يا شرس، أيها الكتكوت المفترس. يا رب، يا رب، يا رب كل الصحف القومية والمستقلة تنشر صورة دومة بالحجم الطبيعي حتي يري الشعب المصري والشعوب العربية والغربية والآسيوية الفرعون المصري أحمد دومة الذي، بالرغم من سوء التغذية الذي يعاني منه، تحول، واخضر، وتشقق قميصه، وقصر بنطاله، وانطلق زئيره إيذانا بتحطيم المنشآت، وسحق ضباط الشرطة، ثم سار في ميدان التحرير بقدمه الضخمة محدثا هزات أرضية متتالية، تسببت في تشققات بتمثال الحرية وسور الصين العظيم. قال دومة يا قلبي اللي لما باسلم عليه ما بارضاش أتك علي إيده قوي أحسن يموت باسفكسيا الخنق، ضرب 14 من الأمن المركزي وكسر كشك. حقا المرأة لا تصلح للقضاء، لأنني لو كنت، لا سمح الله، قاضية، لوفرت علي نفسي قراءة ملف القضية، ولأحضرت ميزانا ومازورة، وأخذت طول أحمد دومة ووزنه، ثم طول ضابط الشرطة ووزنه وحكمت بالبراءة لأحمد دومة، بل ودفع تعويضات مالية له عشان أحرجناه ووزناه قدام الناس. أحمد دومة شاب مصري، يعاني مما يعاني منه كل الشباب المصري من قهر، وظلم، وبطالة، ويأكل من نفس الخضراوات المروية بمياه المجاري، ويشم نفس العوادم التي حولت شباب مصر إلي مسنين. لم يسلك دومة أياً من الطرق القصيرة التي تحل مشكلته الشخصية، مثل الهجرة، أو مسح الجوخ، أو الانضمام للحزب الوطني، أو البلطجة، أو الاستماع لتامر حسني وقراءة مقالاته المنشورة في الأهرام. اختار دومة أن يساهم في حل مشاكل الوطن، بدلا من الخلاص الفردي. اختار أن يكون فاعلا وعاملا ومشاركا بالرغم من كل المحاولات المؤسسية للدولة لتحويله إلي طافر، عاطل، معطل، منعزل، وسلبي. لم يقابل أحمد دومة الشهيد خالد سعيد قط، لكنه رأي صورتيه، الأولي حين كان سليما معافي يشبه الملائكة، والثانية بعد أن بلع باكيتة بانجو كسرت أسنانه، وحطمت جمجمته، وكسرت قصبته الهوائية، وأصابت وجهه بالكدمات المريعة، ورسمت علي عينيه البريئتين كل أشكال الفزع والهلع. إلا أن دومة، مثله في ذلك مثل آلاف من الشباب المصري، نزل إلي الشارع متضامنا، وملتاعا، وصارخا: خالد سعيد مات مقتول، والعادلي هو المسئول... لو كان خالد ابن وزير، كانت راس العادلي تطير. آآآآآه، خبطت في الحلل يا أحمد. يريد النظام أن يجعل من أحمد دومة أمثولة لكل من يتضامن مع مظلوم، أو يطالب بحقه، أو يزيد في الكلام ويصدع رأس النظام المصري. خرج دومة من قاعة المحكمة بعد صدور الحكم وهو رافع يده بعلامة النصر. وسنخرج نحن في يوم الأربعاء 28 يوليو معلنين أن النظام المصري - بذكائه المعهود - أراد لدومة أن يصبح عبرة، فجعل منه رمزاً مضيئاً.