قرية سلامون القماش التابعة لمركز المنصورة والتي كان يطلق عليها من قبل «اليابان الصغري» لشهرة أبناء القرية بصناعة جميع أنواع التريكو والملابس الجاهزة وتغطية إنتاجهم لاحتياجات شعب مصر بالإضافة إلي نجاحهم في عمليات التصدير في السبعينيات للكتلة الشرقية وبعض دول أوروبا إلا أن هذه المقولة سقطت عقب زيارة الرئيس محمد حسني مبارك للقرية عام 1986 ويصف الدكتور أحمد صقر باحث زراعي ومن أبناء القرية زيارة مبارك لها بالنكبة وبدايات تدهور صناعة التريكو بالقرية حيث قام بمرافقة الرئيس أثناء الزيارة عدة لجان، أهمها لجنة من الضرائب العامة وأخري من البنوك وهيئة التأمينات حيث قامت لجنة الضرائب بحصر المصانع بالقرية بالرغم من أنها مصانع تندرج تحت مسمي «مصانع صغيرة» أي أنها من المصانع التي يجب إعفاؤها ضرائبياً إلا أن الوقائع أكدت والحديث مازال للدكتور أحمد صقر أن حصر المصانع جاء لتحديد الضرائب العامة وكذلك ضرائب الأرباح التجارية والصناعية بجانب أن هذه المعلومات استطاعت خلالها هيئة التأمينات الحصول عليها وألزمت خلالها أصحاب المصانع بضرورة التأمين علي العمال حتي لو كانوا من أبنائهم وكشف صقر عن أنه خلال الزيارة أصدر مبارك قراراً لبنوك الدقهلية بمنح صغار الصناع قروضاً مالية إلا أن هذه القروض وصلت فوائدها إلي 40% ونظراً لركود السوق في بعض السنوات تراكمت الفائدة وارتفعت عن قيمة القرض الأصلي وبالتالي عجز أصحاب المصانع عن تسديد القروض وفوائدها، الأمر الذي أدي إلي سجن بعض أصحاب المصانع وإصابة الآخرين بشلل جزئي وهروبما لا يقل عن 500 من أصحاب هذه المصانع إلي دول أوروبا، منها إيطاليا واليونان بالإضافة إلي أمريكا للهروب من الأحكام القضائية ضدهم ومنهم من قام ببيع منزله وما يمتلكه من أراض زراعية لسداد البنوك بدلاً من التشريد والتشرد بالرغم من التوسلات لدي القيادة السياسية من أجل التدخل لإجراء تسوية مع البنوك مثلما حدث مع فلاحي الصعيد وإعفائهم من تراكم الفوائد إلا أن هذه التوسلات ذهبت أدراج الرياح، ويسخر صقر من زيارة مبارك لأنه وطبقاً لحديثه فإن زيارة «النكبة» للقرية أسفرت أيضاً عن نكبة أخري لمصر وأثناء زيارته للقرية عندما أقدمت القوات الأمريكية علي عملية قرصنة لسفينة الركاب الفلسطينية والتي قام بخطفها مجموعة من الفلسطينيين وبها ركاب أوروبيون وتم الإفراج عن الركاب بعد تدخل مصر وتم الاتفاق علي أن يتم تسليم الفلسطينيين «الذين قاموا بخطف السفينة» لمنظمة التحرير الفلسطينية في تونس إلا أن القوات الأمريكية قامت بخرق الاتفاق وأجبرت السفينة علي التوجه لإحدي القواعد العسكرية بإيطاليا وتم خلالها القبض علي الفلسطينيين. في حين يتناول بعض أصحاب المصانع السبب الثاني وهو الغزو الصيني لمنتجات التريكو والملابس الجاهزة، يقول فتحي فتحي القهوجي والعائد مؤخراً من أمريكا بعد رحلة هروب دامت 7 سنوات إنه وبعد عودته قام بالتسوية مع بعض البنوك وقام بشراء ماكينة «كمبيوتر» إيطالية ثمنها 3/4 مليون بجانب بعض ماكينات للتجهيزة إلا أن المصنع توقف عن العمل تماماً بسبب غزو المنتجات الصينية لمصر وبأسعار منخفضة عن المنتج المصري، الأمر الذي أدي إلي تسريح العمال، مؤكداً أن الماكينة معروضة للبيع وبسعر الحديد الخردة أي لا يتعدي سعرها حالياً 15 ألف جنيه فقط، أما المهندس معوض الشافعي «صاحب مصنع» فمازال مندهشاً مما يجري حوله حيث أقدمت القيادة السياسية علي فرض ضرائب علي المنتج المصري بداية من ضريبة المنبع علي المواد الخام من الصوف وجميع أنواع الخيوط ومعها الضريبة العامة وضريبة المبيعات وضريبة الأرباح التجارية والصناعية وجميعها ضرائب ازدواجية بالإضافة إلي ارتفاع التكاليف من أجور عمالة وكهرباء وخلافه حتي إن الخيط المصري يقصد «الصوف» وصل سعر الكيلو 33 جنيهاً فيه.