.. جلست أفكر وأنا أشاهد قصة 23 يوليو 1952 التي نشرتها برسوم الكارتون جريدة «الدستور» أمس ماذا تنتظر مصر؟! وماذا تبقي من 23 يوليو غير هذه الرسوم؟! .. بعد 58 عاماً من ثورة 23 يوليو 1952. .. هل تشعر اليوم بشيء من مبادئ الثورة وأهدافها الستة؟! .. ونحن في ليلة 23 يوليو عام 2010 هل تري فارقاً بين 23 يوليو 52 و22 يوليو 2010؟! .. ألا تشعر بأن مصر اليوم تبيت وهي تحتضن ذات المشاعر والظروف التي صنعت 23 يوليو منذ 58 عاماً؟! .. أسئلة حان الوقت لأن يطرحها كل مصري علي نفسه وعلي من حوله.. وأبدأ بنفسي: .. هل أنت راضٍ عما آلت إليه الأمور اليوم في مصر؟! .. هل أنت قابل بالسياسات التي أدت لهذه النتائج؟ .. هل تستطيع أن تفصل بين هذه السياسات والقائمين عليها؟! .. هل تعتقد أن مصر «عاقر»، لا تملك غير هذه الوجوه الفاشلة والمزمنة؟! .. هل هناك فشل أكبر مما يحدث في رغيف الخبز والمرور والتعليم والصحة والإسكان والتوظيف والغلاء؟! .. هل أنت مطمئن علي مستقبلك أو مستقبل أولادك في ظل هذه الأوضاع؟! .. هل تشعر بالعدل وهل تشعر بأنك مواطن مكتمل الحقوق في وطنك؟! .. ألا يؤلمك الظلم وألا تشعر بالغربة داخل وطنك وقد عدنا لمجتمع الثلث%؟! .. ألا يطولك الظلم حتي وأنت قابع بين أهلك أو بيتك أو عملك؟! .. ألا يؤلمك كل هذا الفساد وضياع ثروة هذه الأمة وسبق غيرها من الأمم لها؟! .. ألا يطولك هذا الفساد ويمتد لقوتك وفرص أولادك في حياة كريمة؟! .. ألا تري هذا الارتباط بين الاستبداد والفساد أكثر ما كان قبل 23 يوليو؟! .. ألا تعتقد أن احتكار السلع والثروة ليس أضر من احتكار السلطة في ظل نظام نصف ملكي؟! .. ألا تري أن مصر تستحق ما هو أفضل مما هي فيه وممن أوصلونا إليه؟! .. كيف تنظر في عيون أولادك وأنت تعرف ما ينتظرهم ولم تفعل ما يدفعه عنهم؟! .. كيف تقف بين يدي الله لتصلي وأنت تخاف بطش غيره ولم تفعل ما يصفه حتي بأضعف الإيمان؟! .. كيف تنظر لنفسك في المرآة وأنت غير واجل أو خاجل من أنك شريك في الكارثة بصمتك؟! .. كيف تفكر في الهجرة خارج وطنك لتأمين قوت يومك دون أن تبذل جهداً لاسترداد حقك في وطنك؟! .. كيف تقبل ألا تختار من يحكمك أو حتي يمثلك وتدفع أنت ثمن هذا الاختيار؟! .. كيف تهون حقوقك وكرامتك وحريتك وقيمتك كل هذا الهوان؟! .. كيف تحتمل أن تُختزل إلي «نصف» إنسان.. «ربع» إنسان.. «بقايا» إنسان؟! .. متي تعرف أن الشعوب لا تحصل علي حقوقها بالمجان ولا تذكر قول الرسول- صلي الله عليه وسلم-: «لا يدخل الجنة جبان»؟! .. متي تؤمن بأن الأسد ليس إلا مئات الخراف «المهضومة»؟! .. متي تعرف أن سعد زغلول لم يقل يوماً «مفيش فايدة»؟! .. متي تؤمن بأن الأم عندما تنهض.. لا تعرف المستحيل؟! .. متي تعرف أن مليون نملة تأكل فيلاً؟! .. متي تؤمن بأن من صبر «كالجمل» يغضب «كالإعصار» إذا فاض الكيل؟! .. متي تعرف أن أحداً لن يكون فمك أكثر من فمك، فلا يعرف «الآه» أكثر من فم العليل؟! .. متي تعرف أن عجزنا عن إحداث تغيير عام 2010 بات أقل كثيراً من قدرتنا علي احتمال هذا الوضع الشاذ ما بعد 2011؟! .. في 23 يوليو 2010 تعيش نصف مصر تحت خط الفقر، ويكوي الغلاء ظهور الجميع بينما يشهد المصريون نوابهم في مجلس الشعب يغتالون أحلامهم البسيطة ويبددون الأموال المخصصة لعلاجهم!! .. لدينا وزراء في مصر يوليو 2010 يبيعون لأنفسهم ملايين الأمتار من أراضي الدولة، ويحققون من مواقعهم مليارات الجنيهات من الكسب غير المشروع، بينما ملايين الشباب يجلسون علي المقاهي في انتظار فرص عمل بمئات الجنيهات. .. ماذا ينتظر شعب يعيش تحت نير الاستبداد وتزوير الانتخابات والاستفتاءات ويشرب مياهاً ملوثة ويُعذب ويُضرب أكثر مما يُطعم ويُحترم؟! .. ماذا ينتظر شعب يستوردون له لحوماً مصابة بالديدان وأقماحاً فاسدة يرتع فيها السوس والحشرات، ويتعاطي أدوية مغشوشة ودماء ملوثة من أجل أن يحقق حفنة من أصحاب النفوذ ثروات هائلة فوق ما حققوه من دماء هذا الشعب؟! .. ماذا ينتظر الشعب المصري في 23 يوليو 2010 غير عزرائيل وشبح التوريث بالدم أو بالتوظيف؟! .. الواقع في مصر 2010 أكبر من كلمة غضب وأعمق من كلمة احتجاج وأسوأ من وصف احتقان. .. مصر ليلة 23 يوليو 2010 أسوأ بكثير من مصر ليلة 23 يوليو 1952.. هل وصلت الرسالة؟!