بداية كل عام ترتبط غالباً بالأمنيات والأحلام (برضه الأحلام، مافيش فايدة). وكأن 80 مليون مصري توجهوا بأعينهم وقلوبهم للسماء وفي نفس واحد وصوت جماعي قالوا: يا رب. وذهب الكثيرون إلي التحليل «المريح»،وهو أن السماء استجابت وأرسل الرب القديسة مريم العذراء المُطوبة والمباركة في الأديان السماوية (اليهودية، المسيحية والإسلامية ) وظهرت لتطمئنا وتُعزينا علي ما وصلنا إليه،وهكذا يمر حدث جليل مثل هذا مرور الكرام، وأهه خدنا بركة!! ولكن هل تصورنا سيناريو آخر برسالة أخري؟!! ......... لماذا لا نتصور مثلاً أن الرسالة الآتية من السماء كما ذُكر في الإنجيل «مبارك شعبي مصر»: لأنكم مُباركون أرسل إليكم القديسة مريم التي تؤمنون بها جميعاً، حتي تتوحدوا... وكفاكم فرقة.. وغفلة!!! ها هي السيدة العذراء مريم تظهر لكم في نهاية عام ومطلع عام جديد حتي تقدموا لأنفسكم كشف حساب ذاتيا، وتروا ما أنتم مقصرون فيه وما أنتم تسيرون عليه وما أنتم ذاهبون إليه؟! ولابد أن نسأل السماء: هل مازلنا - شعب مصر - مُبارك منك يا رب؟ (وأرجو الرجوع هنا للإنجيل فالآية مذكورة بهذه الكلمات «مبارك شعبي مصر» سفر إشعياء 19: 25، لئلا يتم محاسبتي والتحقيق معي علي ذكر كلمة مبارك مثلما حدث مع أستاذ اللغة العربية بالإسكندرية حيث وضع في الامتحان جملة ل «عمرو بن العاص» مذكور بها كلمة «مبارك» وكان من ضمن الأسئلة: هات مضاد مبارك؟ وعنها نزلوا - مسئولو التربية والتعليم - في الراجل تحقيقات وهات يا جزاءات ونزلوه من مدرس ثانوي لمدرس إعدادي!!! والمؤكد أن السيد الرئيس لا يقف عند هذه الصغائر، فالمشكلة في عقلية الموظف المسئول التي تربت علي الخوف والفكر التآمري. ما علينا.. نرجع لموضوعنا فيما أعتقد - والعهدة علي الراوي - أنه ليس بالبركة وحدها تنهض وتحيا مصر. فماذا ينتفع المصري أن يهبنا الله بركات وبركات ونحن لا نُقدرها ونُهدرها بل ونعمل ضدها؟ ومنين تيجي البركة وربنا يرضي علينا واحنا مابنعملش اللي يرضيه؟ ولما قلت الكلام ده لواحد صاحبي قال لي: زي إيه مثلاً؟ قلت له: زي حاجات كتير في المجتمع لازم نشتغل عليها، واحنا نشتغل علي نفسنا عشان البركة تيجي من أساسه وتجيب نتيجة.. فالله لا يُغَيِّرُ مَا بقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.. مش إحنا متربيين - قصدي كنا متربيين - كده ولا إيه؟ فبدأ صديقي ينظر في صمت وواصلت: هوه يرضي ربنا الحال اللي وصل ليه الشعب الآن؟ يرضي ربنا حال التعليم اللي فرٌغ الولاد من كل طاقات الإبداع ولم يصبح هناك طلب عليهم لا في الأسواق العالمية ولا الإقليمية ولا المحلية ولا حتي المهلبية؟! يا راجل ده أنا افتكر إننا طرحنا ملف التعليم ده في (لو بطلنا نحلم) منذ عام 1997، وكنا نخصص حلقات له سنوياً والكلام اللي كنا بنطرحه من 13سنة بنفس المحاور ونفس المشاكل وحتي نفس الحلول هي هي ما تطرح. الآن وما من مجيب!! إيه ده؟ ده احنا لو بننحت في صخر كنا شكلنا مُدن وبلاد في هذه الفترة. وهوه يرضي ربنا إن البلد تمشي علي معيار «المكافأة» لا «الكفاءة» في التعيينات والمناصب من الوزير للغفير؟! يعني بلاد الدول المتقدمة - واللي عايزة تتقدم وتنهض من داخلها - تضع عقداً ضمنياً بينها وبين شعوبها إن المعيار الوحيد لتبوء أي وظيفة أو منصب هو الكفاءة أي ما حصلت عليه من درجات علمية وما حصلت عليه من خبرة ومدي قدرتك علي الإبداع والابتكار في مجالك ومدي قدرتك علي مواجهة المشاكل واتخاذ القرار السليم في الوقت السليم... كل هذا يشكل حكما عاما: إنسان كفء أو غير كفء. لكن إحنا المعيار ده في ذيل المعايير إن وُجد! احنا معاييرنا ومقاديرنا في طبخ الوظيفة أو المنصب مختلفة.. إنه يكون شخص لطيف ع اللي ح يعينه، وبيسمع الكلام ومش ح يتعبنا ومع الاتجاه السائد (يعني م الآخر كده يكون من حُراس الواقع)... ده بأه نديله «مكافأة» ونعينه في المنصب ده.... طب بالذمة هوه فيه كده؟ أيوه فيه كده وفيه كده وفيه كده!!! وهيه دي المعايير اللي تخلي بركة ربنا تسري كالفرة في المجتمع؟ إلا إذا كنا فاهمين إن النجاح والتفرد والتميز ونهضة البلد ح ييجوا بالبركة.... ابقوا قابلوني! ومش عارف إمتي؟ مازال صديقي منصتاً ومازلت (مبقوق) متواصلاً: ربنا ح يرضي عننا واحنا مش عارفين نُدير أزماتنا (البسيطة منها والكبيسة)؟ تصور إن أمريكا مثلا عندها ملف كامل بمختلف السيناريوهات للأزمات التي قد (وحط تحت قد دي دواية حبر مش خطين بس) تحدث وكيفية مواجهتها بخطة زمنية كاملة حتي عام 2050؟ وإحنا توقظنا الكوارث بعد وقوعها... وياريته ينفع؟ مازلنا بندرس نقفل المدارس ولا مانقفلهاش بسبب إنفلونزا الخنازير؟ ونطعم الولاد ولا بلاش المصل مش مضمون؟ والمنتقبات يخشوا الامتحان بالنقاب ولا يخلعوه؟ ونعدل الدستور ولا ح يتساب كده؟ نسمع أن هناك إدارة (لإدارة) الأزمات تابعة لمجلس الوزراء مباشرة. ولكن هل خرج علينا أحد وقال لنا ما هي الجهات أو الوزارات التي تضمها هذه الإدارة؟ وكم مرة يجتمعون؟ وهل هناك تنسيق بينهم؟ طب ما هي المخاطر أو الأزمات التي (قد) تحدث لمصر حتي عام 2011 فقط وكيفية مواجهتها؟ ولا اعتقادنا أنه طالما هناك بركة في مصر يبقي هي محمية طبيعية من الأزمات؟ أو حتي لو حصلت أزمة أكيد ح نعديها بالبركة!!! الأمثلة كثيرة.. ولو أحصيت عددها سأجور علي مساحة الزملاء في هذه الصفحة والمجاورة أيضاً، لكني أتصور أن رسالة السماء التي حملتها لنا السيدة العذراء مريم في تجليها لنا مع بداية العام: يا شعب مصر كل عام وأنتم في يقظة! كل عام وأنتم في قبول للآخر كل عام وأنتم متحابون.. متسامحون (لا راضخون)... متوحدون! كل عام وأنتم مشتغلون علي أنفسكم.. طامحون في التغيير للأفضل! أما ياستنا العدرا لو ماعملناش كده تبقي زيارتك لينا وتجليكي في سماء مصر بركة كبيرة..... مانستهلهاش.