المنصورة تحتضن المؤتمر العلمي الأول للتحاليل الطبية.. صور    المحبة المتدفقة.. البابا تواضروس يتحدث عن مؤهلات الخدمة    أول تصريحات لوزير التنمية المحلية الجديد: محدش بينجح لوحده وكلنا نتعاون لخدمة المواطن    رونالدو يتدرب بجدية وقتال استعدادا لموقعة فرنسا فى ربع نهائى يورو 2024.. صور    قائمة الأهلي أمام الداخلية.. استبعاد طاهر وأكرم للإيقاف وعودة كريستو    شاهد شاطى المساعيد غرب العريش الواجهة الأجمل للمصطافين.. لايف    أستاذ قانون دستوري: أداء الوزراء الجدد اليمين أمام الرئيس يعني مباشرة مهامهم رسميا    حدث في وسط قطاع غزة .. 3 شهداء ومصابون إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمخيم النصيرات    أستاذ حديث: إفشاء أسرار البيوت على الانترنت جريمة أخلاقية    تهدف لتحقيق النمو الاقتصادى.. معلومات عن مبادرة " ابدأ " الوطنية (إنفوجراف)    بنى سويف: استكمال مشروعات حياة كريمة    الحكم بالإعدام شنقا لكبابجى لاتهامه بقتل زوجته في القناطر الخيرية    كوليبا يبحث مع بلينكن تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني واستعادة نظام الطاقة في البلاد    جامايكا تستعد لوصول إعصار بيريل بعدما ضرب جزر الكاريبي    عمرو الفقي ل الحياة اليوم: الهدف من مهرجان العلمين الترويج للسياحة المصرية    نانسي عجرم تستعد لطرح أغنية "من نظرة"    لماذا تسمى الحكومة الجديدة بحكومة "تخفيف الأحمال"؟.. كاتب صحفى يوضح    أحمد سعد يروج لمفاجأة ضمن أولى حلقات «بيت السعد»    لافروف: مفاوضات بوتين مع شي جين بينغ كانت جيدة    أمين الفتوى لقناة الناس: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    تعيين عمرو قنديل نائبا لوزير الصحة والسكان لشئون الطب الوقائي    مهام كبيرة على عاتق وزير الخارجية الجديد.. اختيار بدر عبد العاطى يعكس تعاطى الدولة مع المستجدات العالمية.. إدارته للعلاقات مع أوروبا تؤهله لقيادة الحقيبة الدبلوماسية.. ويمثل وجها للتعددية فى الجمهورية الجديدة    عضو ب"رجال الأعمال" يطالب وزير الإسكان بتيسير منظومة التمويل العقاري    منتخب مصر فى التصنيف الأول قبل سحب قرعة تصفيات أمم أفريقيا 2025 غدا    منتخب إنجلترا بالقوة الضاربة قبل مواجهة سويسرا    حكم مباراة البرتغال وفرنسا في ربع نهائي يورو 2024    تونس.. فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة خلال يوليو الجاري    أبو الغيط يبحث مع الدبيبة التطورات على الساحة الليبية    حبس شخصين ألقيا مادة حارقة على 5 بائعين في الشرابية    "سي إن بي سي": نزوح جديد في خان يونس نتيجة رد إسرائيل على صواريخ حماس    خالد عبد الغفار: مشروع التأمين الصحي الشامل على رأس تكليفات الرئيس السيسي    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية (تفاصيل)    مجلس الوزراء يحسم موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. الأحد أم الإثنين؟    بيان الإنقاذ وخطاب التكليف !    21 توصية للمؤتمر الثالث لعلوم البساتين.. أبرزها زراعة نبات الجوجوبا    وزير العمل: العمال في أعيننا.. وسنعمل على تدريبهم وتثقيفهم    سوداني يسأل الإفتاء: أريد الزواج من فتاة ليس لها وليّ فما الحكم؟.. والمفتي يرد    يامال: أتمنى انتقال نيكو ويليامز إلى برشلونة    للتدريب على استلهام ثقافة المكان في الفن.. قصور الثقافة تطلق ورش "مصر جميلة" للموهوبين بدمياط    حسام حسني يطرح أغنية «البنات الحلوة»    المؤبد و10 سنوات لصاحب معرض السيارات وصديقه تاجري المخدرات بالشرقية    أشرف صبحي: مستمرون في تحقيق رؤية مصر 2030    ارتياح فى وزارة التموين بعد تولى شريف فاروق حقيبة الوزارة    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما    إفيه يكتبه روبير الفارس.. شر السؤال    ضبط 44 جروبًا على "واتس آب وتليجرام" لتسريب الامتحانات    مجلس نقابة أطباء القاهرة يهنئ خالد عبدالغفار لاختياره نائبًا لرئيس الوزراء    السيرة الذاتية للدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة    النائب إيهاب وهبة يطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء صناديق الاستثمار العقاري    "رموا عليهم زجاجة بنزين مشتعلة".. كواليس إصابة 5 بائعين بحروق في الشرابية    حملات يومية بالوادي الجديد لضمان التزام أصحاب المحلات بمواعيد الغلق    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    نيابة ثان أسيوط تستعجل تقرير الإدارة الهندسية لملابسات انهيار منزل حي شرق    ليس زيزو.. الزمالك يحسم ملف تجديد عقد نجم الفريق    تعرف على القسم الذي تؤديه الحكومة أمام الرئيس السيسي اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد الغضبان يكتب: فساد أفراد أم فساد نظام؟!
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 06 - 2010

كلما تفجرت قضية فساد كبري سارع سدنة النظام وكتبته بالدفاع المتهافت استناداً إلي نقطتين محوريتين الأولي: أن الفساد موجود في جميع بلاد العالم.
الثانية: أن ما حدث هو مجرد انحراف فرد أو أفراد وأن النظام هو الذي يكشف عن هذه القضايا ولا يتستر عليها.
والمتابع لقضايا الفساد في مصر يعلم علم اليقين أن هذا الدفاع ليس أكثر من «مغالطات» تثير السخرية من فرط سذاجتها.
في النقطة الأولي: لا أحد ينكر أن الفساد موجود في جميع البلاد وفي كل العصور.. لكن هذا الفساد يتفاوت من بلد إلي آخر، في البلاد الديمقراطية لا يتجاوز هذا الفساد نسبة ضئيلة للغاية، كما أن الفساد في هذه البلاد يثير الفزع إذا تجاوزت قيمته بضعة آلاف من الدولارات، أما في البلاد التي تخضع لحكم الفرد - ومصر في مقدمة هذه البلاد - فالفساد انتشر بشكل سرطاني ولم يعد هناك في مصر ركن صغير لم يصل إليه الفساد، كما أن الفساد في مصر يبدأ ببضع عشرات من الجنيهات في أوساط الوظائف الصغيرة مرورا بمئات الآلاف من الجنيهات في دوائر الإدارة العليا وصولا إلي مئات الملايين بل ويتجاوز ذلك إلي المليارات في دوائر القيادات العليا سواء الوزراء أو القيادات العليا بحزب الحكومة.
هذا عن حجم الفساد والفئات التي تمارسه، أما عن التعامل مع هذا الفساد، فنظام الحكم الديمقراطي تتحرك أجهزته فورا عندما تبدو في الأفق بوادر تشير إلي احتمال وقوع فساد، وتفتح الملفات ليطلع الإعلام بحرية كاملة علي تفاصيل وقائع الفساد، وتتحرك مؤسسات الدولة الرقابية والقضائية بحثا عن الحقيقة، ولا يستطيع منحرف أو فاسد مهما بلغت منزلته أن يعرقل التحرك الجاد والأمين لهذه الأجهزة، وعندما تتكشف الحقيقة يساق المنحرفون إلي ساحة العدالة لتقتص منهم وتنزل بهم العقاب الرادع، وعلي الصعيد الاجتماعي يتعرض من ثبت انحرافه لكل ألوان التحقير والازدراء من المجتمع.
هكذا تواجه الدول المحترمة الفساد، فكيف تتعامل أنظمة الحكم الفردية مع الفساد؟! الواقع الذي يعرفه الشعب ويراه رأي العين يؤكد أن نظم الحكم الفردية تبسط ألوانا شتي من الحماية علي كبار المنحرفين، فتمنحهم «حصانة» تغل يد الجهات الرقابية وتمنعهم من الوصول إلي ساحة العدالة، بل وتسن مؤسسات أنظمة الحكم الفردي التشريعات والقوانين التي تمثل مظلة شرعية لعمليات الفساد خاصة ما يتعلق منها بنهب المال العام وثروات الشعب، فإذا بلغ الفساد حدا من الفجور يصعب مساندته علنا، وضعت الخطط الكفيلة بالتظاهر بمحاسبة كبار المنحرفين لامتصاص غضب الشعب وسخطه.
ثم بدأت المؤسسات الرسمية في «ترتيب» الأوراق والمستندات التي تبرر عمليات الفساد الكبري، وحتي إذا لم تستطع الأوراق والمستندات التي تم «ترتيبها» أن تبرئ ساحة الفاسد الكبيرة صدرت التعليمات «السرية» التي تجمد عمليات المحاسبة الجادة!
أما عن النقطة الثانية، فالشواهد تتري كل يوم لتؤكد أن نظام الحكم يسبغ حماية قوية علي كبار المنحرفين.. وإن تفجر بعض قضايا الفساد يعود إلي أن كبار المنحرفين تبلغ بهم الجرأة أحيانا إلي ممارسة عمليات الفساد الكبري بطريقة مستفزة، وبجرأة تجعل من الصعب علي نظام الحكم المجاهرة بحمايتهم.. وهنا تتم عمليات المحاسبة «الظاهرية» لامتصاص الغضب الشعبي، مع استخدام جميع وسائل التضليل والتحايل لحماية كبار المنحرفين من أي عقاب.
الفساد في مصر مؤسسة راسخة، وتستند إلي حماية قوية من نظام الحكم، ويكفي أن نري أن عمليات الفساد الكبري التي نهبت فيها القيادات العليا في الوزارة وحزب الحكومة، هذه العمليات تتم تحت غطاء قرارات وتشريعات تمنح عمليات الفساد «شرعية قانونية» يعلم فقهاء القانون وخبراؤه أنها «شرعية- مزيفة» وأنها مخالفة للدستور وروح القانون!
وفي هذا السياق يكفي أن تتوقف أمام بعض عمليات الفساد الكبري التي كلفت مصر مئات الملايين من الدولارات في قضايا التحكيم الدولي.
يكفي أن نكتشف أن «العقود» التي أبرمت امتلأت بالثغرات بل وبالبنود التي مكنت كثيرين من الحصول علي تعويضات ضخمة دفعتها الحكومة من أموال الشعب المصري.
والسؤال الطبيعي: كيف تمت صياغة هذه العقود؟! ونعرف أن كل وزير أو رئيس شركة أو مؤسسة قطاع عام لديه جيش من المستشارين القانونيين الذين يتولون صياغة هذه العقود وكلهم من مستشاري مجلس الدولة أي أنهم من أصحاب الخبرات المتميزة في مجال صياغة العقود بطريقة لا تسمح بوجود ثغرات! فكيف تمت صياغة هذه العقود المليئة بالثغرات والتي كلفت شعب مصر تعويضات بالمليارات؟!
هل تمت الصياغة بهذا الشكل الرديء لجهل المستشارين القانونيين أم أن المستشارين القانونيين نفذوا أوامر وتعليمات الوزراء ورؤساء المؤسسات والشركات؟!
حاكموا كل من قام بصياغة العقود التي سمحت بنهب المال العام وسرقة ثروات مصر والتي ورطت مصر في دفع تعويضات بالمليارات، محاكمة كل من شارك في صياغة هذه العقود هو المدخل الطبيعي لمحاصرة الفساد، فسوف يكون «رسالة» واضحة ل«ترزية العقود» بأن صياغة مثل هذه العقود الفاسدة سواء بجهل أو تنفيذ لتعليمات شفوية من القيادات الوزارية أو رؤساء المؤسسات والشركات، هذه الصياغة ستعرض من قام بها لمحاسبة صارمة.
المحاسبة الجادة والحاسمة لكل من شارك في الفساد هي الوسيلة الناجعة لمحاربة الفساد.. وبدون هذه المحاسبة لا يمكن أن يصدق عاقل أن الفساد الرهيب الذي تعاني منه مصر هو مجرد حالات فردية، لكنه فساد يرعاه ويحميه النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.