قبل ساعات من نظر استئناف الحكم الصادر بالحبس خمس سنوات لاثنين من المحامين في واقعة نيابة طنطا، فاجأتنا جريدة الأهرام بالنشر في صفحتها الأولي حيثيات حكم أول درجة الصادر ضد المحامين، والتي قالت في عنوانها «ثبوت الاعتداء بالضرب والسب بألفاظ حقيرة للحط من شأن المجني عليه» والغريب أنها نشرت في طبعتها الأولي نص ألفاظ السب والقذف في سابقة لم تحدث، إلا أنها تداركت الأمر في الطبعات الأخري واستبدلت نص الألفاظ بنقط. وعن توقيت نشر الحيثيات وأسلوب نشرها بالأهرام تحديدا قال جمال عيد - مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان: الإعلام الحكومي وعلي رأسه الأهرام لم يكن منحازاً للتهدئة بين القضاة والمحامين، ونشر حيثيات الحكم في محاكمة غير عادلة وقبل ساعات من استئناف الحكم يعني الانحياز لطرف ومحاولة تعبئة الرأي العام ضد المحامين، تماما مثلما حدث في قضية خالد سعيد، فنشر الحيثيات في ذلك التوقيت كأنه تهيئة للرأي العام لقبول الحكم. وأضاف عيد: ليس المطلوب براءة المحاميين، ولكن المطلوب محاكمة عادلة للطرفين المحاميين ورئيس النيابة وليس المحاكمة من طرف واحد. وتعليقا علي نشر الطبعة الأولي بالألفاظ الصريحة للسب والقذف قال عيد: إن الخبر في الطبعة الثانية والثالثة كان أخف وطأة، لكنه في طبعتها الأولي كان فجا وبه انحياز واضح بنشر الألفاظ نفسها، كما أن نشر هذه الألفاظ يعتبر في حد ذاته عقوبة يعاقب عليها القانون، بالإضافة إلي أنها تعتبر تعبئة فجة ضد المحاميين. وأكد ناصر أمين - مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة - أن النشر بهذه الطريقة وقبل ساعات من نظر الاستئناف يعد انتهاكاً لقواعد المحاكمة العادلة، ويمثل في هذه الحالة جريمة تحريض وتأثير في خصومة جنائية، كما نص عليها قانون العقوبات المصري الذي حظر نشر أي معلومات أو بيانات من شأنها أن تؤثر في خصومة جنائية أمام المحاكمة، لأن ذلك به مساس بحقوق المتهمين. وحلل المحامي عصام سلطان قائلا : موضوع الأزمة بين المحامين والقضاة شأنه شأن الموضوعات والقضايا الكبري التي مرت بنا في سنوات متأخرة، من أن كل موضوع يدخل فيه عدد من مراكز القوي أو العصابات أو أصحاب المصالح، كل يعمل في خط مختلف عن الخط الآخر، وفي أزمة المحامين والقضاة هناك عدة خطوط متقاطعة، الخط الأول: يمثله المستشار أحمد الزند ونادي القضاة الذي بدأ بتصعيد رهيب، مع ملاحظة أن الزند «إنتاج حكومي» عبر وسائل الإعلام، فضلاً عن قيامه بزيارة خاصة للدائرة التي أصدرت الحكم وبلاغات للنائب العام عددها أكثر من 1000 بلاغ، وما لبث أن اختفي من الصورة، وتابع سلطان : الخط الثاني هو أيضا من «إنتاج حكومي» وهو حمدي خليفة نقيب المحامين الذي ملأت تصريحاته العنترية كل وسائل الإعلام حتي إن تصريحاته كانت تكذب بعضها البعض. وخط ثالث دخل علي الأزمة وهو الاتصال بالمحاميين المحبوسين حاليا وتوقيعهما أوراق تفيد اعتذارهما للقاضي، وهذا الخط تم تمكينه لزياره المحاميين داخل سجنهما عبر النائب العام. وبالتالي تقاطعت الخطوط وكلها في النهاية خطوط حكومية، وما فعلته جريدة الأهرام حين نشرت هذه الألفاظ في بداية الطبعة الأولي كان لصالح خط من هذه الخطوط وغالبا الخط الأول ( المستشار الزند ونادي القضاة) وحين رفعت هذه الألفاظ جاءتها تنبيهات من خط آخر، بما يكشف التخبط الذي يعبر بصدق عن حقيقة الحالة السياسية التي نعيشها.