لاول مرة يلغى القضاء سقف تحمل الحكومة نفقات علاج الفقراء بدون حد اقصى للنفقات تمشيا مع صحيح الدستورالجديد حيث أصدرت محكمة القضاء الادارى بكفر الشيخ فى جلستها برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة حكمين مهمين لصالح علاج رجل وامراة من المواطنين فى حالات صحية خطرة على حياتهما تطبيقا للدستور حيث قضت بالزام الحكومة بتحمل مصاريف عملية زرع الكلى للسيدة منال عثمان الاخصائية الاجتماعية بالجهة الادارية بكفر الشيخ ومقدارها 125758 الف جنيه و بتحمل الحكومة كذلك مصاريف عملية زرع الكبد للمواطن احمد عفيفى الموظف باحدى الجهات ومقدارها 124295 الف جنيه . كما قضت المحكمة برفض اشكالات الحكومة فى الحكمين اللذين اصدرتهما المحكمة لصالح المواطنين وامرت المحكمة بتغريم الحكومة الف وستمائة جنيه بواقع ثمانمائة جنيه فى كل اشكال .
وقالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين ووليد الطويل واحمد مكرم نواب رئيس مجلس الدولة ان الدستور الجديد جعل لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة وانه يتعين على الدولة دعم الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب كما ان الدولة ملزمة بتخصيص نسبة من الانفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية ,وقد الزم المشرع الدستورى الدولة باقامة نظام تامين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كافة الامراض وليس امراض بعينها على ان ينظم القانون اسهام المواطنين فى اشتراكاته او اعفائهم منها طبقا لمعدلات دخولهم , ولاهمية صحة المواطنين جعل المشرع الدستورى الامتناع عن تقديم العلاج باشكاله المختلفة لكل انسان فى حالات الطوارئ او الخطر على الحياة جريمة جنائية يتعين انزال العقاب على مرتكبيها.
واضافت المحكمة ان رئيس هيئة مستشارى مجلس الوزراء افاد فى كتابه ان رئيس مجلس الوزراء حدد مساهمة الدولة فى تكاليف العلاج ب 12 الف يورو فى دول الاتحاد الاوروبى و50 يورو بدل سفر وفى باقى دول العالم ب12 الف يورو و60 يورو بدل سفر عن كل ليلة تقضى خارج جدول العلاج وفى داخل جمهورية مصر العربية هى خمسون الف جنيه وان هذا التحديد فيه ما يتعارض مع حق العلاج والرعاية الطبية المنصوص عليها فى الدستور والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة والتى وقعت عليها مصر اذ لا يمكن باى حال من الاحوال امام سطوة المرض وجبروته الذى لا يرحم ان تضع الدولة حدا اقصى لما تلتزم به هيئة التامين الصحى من نفقات لعلاج للمواطنين لما فى ذلك من اخلال جسيم بحقهم الدستورى طالما الزمت الدولة به نفسها فى الدستور فى الحالات الخطرة على حياتهم او حالات الطوارئ خاصة اذا كانت هذه المبالغ غير كافية لعلاجهم سيما فى الحالات التى ترتفع فيها تكاليف العلاج بشكل كبير يفوق قدراتهم المالية .
واكدت المحكمة فى حكميها الرائعين انه لا ينال مما تقدم ما يمكن ان تتذرع به الحكومة من قلة الموارد المتاحة باعتبار ان صحة المواطنين خاصة الفقراء اهم واغلى من المال والا لما نص عليه الدستور الجديد بعد ثورتين متتاليتين لتحقيق العدالة الاجتماعية بين الجميع ومن ثم يغدو قرار رئيس مجلس الوزراء وكافة القرارات الوزارية للحكومة التى تضع حدا اقصى لما تتكبده الدولة من نفقات لعلاج المواطنين خاصة الفقراء منهم تخالف الدستور ولا يمكن باى حال الاخذ بها او الوقوف امامها برهة من الزمن حفاظا على حياة المواطنين من الهلاك واحتراما لمبدا التدرج فى التشريع الذى ياتى الدستور على قمته .
واختتمت حكميها ان المحكمة قد استشعرت تعمد الحكومة المستشكلة استعمال الحق المخول لها قانونا باقامة الاشكالين الماثلين والاصرار على المضى فيه حتى النهاية ابتناء على اسباب مؤداها معاودة المجادلة فيما قضى به فى الحكمين المستشكلين فى تنفيذهما على نحو يؤدى الى عرقلة تنفيذهما دون الاعتناء بالالتزام الدستورى الملقى على عاتقها بموجب الدستورالجديد .