كل أفراح العرب الوهمية بأن إسرائيل سوف تكشف عن ترسانتها النووية بمقتضي توصيات مؤتمر الحد من الانتشار النووي أخذها الغراب الأمريكي وطار بعد وعده إسرائيل باستمرار حمايتها أمريكا تدعم البرنامج النووي الصهيوني وتتعاون مع تل أبيب لتطوير صواريخ بعيدة المدي ثم تخدع العالم وتتحدث عن برنامج نووي إيراني لا وجود له قادة العالم فى مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى توصل مؤتمر مراجعة معاهدة الحد من الانتشار النووي الذي عقد يوم الجمعة الماضي إلي اتفاق هو الأول من نوعه منذ عشر سنوات، يتناول بصورة خاصة نزع السلاح وإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وأقر المؤتمر بالإجماع بياناً ختامياً من 28 صفحة تضمن أربع خطط عمل بشأن كل من المحاور الرئيسية الثلاثة في معاهدة الحد من الانتشار النووي وهي: نزع الأسلحة ومراقبة البرامج النووية الوطنية للتحقق من أهدافها السلمية والاستخدام السلمي للطاقة الذرية، وإقامة شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي. الأمر المهم في هذا البيان الختامي هو خطة العمل المتعلقة ب (إقامة شرق أوسط خال من السلاح النووي) التي وافقت عليها 189 دولة من 192 دولة، لسبب وحيد هو أنه لأول مرة يتم النص علي ذكر اسم (إسرائيل) بالحرف وحدها دون باقي دول المنطقة ومطالبتها بالانضمام للمعاهدة ووضع كل منشآتها النووية تحت التفتيش الدولي، ونص الوثيقة علي تنظيم مؤتمر دولي عام 2012 «يفترض أن تشارك فيه جميع دول المنطقة وأن يفضي إلي قيام منطقة منزوعة السلاح النووي يفترض أن تشمل إسرائيل تحديدا». فبحسب الوثيقة - التي لعبت مصر وإيران دورًا كبيرًا في خروجها للنور - «من المهم أن تنضم إسرائيل إلي المعاهدة وتضع كل منشآتها النووية تحت الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية»، ولا تذكر الوثيقة إيران تحديداً رغم مخالفتها قرارات الأممالمتحدة التي تطالبها بتعليق نشاطاتها النووية الحساسة وبإثبات الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، وهو ما أغضب الأمريكان وجعلهم يعلنون أسفهم لذكر اسم إسرائيل تحديدًا، ويعتبرون أن ذكر اسمها يفشل جهود إخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي!. والغريب أن الصهاينة لم يعلقوا مباشرة علي هذا الأمر وإنما تركوا التعليق للجانب الأمريكي قائلين إنهم يتوقعون صدور بيان أمريكي يرد علي الوثيقة (!)، وهو ما لم يتأخر عندما صدر بيان أمريكي يقول إن (أمريكا تأسف لذكر إسرائيل وحدها في إعلان الاتفاقية النووية لعدم توقيعها علي الاتفاقية). بل إن مسئولاً أمريكيًا كبيرًا شكك في فرص انعقاد مؤتمر حول إقامة منطقة منزوعة السلاح في الشرق الأوسط عام 2012، وقال غاري سامور - مستشار البيت الأبيض لشئون منع الانتشار النووي - متحدثًا إلي الصحفيين عبر الهاتف من واشنطن «لست أدري إن كان المؤتمر سيعقد يوماً»، وزعم أن الولاياتالمتحدة لا تريد لمثل هذا المؤتمر أن يفشل، لكنها لن تساهم برعايته كما وعدت إلا «إذا كانت الظروف ملائمة لانعقاده»!. ويبدو أن هذه الظروف الملائمة كانت هي إلغاء ذكر اسم إسرائيل في الوثيقة بحيث يظل العقل الغربي متجهًا نحو إيران التي لا تمتلك أسلحة نووية ويترك إسرائيل التي تمتلك 300 رأس نووي، وهو ما حاول نائب الرئيس جو بايدن ومستشار الأمن القومي الجنرال جيم جونز إبلاغ السفراء العرب في واشنطن به عندما قال لهم » لو أصررتم علي ذكر إسرائيل في البيان الختامي لمؤتمر المتابعة، فإن ذلك «سيجعل من الصعب جدا علي إسرائيل المشاركة في هذا المؤتمر» حول الشرق الأوسط، وهو ما يعني أنه لو عقد مؤتمر كهذا فلن تحضره إسرائيل أو أمريكا ولن ترعاه أمريكا وسيكون مؤتمر «طق حنك» كعادة المؤتمرات المشابهة التي عقدت كثيرًا ولم تنتج شيئا!؟. فالمشكلة الحقيقية هي أن أمريكا وقعت علي اتفاق تفاهم مع إسرائيل منذ عام 1969، تمتنع بموجبه الولاياتالمتحدة عن الضغط علي إسرائيل للكشف عن ترسانتها النووية أو لتوقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، مقابل «أن تقبل الولاياتالمتحدة بالتستر علي البرنامج النووي الإسرائيلي، طالما فرضت الدولة الإسرائيلية نطاقاً من السرية التامة علي قدراتها النووية وعدم إجراء أي تجارب نووية». فمنذ توقيع هذا الاتفاق التزمت تل أبيب بما يسمي (سياسة الإخفاء المتعمد) فيما يخص برنامجها النووي وظلت ترفع شعار السرية حول أي حديث عن نشاطها النووي بطلب واشنطن، وهو ما أفادها ضمنًا في تشكيل سياسة ردع ضد العرب حيث تخيفهم بترسانتها النووية التي تسرب أخبارًا عنها للصحف العالمية كلما اشتدت الأزمات وتصاعدت الحروب في حين لا يعلن مسئولوها شيئا رسميا سوي التزامهم بهذه السياسية السرية وفق الاتفاق مع أمريكا. وقد نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» يوم 21 أكتوبر الماضي 2009 أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، جدد التزامه بسياسة إدارات واشنطن السابقة بالحفاظ علي سرية البرنامج النووي الإسرائيلي وعدم إلزام الدولة العبرية بتوقيع معاهدة الحد من نشر النووي، ونقلت الصحيفة «أن أوباما جدد الالتزام القائم منذ أربعة عقود كتابة خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض في مايو 2009!. ولهذا فكل ما أثير من فرحة وما أقيم من أعراس وهمية لدي البعض متصورا أن الدولة الصهيونية سوف تكشف عن ترسانتها النووية عن طيب خاطر لأن 189 دولة من دول الأممالمتحدة ال 192 طالبوها بذلك، هو وهم كبير أو فرحة أخذها الغراب الأمريكي وطار بها لإسرائيل ووعدها باستمرار الحماية لبرنامجها النووي!. فالمشكلة هي الدعم الأمريكي للبرنامج النووي الصهيوني وحمايته بل التعاون مع تل أبيب في تطوير صواريخ بعيدة المدي تطال غالبية الدول العربية والإسلامية، ثم بعد هذا خداع العالم والحديث عن نووي إيراني لا أثر له وبرنامج صاروخي إيراني هو حق لها لحماية نفسها من المغامرات الصهيونية والأمريكية!. وبرغم اعتراف مسئولين صهاينة «بأن مضمون البيان يشكّل تحولاً ضد إسرائيل»، فهم أكدوا بدورهم - في صحفهم - أن (هذا التحول هو تحول كلامي فقط ولن يؤدي علي الأرجح إلي اتخاذ خطوات علي الأرض»، واتهموا الدول العربية ب «استغلال ضعف دول الغرب المنشغلة في مسألة تشديد العقوبات علي إيران، وانتزاع تنازلات تتعلق بإسرائيل منها»!. والعجيب أن تظل هذه الحماية الأمريكية للنووي الصهيوني في الوقت الذي تتكشف فيه كل يوم خفايا البرنامج النووي الصهيوني، وآخره ما كشفته صحيفة «الجارديان» البريطانية، قبل أيام - بموجب وثائق مفرج عنها لحكومة جنوب أفريقيا العنصرية السابقة - تؤكد أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، حاول عام 1975 بيع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قنابل نووية، ما يعني أن الصهاينة لديهم قنابل نووية منذ السبعينيات وربما الستينيات - تاريخ التعهد الأمريكي بحمايتهم مقابل سياسة الغموض النووي الصهيونية!. فالوثائق، التي كشفها الباحث الأمريكي ساشا سورانسكي، تؤكد أن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز أدار اتصالات متقدمة مع وزير الدفاع الجنوب أفريقي بي في بوتا، في موضوع التعاون النووي بين الدولتين، وأن الوزير بوتا طلب من بيريز أن يزود بلاده برؤوس متفجرة نووية، وأن بيريز اقترح عليه تزويد بلاده ب«ثلاثة أحجام» وأن المسئولين وقعا علي اتفاق تعاون أمني نووي سري!.