«مش بعيد أن يتم القبض علي نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد وحبسه في ظل وجود 34 مادة في قانون العقوبات تتيح حبس الصحفيين».. هكذا قال الكاتب الصحفي عادل حمودة - رئيس تحرير جريدة الفجر - في الندوة التي عقدت للتضامن معه مؤخرا بنقابة الصحفيين، في القضية المرفوعة ضده من رئيس البنك الأهلي، والتي طالب حمودة خلالها بإنشاء محاكم مختصة بنظر الدعاوي القضائية المقامة ضد الصحفيين وكان ذلك قبل التوصل إلي تسوية بين الطرفين. تزايد عدد القضايا المقامة ضد الصحفيين مؤخرا حتي وصل إلي 520 دعوي أمام القضاء في 2009، بحسب جمال عيد - مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان - وهو ما دفعنا للبحث عن أسباب وصول الدعاوي المقامة ضد الصحفيين لهذا الكم، في ظل المواد التي تعرض الصحفي للحبس في قانون العقوبات وغيره، فضلا عن مناقشة مطلب حمودة وجدواه وكيفية تطبيقه خاصة في ظل حبس رئيس تحرير جريد البلاغ الذي تم الأسبوع الماضي. عاجل حمودة وتحدث في البداية ل «الدستور» عن فكرته مؤكدا أن الموضوع ليس جديداً، مشيرا إلي أن حرية الصحافة كانت تتعرض لنفس المشاكل في العصر الليبرالي قبل الثورة، وكان هناك ما يطلق عليه «نيابة الصحافة» لتختص بقضايا النشر، لكنها اختفت بعد تأميم الصحف في الستينيات تقريبا وابتكار ما كان يطلق عليه «الرقيب»، ولم تظهر قضايا نشر من وقتها إلا بعد ذهاب الرقيب وبداية عصر حرية الصحافة. ويري حمودة ضرورة عودة هذه الفكرة خصوصا أن بعض القضايا بها التباس مثل قضية «السب والقذف» فأحيانا تجد عبارة ينطبق عليها ذلك وأحيانا لا، ولذلك فهي جريمة تقديرية، ومن ثم إذا كان القاضي متخصصا ومن خلال خبرته فبإمكانه تقدير الأمور بخلاف من يحقق في قضايا السرقة والقتل والنشر معا. ويضيف حمودة: «زي ما حسوا إن الاقتصاد أصبح مسألة معقدة جدا وعملوا محاكم اقتصادية، لماذا لا تكون هناك محاكم لقضايا الرأي». جمال فهمي عضو مجلس نقابة الصحفيين انتقد الوضع الحالي للصحفيين مع قضايا النشر ووصفه ب «الكوميدي» في ظل إتاحة القانون لحق الرد، مؤكدا أنه لا يعقل أن أي شخص يعترض علي ما يكتب عنه «يجري علي النائب العام» واصفا ذلك بالتفكير القمعي. ويضيف فهمي «الغريب أن من يذهبون للنيابة كل يوم أو بهوات النخبة اللي كل ما يقروا الجرنان يجروا علي النيابة، هم في النهاية شخصيات سياسية تدعي الليبرالية ومناصرة حرية التعبير. ويتفق الدكتور محمد نور فرحات - أستاذ القانون والخبير الدستوري - مع حمودة ويري أنه من الأفضل أن تخصص دوائر معينة لقضايا الرأي لأن الاتجاه الآن هو «تخصص القاضي»؛ حيث أنشئت محاكم الأسرة والمحاكم الاقتصادية، مضيفا «كلما كان القاضي متخصصا في نوعية معينة من القضايا كلما كان أكثر كفاءة في التعامل معها».