المدينة الجامعية بجامعة حلوان تعلن استعدادها لاستقبال الطلاب    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية بمستهل تعاملات اليوم    خبير: التنمية السياحية في جنوب سيناء تحتاج جهد الدولة مع القطاع الخاص    «حزب الله» يعلن قصف مقر الموساد في تل أبيب    أسوشيتيد برس: النصر الذي تطمح إليه إسرائيل على حزب الله ربما يكون بعيد المنال    فتح الله يوجه نصيحة لدفاع الزمالك قبل السوبر الأفريقي    وفاه شخص أثر انقلاب سيارة ملاكى فى ترعة بمركز صدفا فى أسيوط    عاجل - أجواء خريفية حارة تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس حتى نهاية سبتمبر    القبض على سائق متهم بالتحرش بفتاة في منطقة الدقي    تحذيرات من تلوث مياه الشرب: هل هي حقيقة أم شائعات؟    وزارة الداخلية تقرر رد الجنسية المصرية ل 36 مواطن    استشاري يحذر من الخلافات الأسرية: تصيب الأطفال بالانطوائية والعنف    إيساف يستقبل العزاء في شقيقه اليوم    نجم الزمالك السابق: قلقان من أفشة وهاني لما بيسيب مركزه بيغرق    تداول 12 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مدبولي يستمع لشرح موضوع في اللغة العربية عن الوطن بمدرسة متولي الشعراوي بالسلام    السوبر الأفريقي.. جوميز يحسم حيرة مركز الظهير الأيسر في الزمالك    صحة المنوفية: إدارة المتوطنة تقدم خدماتها ل 20 ألف مواطن خلال أسبوع    استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة آخرين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    الكيلو وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف موعد انخفاض أسعار الطماطم    انخفاض أسعار البيض اليوم الأربعاء في الأسواق (موقع رسمي)    وزير الدفاع والإنتاج الحربي يشهد حفل تخرج الدفعة 166 من كلية الضباط الاحتياط    تفاصيل الحالة المرورية اليوم: زحام في المنيل وسيولة أعلى كوبري أكتوبر    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    "ظهور محتمل لعبد المنعم وصلاح".. جدول مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة    صالون «إسراء» أول محجبة مذيعة على قناة قبطية أمريكية!    إيمان العاصىي عن مسلسل برغم القانون : آمنت بالمشروع من أول حلقة وقلت أنا همضى إمتى    حكم الصلاة بالتاتو والوشم    مستقبلك مصري، جامعة الأقصر تدشن ندوة تثقيفية لتفعيل مبادرة بداية (صور)    وزير الصحة يبحث سبل تعزيز في ملف تطوير الصناعات الدوائية    قطر تنضم لبرنامج الإعفاء من تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية    وزير الخارجية الصيني: سنواصل الدفع نحو وقف إطلاق النار في غزة    كاتب صحفي: مصر حريصة على تدريب كفاءات جديدة عن الأمن السيبراني    مصر سابقة بالتجهيزات.. قضايا الأمن السيبرانى أصبحت أساسية بمنظومة الأمن القومى للدول    تحذير بريطاني لمواطنيها: مغادرة لبنان فورًا    هل نقص المغنسيوم في الجسم يهدد حياتك؟    «الوطنية للإعلام» تنعى الإعلامي أيمن يوسف    هكذا احتفل محمود البزاوي بعيد ميلاده.. صورة    تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله: إنذارات وصواريخ وعمليات قصف    أبطال فيلم عنب يحتفلون بالعرض الخاص قبل عرضه اليوم بالسينمات (صور)    خلال تبادل إطلاق نار.. مصرع متهم هارب من أحكام قصائية في قنا    بأسلوب كسر الباب.. سقوط لصوص المنازل بحلوان    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 25 سبتمبر 2024    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    أنقرة: الصراع الأوكراني يهدد بمواجهة عالمية طويلة الأمد    برنامج تدريبي لأعضاء هيئة التدريس عن التنمية المستدامة بجامعة سوهاج    تحرك عاجل من كاف قبل 72 ساعة من مباراة الأهلي والزمالك بسبب «الشلماني»    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 12 - 2013

يمكن أن نقولها ببساطة.‎لا تغيير بدون عدالة انتقالية.. فالعبور من الاستبداد إلى الديمقراطية لا يعنى تغيير الحاكم، أو وجوه الحاشية، أو استبدال عصابة بجماعة، وجماعة بعصابة.

‎التغيير ليس صناديق انتخابات، بقدر ما هو تفكيك بنية استبداد حاكمة، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات بينما يبقى العفن يحتل البيت، ويعيد إنتاج المستبد كل مرة بوجه جديد.

‎العدالة الانتقالية هى جسر العبور من الاستبداد إلى الديمقراطية، وهى ليست، كما فهمها مسؤول كبير فى حكومة عصام شرف، مجرد وسيلة للتصالح مع رجال الأعمال الهاربين، وفى مقابلة مع نفس المسؤول كنا نقدم فيها مشروع ناصر أمين عن «العدالة الانتقالية» لم يلتقط منه إلا مادة مقاله الأسبوعى الذى كتب فيه عن المصالحة مع الهاربين.

‎يتعطل مشروع العدالة الانتقالية كجزء من عملية عرقلة أو فرملة التغيير، ولهذا كان القرار الأول بعد سقوط مبارك هو اختيار القضاء العادى لمحاكمات ما بعد الثورة.

‎القرار كان جزءًا من خطة السيطرة على الثورة (حتى لو كانت نية مساندتها صادقة ومخلصة).

‎القرار كان يعنى: وضع حصان جامح فى حلبة ضيقة، وإجبار الثورة التى غيّرت هندسة الشوارع على السير فى إشارات المرور.

‎كيف يمكن محاكمة نظام بنفس القوانين التى وفرت له الحماية الكبيرة طوال 30 سنة؟

‎وهل يمكن لنظام قضائى عاش معاناة طويلة من سيطرة مبارك وتليفوناته وأوامره وتدخلاته أن يتخلص من الميراث الثقيل فى أيام ويحقق عدالة الثورة؟

‎المسار الطبيعى للمحاكمات هو البراءة، لأن القوانين فى عصر مبارك صُممت على حماية النظام، أو مساعدة النظام فى ترويض المجتمع.

‎واصطياد رجال مبارك فى مزرعة طرة لا هدف له إلا التهدئة، لأن الثورات لا تقيم عَدْلها بالمسار الطبيعى.

‎ولا يعنى هذا المطالبة بمحاكمات الثورة، وضرب استقلال القضاء وسيادة الانتقام بدلًا من سيادة القانون.

‎نعرف أن الثورة لن تنجح إلا بالعدالة، ونعرف أن من حق القاضى صاحب أحكام البراءات أن يعلنها بقوة: «لن أتأثر بصوت الشارع».

‎لأن التأثر فى الأحكام بصوت الشارع أو همسات (أوامر) السلطة ضد استقلال القضاء وسيادة القانون.

‎لكن الثورة ليست معركة عابرة بين وجهتَى نظر، إنها التغيير الكبير الذى يعدل كل المسارات من أجل إعادة بناء جديدة.

‎الثورة لا يمكنها أن تتوقف عند الانتقام من مبارك وكلاب حراسته القتلة وعصابته التى تشعر بالغدر، لأن جنتها سُرقت منها.

‎الثورة تحتاج إلى عدالة انتقالية.

‎وهى العدالة التى لا تعنى الانتقام، أو التطهير، ولكنها تهتم بالحقيقة، أى معرفة ما حدث، لكى لا يتكرر ذلك، وإعادة بناء مؤسسات حوَّلها الاستبداد إلى «مستوطنات عفن».

‎هى عدالة تستوعب الانفجار الكبير الذى خرج فيه المصريون يوم 25 يناير، مطالبين بدولة محترمة، يتحقق فيها «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، دولة لا يكون ثمن الأمن فيها كرامة، ويركب فيها القوى على ظهر الضعيف ويدفنه فى متاهات اليأس والإحباط، عدالة تستلهم الثورة لا تحاول استيعابها بمحاكمة أكباش فداء فى قضايا يظهر كل يوم أنها عشوائية وضعيفة، كان معروفا من البداية أن مصيرها هو البراءات.

‎فلا قوانين تُلزم أجهزة الدولة بالإفصاح عن الحقيقة، والأوراق فى صناديق سوداء، والحقيقة فى سراديب سرية، والعدالة تعانى من الاستبداد.

‎العدالة مفهوم أكثر تطورًا من «القصاص» لأنها تتضمن العقاب وتضمن أن لا تكرر الجريمة، وأيضا تعيد إدماج المجرم فى المجرم عبر «التهذيب والإصلاح»، أى أنها تجاوز المفهوم الأوَّلى للقصاص وتدفعه إلى مستويات تسهم فى تطور المجتمع وتحارب الجريمة.

‎والعدالة الانتقالية عرفتها بلاد أخرى عاشت لحظة التغيير الكبرى مثل جنوب إفريقيا وتشيلى والمغرب.. وكان هدفها الأول: تحقيق عدالة توفر ظروف إعادة بناء نظام جديد.

‎العدالة العادية لا تصلح للثورات.

‎والانتقام لا يحقق العدالة.

‎والعدالة الانتقالية هى منهج علمى يسهم فى هدم النظام القديم، ويمهد الأرض لنظام جديد عبر 5 مراحل تطبق فى مؤسسات الدولة الرئيسية (الشرطة والقضاء والإعلام):

‎1- التطهير والمحاكمات: لكل من ارتكب جرائم قتل وفساد بشكل مباشر.

‎2- الاعتراف: لكى نعرف حقيقة ما جرى، ليس من أجل النميمة فقط، ولكن من أجل أن لا يتكرر ما حدث.

‎3- إعادة الهيكلة: لوضع أسس جديدة فى بناء هذه المؤسسات تسوعب العناصر كلها وفق معايير لا تحرم أحدًا من فرصة التغيير، لكنها لا تتيح له استعادة السلطة من جديد.

‎4- التعويض (القانونى والمالى والمعنوى لضحايا النظام السابق).

‎5- الذاكرة: اختيار علامات أو أماكن تذكارية مثل أحد الأقسام أو مقرات الحزب الحاكم.. لتكون، بحالتها، رمزًا كما حدث مع محارق النازى، التى تُركت على حالها لكى تراها الأجيال ولا تكررها.

وأُنهى كما بدأت: بدون عدالة انتقالية.. لا تغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.